لا تفوت وسائل الإعلام الأجنبية المعادية لمصر أى فرصة إلا وانتهزتها لتوجيه ضربات متلاحقة لصناعة السياحة المصرية، وبخاصة كلما بدأت أى ملامح لتعافى هذه الصناعة. حدث هذا بوضوح فى حادث الغردقة الذى تسبب فى مقتل وإصابة عدد من السائحين من جنسيات مختلفة، الذى أسفر عن اعتقال منفذ الهجوم، الذى لا يفترض أنه أحدث أى تأثير سلبى فعلى على سفر ورحلات السائحين إلى هذا المنتجع الساحر الواقع على البحر الأحمر، ولا حتى على حجوزات السفر من أوروبا إلى هذا المكان، بما فى ذلك دول القتلى والمصابين، لسبب واضح هو أن أداء الشرطة المصرية فى هذا الحادث كان متميزا، فضلا عن كونه فى النهاية حادثا فرديا لم تتضح أسبابه بالكامل بعد. إلا أن وسائل الإعلام الأربع الأجنبية الكبرى الرئيسية : رويترز وأسوشيتدبرس وسى إن إن وبى بى سى كان لها رأى آخر تماما فى تناولها الحادث وما بعده، فبالإضافة إلى أن التغطية كانت مكثفة على غير العادة فى حوادث مماثلة وأكبر من ذلك تقع فى مناطق أخرى من العالم، استغلت الوسائل الأربع الحادث للتلويح لإمكانية مساهمة هجوم الغردقة فى إحباط جهود مصر لاستعادة حركة السياحة الوافدة إليها، وهو نهج لا تتبعه هذه الوسائل الإعلامية «المرموقة» فى تغطيتها لأحداث مماثلة فى تونس مثلا أو فى تركيا. وقالت وكالة «رويترز» فى تقريرها يوم 14 يوليو 2017 إن مصر كانت تأمل فى أن تؤدى التحسينات التى تم إدخالها على أمن المطارات وانخفاض قيمة الجنيه المصرى إلى زيادة عدد السائحين الذين يزورون البلاد للاستمتاع بشواطئها ومواقعها الأثرية، بحيث يصل عددهم إلى المستويات التى كانت عليها قبل 2011. أما وكالة أسوشيتدبرس فلجأت إلى حيلة أخرى للإضرار بالسياحة المصرية بشكل متعمد، إذ انها بثت يوم 14 يوليو 2017 خبرا بعنوان «مسلحون يقتلون خمسة من رجال الشرطة فى منطقة تضم أقدم الأهرامات فى مصر ومقتل سائحتين أوكرانيتين فى الغردقة»، ويلاحظ هنا أن الوكالة تعمدت الربط بين حادث البدرشين الإرهابى بالسياحة بطريقة فجة للغاية، وأضافت فى سياق التقرير نفسه أن الهجمات التى وقعت قد تؤثر على صناعة السياحة التى تناضل بالفعل وتعد إحدى دعامات الاقتصاد المصرى بفضل توظيفها لملايين الأفراد. ولم تتوقف الوكالة الأمريكية عن ذلك، بل مضت فى طريقها قائلة إن السياحة فى مصر «تعانى بالفعل من جراء انعدام الاستقرار السياسى والوضع الأمنى الهش فى البلاد منذ أحداث الربيع العربي»، وفات الوكالة أن تقول إن هذه الأحداث وهذا الربيع دعمته أمريكا ودول الغرب وما زالت تدعمه حتى يومنا هذا! واتخذت هيئة الإذاعة البريطانية نهجا أكثر غرابة فى إبراز صورة انهيار الأمن فى مصر، وكأنها تتحدث عن اليمن أو سوريا أو ليبيا، فبثت يوم 14 يوليو تقريرا بعنوان صادم يقول «كنائس مصر تغلق أنشطتها مؤقتا بسبب مخاوف أمنية»، حول قرار الكنائس القبطية والإنجيلية فى مصر بتعليق بعض أنشطتها لأسباب أمنية، بعد تلقيها تحذيرات بإمكانية استهدافها، أى أن الوكالة استخدمت عنوانا يوحى بعكس ما فى نص الخبر، يفيد – على عكس الحقيقية – أن جميع أنشطة كنائس مصر توقفت بشكل كامل بسبب الخوف من عمليات إرهابية، علما بأن كل ما توقف، وبشكل مؤقت، هو بعض الأنشطة، وعلى رأسها الرحلات الكنسية، وبخاصة فى الأماكن النائية. والمثير أن رويترز أيضا اهتمت للغاية بنبأ مقتل سائحة تشيكية فى حادث الغردقة يوم 27 يوليو 2017 متأثرة بإصاباتها فى الحادث، وأصرت على بثه فى نفس اليوم الذى تم فهى بث خبر رفع الحظر البريطانى على السفر لتونس، والهدف إعادة تذكير المواطنين الغربيين بأن مصر ليست آمنة! وكانت الوسائل الإعلامية الأربع نفسها قد بذلت قبل ذلك جهدا خارقا فى تضخيم قضية انتشار قناديل البحر على سواحل مصر الشمالية بهدف إثارة الذعر لدى السائحين، وضرب موسم السياحة العربية بالذات، حيث بثت الكثير من التقارير عن الموضوع، واعتمدت فى معظم تغطيتها على ما تبثه مواقع السوشيال ميديا من أخبار بعضها صحيح وأكثرها خاطيء، وحتى عندما انحسرت الظاهرة، وتبين عدم خطورتها، لم تكلف أى وسيلة إعلامية منها نفسها ببث ولو خبرا بسيطا يفيد بانتهاء المشكلة، فيما يخالف الأمانة المهنية المفروض توافرها!