تبذل وسائل الإعلام الأجنبية جهدا خارقا منذ أكثر من عام لإظهار مصر على أنها بلد غير آمن للسائحين والزوار الأجانب بشكل عام.وعلى الرغم من أن الإرهاب لا مكان له، وأنه لم يعد هناك بلد فى العالم بمأمن من العمليات الإرهابية التى طالت حتى الآن فرنسا وبلجيكا وألمانيا والولايات المتحدة وتركيا وتونس وغيرها من الدول . فإن هذه الدول لم تخضع لنفس حملة «التركيز» الإعلامى المتبعة مع مصر لضرب السياحة فيها، بل نذكر أن بعض تقارير وسائل الإعلام الأجنبية كانت تتعمد الحديث عن سرعة تعافى قطاع السياحة فى فرنسا وبلجيكا وتركيا بعد ساعات قليلة من وقوع هجمات إرهابية، دون مبرر واضح! وإضافة إلى هذه المحاولات، تلجأ وسائل إعلام غربية إلى افتعال أزمات وتضخيم أحداث قد تكون صغيرة للوصول إلى الهدف الذى تريده، ومن ذلك ما فعلته هيئة الإذاعة البريطانية «بى.بى.سى» الشهر الماضى عندما أمعنت فى التركيز على إبراز مزاعم حول تسمم طفلة بريطانية تدعى إيميلى بريدجز إثر تناولها طعاما فى منتجع سياحى بالغردقة، بما سيؤدى إلى إجرائها عملية جراحية فى بلدها عبارة عن عملية «زرع كلى»! وتعمدت الشبكة البريطانية فى تغطيتها لهذا الخبر «التافه» ترسيخ انطباعات سيئة حول أوضاع المنتجعات السياحية المصرية. وفى الإطار نفسه، ركزت بى.بى.سى. أيضا على ما وصفته بعدم تجاوب القيادة المصرية مع رغبة الحكومة الأيرلندية فى إطلاق سراح أحد مواطنيها، وهو المدعو إبراهيم حلاوة، المتهم بالإرهاب، والذى يحاكم فى قضية أحداث مسجد الفتح برمسيس. وبالتأكيد، فالهدف من وراء نشر مثل هذه الأخبار والمعلومات هو إبطال أى محاولة للتفكير، مجرد التفكير، فى عودة السائحين البريطانيين إلى شرم الشيخ، علما بأن تقارير الصحف البريطانية عن وجود قصور أمنى مزعوم فى مطار شرم الشيخ لم نشهد مثلها ولا حتى ربعها فى حوادث شهدت تقصيرا أمنيا فاضحا، وتحديدا ما حدث فى مطار بروكسل ومطار اسطنبول. وحتى وكالة أسوشييتد برس للأنباء، لجأت لحيلة غريبة ل«حشر» اسم مصر فى كارثة وقعت بالولايات المتحدة، عندما نشرت يوم 30 يوليو الماضى تقريرا عن حادث تحطم منطاد سياحى فى ولاية تكساس، لتنوه إلى حادث منطاد الأقصر الذى وقع فى فبراير 2013. وسارت على نهجها شبكة «سى.إن.إن.» الأمريكية التى لم تنس فى تغطيتها حادث منطاد تكساس أن تشير إلى أن «حادثا أسوأ منه» وقع فى الأقصر عام 2013 وأسفر عن مصرع 19 شخصا، فى حين أن حادث تكساس أسفر عن مقتل 16 فقط! ولم تتوقف محاولات «حشر» اسم مصر فى أى كارثة عند هذا الحد، بل وصل الأمر لدرجة تركيز وكالة «رويترز» فى تقرير لها عن ضبط إرهابيين مشتبه فيهم بالبرازيل يهددون دورة الألعاب الأوليمبية على جزئية غريبة للغاية تقول إن اثنين فقط من المشتبه فيهم كانا قد التقيا ببعضهما البعض عندما ذهبا لتعلم اللغة العربية فى مصر عام 2012 بعد اعتناقهما الإسلام، وأن أحدهما أمضى فى مصر ستة أشهر!كما لجأت سى.إن.إن. أيضا إلى نشر التقارير التى تطعن فى سمعة «مصر للطيران» بعد حادث طائرة باريس، فعلى الرغم من أن الطائرة تحطمت فى مياه البحر المتوسط وهى فى طريقها من فرنسا إلى مصر، فإن المحاولات لم تتوقف من أجل استبعاد شبهة الإرهاب وراء الحادث، لأنه فى هذه الحالة سيكون بعيدا عن مسئولية السلطات المصرية، بعكس ما حدث فى حادث الطائرة الروسية فى سيناء، فكان التركيز منذ اللحظة الأولى على أن الحادث ناجم عن خطأ ما حدث على متن الطائرة، ولذلك، تلقفت سي.إن.إن بسعادة المعلومات التى تم نشرها فى يوليو الماضى بأن السبب فى حادث الطائرة المصرية هو اندلاع حريق على متنها، وليس العمل الإرهابي. وفى السياق نفسه، ولكن من زاوية أخري، نشرت أسوشييتدبرس تقريرا بتاريخ 13 يوليو الماضى عن شراء مصر تسع طائرات بوينج ب864 مليون دولار، حيث لم يفت الوكالة الأمريكية التنويه فى الخبر نفسه، الذى يعكس ثقة الشركة المصرية فى قدراتها، بأن الشركة كانت قد تكبدت خسائر فادحة بعد تحطم طائرتها القادمة من فرنسا فوق البحر المتوسط! وقبل أيام أيضا، استغلت «بي.بي.سي.» واقعة اقتحام مران الأهلي، وصورته على أنه محاولة لترويع الهولندى مارتن يول مدرب الفريق الأحمر والأشهر فى مصر، وعلى الرغم من أن يول لم يغادر القاهرة سريعا بعد الواقعة، بل أكد أنه لم يشعر بالخوف من اقتحام الجمهور للمران، فإن بى.بى.سى. صورت الأمر بأن يول خائف على حياته فى مصر، علما بأن مصر بها كثير من المدربين الأجانب الآخرين الذين يمارسون عملهم دون أى مشكلات أمنية، على رأسهم الأرجنتينى هيكتور كوبر المدير الفنى لمنتخب مصر.