على الرغم من فشل دعوات التظاهر فى 11 نوفمبر الحالي، فإن وسائل الإعلام الأجنبية لم تظهر يأسا من محاولاتها الترويج لفكرة اندلاع انتفاضة شعبية جديدة فى أى وقت تحت وطأة الأوضاع الاقتصادية الصعبة.لم تعترف وسائل إعلام غربية كبرى على ما يبدو بالقرار المذهل الذى اتخذته الأغلبية العظمى من المصريين فى ذلك اليوم بتجنب النزول فى مظاهرات غاضبة تحت عنوان مشبوه وضعته جماعة «الإخوان» الإرهابية ومن حالفها من «الطابور الخامس» وبعض ضعاف النفوس من تيارات وائتلافات. وحاولت أولا إيجاد المبررات الواهية لفشل ذلك اليوم فى تحقيق السيناريو المرجو منه، وما زالت تحاول ثانيا التركيز بشدة على تناول كل الأخبار السلبية التى تتعلق بأوضاع الاقتصاد المصرى – التى يعرفها المصريون جيدا قبل غيرهم – وذلك لترك الباب مفتوحا أمام تنظيم مظاهرات أخري. فقد ركزت وكالة «رويترز» للأنباء ووكالة أسوشييتدبرس وشبكة بى بى سى فى تقاريرها على تبرير فشل دعوة 11-11 بالإجراءات «القمعية» التى اتخذتها السلطات الأمنية المصرية لمنع المتظاهرين من النزول إلى الشوارع والميادين. وكانت نفس هذه الوسائل الإعلامية المرموقة قد روجت بشدة قبل 11-11 لهذه المظاهرات قبل حدوثها، وتناولت طوفانا من التقارير السلبية عن الأوضاع الاقتصادية فى مصر، وعن معاناة المصريين من ارتفاع الأسعار، وتداعيات تحرير سعر صرف الجنيه ورفع أسعار الوقود، وحرصت أيضا على تكرار الحديث عن اسم حركة «غلابة» باعتبارها الجهة الداعية للمظاهرات فى ذلك اليوم، لإبعاد اسم جماعة «الإخوان» عن الصورة تماما، وهو ما يخالف الواقع. ولكن، ولأن 11-11 مر بسلام، فقد اختار الإعلام الغربى الاستمرار فى طريق التحريض والتصعيد تحسبا لدعوات مستقبلية، ربما تأتى مثلا فى 25 يناير القادم، أو فى أى يوم آخر، وهو ما اتضح فى تزايد وتيرة التقارير التى تتحدث عن التأثيرات السلبية للقرارات الاقتصادية الأخيرة على مستوى معيشة محدودى الدخل والطبقة الوسطى فى مصر، بما فى ذلك تشكيك وكالتى رويترز وأسوشييتدبرس على وجه الخصوص فى جدوى القرارات الاقتصادية. وبعد أن كان أسلوب وسائل الإعلام الغربية المشاركة فى «الدعاية» لمظاهرات 11-11 عبر نشر الأخبار السلبية، والتصريحات التحريضية من عناصر فى الخارج، أصبح الأسلوب الآن مختلفا بعض الشيء، وأبرز تكتيكاته إغراق ساحة «الميديا» العالمية بالأخبار السريعة والمتلاحقة عن تراجع وانهيار الاقتصاد المصري، بدلا من التقارير المطولة، والهدف هنا ليس مخاطبة الرأى العام المحلى فقط. واتضح ذلك تماما من خلال سلسلة من الأخبار الكاذبة التى نشرتها وسائل الإعلام العالمية فى فترة قصيرة قبل وبعد 11-11، ومن بينها خبر سفر وزير البترول المصرى إلى إيران للاتفاق على مساعدات بترولية إيرانية لمصر، والذى بثته وكالة رويترز، ثم عادت لتقول – دون اعتذار – إنه توجه إلى أبوظبى للمشاركة فى مؤتمر ولن يسافر إلى إيران. ومن ذلك أيضا الخبر الكاذب الذى بثته الوكالة نفسها عن قرب نفاد مخزون شركة «الشرقية للدخان» من التبغ بسبب أزمة العملة، بما يهدد توقفها عن الإنتاج، وهو ما نفاه مسئولو الشركة جملة وتفصيلا فى حينه. كما اتجه هذا الإعلام فى الآونة الأخيرة إلى الإكثار من نشر الأنباء التى من شأنها زيادة تأليب الشارع على الحكومة، مثل حادثة وفاة المواطن مجدى مكين فى قسم الأميرية، ومثل أنباء الحكم على نقيب الصحفيين فى قضية إيواء مطلوبين للعدالة، وهى أنباء بالمناسبة يحدث مثلها وما هو أبشع منها فى دولة مثل تركيا، ولكن لا يتم التركيز عليها بهذه الصورة فى الإعلام الغربى مثلما يحدث مع الشأن المصري.