ما الذى بعث الطمأنينة والثقة فى قلب تميم ومستشاريه بعد أن أصابهم الارتباك فور قرار بعض أهم الدول العربية قطع العلاقات معهم؟ فانتقلوا فجأة من حالة المصدوم المندهش المرتبك إلى مكانة من يضع الشروط التعجيزية لكى يقبل التفاوض؟ فى معنى واضح بتصدير إحساسه بالاستغناء وبالقدرة على التحمل. أنظر فقط إلى قناة «الجزيرة» التى عادت إلى سابق عهدها بسرعة غير متوقعة! فلم تستطع أن تنسى مصر إلا فقط فى اليوم الأول من الأزمة، ثم استأنفت سياستها فى فبركة الأخبار والنفخ فى الأحداث التافهة واستضافة خبرائهم لمزيد من التهويل! مثلما فعلت فى اليوم المضروب لما قالت قبلها إنه سيعمّه تظاهرات شعبية عارِمة ضد الموقف الرسمى المصرى من جزيرتى تيران وصنافير، حيث جاءت التغطيات الوهمية المُفبرَكة طوال اليوم عن تظاهرات هائلة فى بعض المحافظات..إلخ! ويبدو أنهم استشعروا مدى التلفيق، فقرَّروا فى اليوم التالى مباشرة أن ينقلبوا إلى النقيض مع الثبات على الغرض، فقال مذيعهم إن الجماهير بالأمس لم تستطع التظاهر بسبب حالة الطوارئ وشراسة رجال الأمن وعصفهم بالحريات وإلقائهم القبض فى الليلة السابقة على الزعماء الجماهيريين..إلخ! ثم وبعدها بأيام، ومع قرار القضاء بإحالة أوراق المتهمين باغتيال النائب العام السابق إلى المفتي، تحدثت متابعات الجزيرة عما سمّته حكما مُسيَّساً لتصفية الشباب المعارِض للنظام! ولم تذكر كلمة واحدة عن اعترافاتهم التفصيلية، وإنما أكدّت أن ما جاء فى الاستجوابات كان تحت التعذيب! وبالعودة للسؤال الافتتاحي، فالمؤكد أن تميم ضَمِن تأييدا قويا، ولا مجال لافتراض مؤيِّد غير أمريكا، التى بدورها لم تهتم بتفسير التضارب الشديد بين تصريحات الرئيس ترامب التى تؤكد تورط تميم فى الإرهاب، بل ترجع بأصول سياسته إلى الماضي، وفى نفس الوقت تُصْدِر بعض المؤسسات الأمريكية النافذة تصريحات أخرى إما متعارضة بشدّة مع ما يقول ترامب، وإما من باب تلطيف معانيه! وأما أغرب المؤشرات على إبقاء الحال لفترة قد تطول، ففى تمسك كل الأطراف المتنازِعة على إعلان استمرار علاقاتها الوطيدة الحميمة مع أمريكا! [email protected] لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب