لا ينبغى لمسلم أن يترك فريضة على حساب الإتيان بأخرى هناك طائفة من المسلمين درجوا على الصيام دون الصلاة ظانين أن كل عبادة مستقلة عن الأخرى، ويؤكد العلماء أن من يفعل ذلك يجب عليه أن يبادر بالتوبة إلى الله تعالى، وأن ثواب الصيام سيقل أجره، ويجب على تارك الصلاة الاستتابة فورا من هذا العمل الذي قال عنه النبي، (إن صلحت صلاته صلح عمله...)، فأين هي صلاتك حتى يصلح صيامك؟ وأشار العلماء إلى أن الصلاة ركن من أركان الإسلام، وهى أهم الأركان بعد الشهادتين وهى من فروض الأعيان، وأن الذين يصومون رمضان فقط، أو يصلون فى رمضان فقط لله. وتساءل العلماء: إذا كانت صدقة الفطر، وهي لا تبلغ درجة الصلاة، إذا تركها الصائم عامدا بدون عذر، فإن صومه يكون معلقا، فما بالنا بإنسان صام شهر القرآن دون صلاة؟! وتقول دار الإفتاء المصرية ان من صام ولا يصلى فصيامه صحيح وغير فاسد، لأنه لا يُشتَرَط لصحة الصوم إقامة الصلاة، ولكنه آثمٌ شرعًا من جهة تركه للصلاة، ومرتكب بذلك لكبيرة من كبائر الذنوب، ويجب عليه أن يبادر بالتوبة إلى الله تعالى. فالمسلم مأمور بأداء كل عبادة شرعها الله تعالى، من الصلاة والصيام والزكاة والحج وغيرها مما افترض الله عليه، إن كان من أهل وجوبه، وعليه أن يلتزم بها جميعًا، أما مسألة الأجر فموكولة إلى الله تعالى، غير أن الصائم المُصَلِّى أرجى ثوابًا وأجرًا وقَبولًا ممن لا يصلى. ويقول الدكتور عبدالفتاح محمود إدريس، أستاذ الفقه المقارن، أن بعض الناس تصوم رمضان دون أداء الصلاة، ولكن الله تعالى، أوجب على المسلم عدة فرائض, من بينها الصيام, والصلاة, والزكاة, والحج, وبر الوالدين, والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, ولا يغني أداء فريضة من هذه الفرائض عن أداء غيرها, فكل مسلم توافرت فيه شروط التكاليف الشرعية, فهو مطالب بأداء هذه التكاليف, بقدر استطاعته. وأضاف: إن الصلاة شقيقة الصيام في الفرضية, فلا يسوغ لمسلم أن يترك فريضة على حساب الإتيان بأخرى, أو يجفو فريضة ليصل أخرى, وقد هم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحرق على قوم بيوتهم وهم فيها, لا لشيء إلا لأنهم تركوا أداء الصلاة في جماعة المسجد, ولم يتركوا الصلاة جملة, فما بالنا بمن ترك الصلاة جملة, حتى وإن أدى بقية الفرائض, فإنه لا يشفع له ذلك في تركها, وقد يأتي المرء بصيامه وفق ما شرع, ولكنه لا يأتي ببقية ما فرضه الله عليه, ومنه الصلاة, فيأثم بترك أداء ما فرضه الله عليه, ويستحق على الترك العقاب في الدنيا والآخرة, وقد صدع أبو بكر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم, بأنه لا فرق بين عبادة وعبادة, وأن ترك عبادة يوجب مقاتلة تاركها, فقال: “ لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة ...”, فمن اعتبر الصيام عبادة لا تستلزم الإتيان بغيرها من سائر العبادات المفروضة, كان لولي أمر المسلمين أن ينكل به, وأن ينزل به العقاب الذي يلائم تهاونه بأدائها, وقد اعتبرت طائفة من المسلمين أن مجرد ترك الصلاة من غير جحود لفرضيتها, مستوجب خروجه من الملة, ومعاملته معاملة غير المسلمين, والآثار المترتبة على ذلك -لو أخذ برأي هذه الطائفة- في غاية الخطورة, ولم لا يؤدي الصائم الصلاة, فإن الصلاة راحة للمؤمن مما يلاقيه في دنياه من شقاء, ولذا طلب رسول الله صلى الله عليه وسلم من بلال أن يقيم الصلاة, فتتحقق له بها الراحة النفسية, فقال: “أرحنا بها يا بلال”, وقال صلى الله عليه وسلم لما أخذ يعدد ما يحبه من دنيا الناس: “... وجعلت قرة عيني في الصلاة “, وليس ببعيد أن يكون صيام من لا يصلي غير كامل الأجر, وربما هو غير مقبول أصلا, كما قال صلى الله عليه وسلم: “ رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش”. بني على خمس من جانبه يقول الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، إنه من المقرر شرعا أن أركان الإسلام تتكامل فيما بينها، قال صلى الله عليه وسلم: بني الإسلام على خمس.. فلا يتصور إسلام إنسان ترك ركنا بغير عذر ، ومن يفعل ذلك فقد أشبه بني إسرائيل، بالاستهانة بشعائر الشريعة، فقال الله عز وجل: (أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض) وعلى ضوء ذلك فإذا كان بعض العلماء، يرى فعل ركن كحج أو زكاة أو صيام، وتركه للصلاة بدعوى أن كل ركن مستقل بنفسه، لكن هذا الكلام في حال ينبغي أن تفهم على وجهها الصحيح. لا يصح صيام بلا صلاة وأضاف، هناك فرق بين صحة الشيء وبين قبول الشيء، فالصحة في الفقه الإسلامي إذا استوفى الشيء الأركان والشروط، فبالنسبة للحكم الدنيوي، والحكم التكليفي عند الخلق يقع صحيحا، بمعنى أنه لا يطالب لا بالإعادة ولا بالقضاء، وبضرب المثال يتضح المقال، فالإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر الصادق إلى تمام غروب الشمس مع النية فهذا الصوم صحيح، لكن إذا فعل هذا الصوم على هذا النحو مع تركه للصلاة دون عذر، فهل يقبل الله تعالى، ويثيب صائما غير مصل؟! بطبيعة الحال لا، وإذا كانت صدقة الفطر، وهي لا تبلغ درجة الصلاة، إذا تركها الصائم عامدا بدون عذر، فإن صومه يكون معلقا، فما بالنا بإنسان صام دون صلاة.