في قلب صحراء وادي النطرون حيث مياه الآبار شديدة الملوحة وشكوي المواطنين من الافتقار لكوب مياه صالح للشرب, بدأت أولي الخطوات البحثية الجادة في تحلية مياه الآبار المالحة. بالاعتماد علي الطاقة المتجددة المتمثلة في طاقتي الرياح والشمس, وتحويلها الي مياه صالحة للشرب والاستخدامات المختلفة, ذلك من خلال مشروع متكامل تضافرت فيه جهود جامعة الاسكندرية والاتحاد الاوروبي واكاديمية البحث العلمي, بفكر وابتكار مصري نال عنه الدكتور حسن البنا الاستاذ بقسم الميكانيكا بكلية الهندسة جامعة الاسكندرية براءة اختراع, كما ان تصميم الوحدة وصناعتها بالكامل تم داخل احدي الشركات المصرية الوطنية الرائدة في إنتاج وحدات تحلية المياة ووحدات الصرف الصحي وغيرها. فكما تقول الدكتورة بشري سالم المدير التنفيذي للمشروع وأستاذ علوم البيئة بجامعة الإسكندرية: إن المشروع يفتح المجال لحل مشكلة نقص المياه الصالحة للشرب في الكثير من مناطق مصر الصحراوية, وخاصة ان المستقبل يحتم علي مصر زيادة كميات المياه المحلاه من البحر والآبار تقليصا للفجوة الهائلة بين الفقر المائي وحد الأمان المائي, وبلغت تكلفة المشروع نصف مليون يورو بمشاركة برنامج مركز البحوث والتنمية والإبتكار بأكاديمية البحث العلمي, وهو مشروع بحثي حقق بالفعل نجاحا يؤهله للتطبيق العملي بإنشاء وحدة علي مستوي أوسع تقدم5 آلاف متر مكعب في الساعة, ويعتمد علي طريقة التبخير الوميضي ذي المراحل المتعددة, وهي من اكثر التقنيات المستخدمة عالميا في تكنولوجيا التحلية الحرارية, كما تعد من أكثر الطرق الآمنة بيئيا لاعتمادها علي مصادر الطاقة المتجددة, ومن اهم اهداف هذا المشروع انه يمد الصناعة المصرية بنموذج تجريبي لتحلية المياه يدعم الخطط التنموية المستقبلية, ويشجع المستثمرين والشركات علي غزو الصحراء. ويقول الدكتور حسن البنا الأستاذ بقسم الميكانيكا بهندسة الإسكندرية والباحث الرئيسي للمشروع: لقد وفقنا في تطوير الطريقة المستخدمة وهي طريقة التبخير الوميضي المتعدد والذي يعتمد علي تبخير المياه ذات درجة الملوحة العالية جدا سواء كانت مياه بحر او مياه آبار فيتم فصل الاملاح الذائبة فيها, وتعدد مراحل استعادة البخار في التقنية28 مرة, وفي كل مرحلة يكون الضغط داخل الوحدات اقل من سابقه, ويتم ذلك عن طريق وحدات تفريغ الضغط( الباكيم), والتطور الذي اضفناه بمعالجة المياه فور خروجها من مصدرها الاساسي سواء من البحر او البئر أثمر ذلك عن براءة اختراع مصرية, سيستفيد منها العالم أجمع خاصة الدول التي تعتمد علي تلك التقنية في تحلية مياه البحر والآبار, كما ان الوحدة البحثية التي انشأناها تعتمد علي مصدرين مختلفين وليس مصدرا واحدا للطاقة النظيفة المتجددة وهما طاقتا الرياح والشمس, وتلك الطاقة تستثمر في الانارة وادارة الطلمبات, وروعي في تصميم الوحدة وجود مركزات شمسية تعمل علي تركيز حرارة الشمس الساقطة عليها وقت الذروة وتخزينها بداخلها, ليعاد الاستفادة بها في أوقات الليل او في الشتاء حيث تقل شدة حرارة الشمس, او في اللحظات التي يكون فيها سطوع الشمس ضعيفا, وهذه الحرارة المركزة داخل المركزات الشمسية تستخدم في تسخين زيت بمواسير تتبادل من خلال مبادل مع مياه فترفع درجة حرارتها فتتحول الي بخار, هذا البخار يسبب تبخيرا للمياه المراد تحليتها, وبذلك تتم عملية التحلية وعن الفوائد الاقتصادية للمشروع تقول المهندسة بهجة سالم منسق المشروع ان المشروع يمثل فتحا في مجال استثمار الطاقات المتجددة فهناك توربينة لتوليد الطاقة من الرياح تقدم2.5 كيلو وات/ ساعة تعمل الي جانب وحدة لتوليد الطاقة الشمسية تعطي ثلاثة كيلو وات/ ساعة, ومثل تلك الوحدات ينتج عنها املاح مترسبة في كثير من الدول تعادمرة اخري لمصدرها الاصلي بإلقائها في البحر مرة اخري او ترد للآبار, اما هذا المشروع فنحصل منه علي ملح مركز يتم الاستفادة منه بالبيع او إدخاله في التصنيع, كما ان هذا المشروع يقدم انتاجا بدون مخلفات. ويؤكد المهندس محمد محروس مدير احد قطاعات الشركة الوطنية المنفذة والمدير المسئول عن تنفيذ الوحدة ان جميع مكونات المشروع تم تصنيعها بمصر