حشت ملء يد من غيط البرسيم القريب.. جلست في الطريق القادم من الزراعات والصاعد إلي البلدة.. بعثرت البرسيم أمامها. مرت بها جماعة من الماعز.. توقفت لتأكل البرسيم.. فأخرجت الكوز الذي تخفيه تحت ملاءتها.. وحلبت من ثدي أقرب الماعز إليها حتي ربع الكوز. ثم صرفتهم بهدوء. مر بها الخفير ذو الشريط الواحد علي ذراعه، سألها: من أين لك بهذا البرسيم؟ قالت: جئت وجلست لأستريح.. ولا أدري عنه شيئاً .. ربما سقط من أحد راكبي الحمير المسرعين. تركها وأسرع إلي السوق.. ليشتري الخضار لبيته. جاءت جماعة أخري من الماعز.. توقفت لتأكل .. فملأت الكوز حتي المنتصف. جاء صاحب البرسيم والخفير ذو الشريطين علي ذراعه.. أقسم صاحب البرسيم.. إن هذا المبعثر أمامها.. هو ما حُش من أرضه.. لكنها قالت بهدوء: جئت وجلست وكان موجودا! مرت عنزة ضامرة.. قالت لنفسها.. إنها لزوجة الضرير.. لن أحلب منها.. فقط تركتها تأكل ..العنزة الجائعة كادت تلتهم البرسيم كلها.. فصرفتها صائحة. جاء صاحب البرسيم ومعه الخفير ذو الثلاثة شرائط علي ذراعه وبندقية علي كتفه.. سألها.. فقالت نفس كلامها السابق، هو يعرف أن زوجها مات يوم أن جاء السيل وجرف البيوت أمامه وألقاها في النهر.. وأنها لم تأخذ ما صُرف لأسر الموتي.. ولم تأخذ البيت البديل عن البيت الذي تهدم .. وتحاول مقابلته لتصرف التعويض.. ولأنه يتهرب منها دائما، صاح لصاحب البرسيم: أحرس برسيمك ولا تلق التهم علي الناس.ومضي يدب علي الأرض بحذائه.. دون أن يلتفت خلفه، وسار صاحب البرسيم إلي أرضه.. محملقا تكاد عينه تصل إلي نصف رأسه. قامت وهي تخفي الكوز المملوء نصفه باللبن.. وهي تقول لنفسها.. هذا يكفي وأسرعت إلي ولدها النائم في الأطلال.