◙ 1900عملية بمصر منها 500 بالمنصورة.. والدواعى الطبية للزراعة زادت فى السنوات الأخيرة ◙ د.محمد عبد الوهاب المشرف على وحدة زراعة الكبد : سر نجاحنا منظومة أخلاقية وفريق مؤهل ومتكامل وإلغاء«شماعة الإمكانيات» ◙ 200 حالة فى قائمة الانتظار .. والمرضى من مصر والدول العربية .. ونحلم بمبنى مستقل ◙ عميد طب المنصورة : معهد متخصص لزراعة الأعضاء بجمصة .. وأتبرع شخصيا بكامل أعضائى بعد الوفاة
أمل جديد ونقطة ضوء مهمة ورسالة تفاؤل لمرضى الفشل والتليف والأورام الكبدية تبعث بها وحدة زراعة الكبد بمركز الجهاز الهضمى بجامعة المنصورة، من خلال إنجاز يشبه الإعجاز بالوصول إلى العملية رقم 500 فى زراعة الكبد من شخص حى وبمعدلات نجاح نسبتها 85 % وهى لا تقل عن المستويات العالمية بل تجاوزت دولا ومراكز مشهودا لها بالتميز مثل الصين وهونج كونج وألمانيا والرياض. فقد وصلت نسبة نجاح زرع الكبد فى الصين 82 %، وهونج كونج 83%، والرياض 80 % وألمانيا 84% ، وفرنسا وإيطاليا 85 % . وهو ما جعل المنصورة تتصدر المراكز والمستشفيات المصرية جميعا فى عدد عمليات زراعة الكبد والثالثة على المستوى العالمى بعد تايوان الأولى بمعدل 783 حالة ، ثم هونج كونج الثانية بمعدل 582 عملية. تؤكد الدراسات أن دواعى زراعة الكبد فى مصر توسعت فى السنوات الأخيرة نتيجة انتشار الفشل الكبدى وأورام الكبد فى المراحل الأولى وغيرها . الزراعة بمصر وبدأت المنصورة برنامج زراعة الكبد فى عام 2004 مع ظهور نوع جديد من التليف الكبدى وارتفاع أعداد المرضى ، وكانت تجرى من خلال طبيب فرنسي، بالإضافة إلى مساعدين له بالمركز ثم سلم المهمة للفريق المصرى . سند المساكين فى بداية جولتنا التقينا بعشرات من المرضى الذين كانوا يقتربون من حافة الموت ثم كتب الله لهم عمرا جديدا بزرع الكبد وغيرهم على قائمة الانتظار ينتظرون بلهفة وتعطش تبرعات المحسنين حتى يستأنفوا مسيرة الحياة ويتم إجراء العملية تحدثوا بفرحة وأمل ، بدعوات من القلب أن تلين لهم الأفئدة وأن تنصت لمحنتهم الآذان . يقول نبيل عبد السلام مريض من بلطيم كفر الشيخ إنه منذ 4 سنوات وهو يحاول البحث عن حل وأنفق أموالا كثيرة وسافر الصين لكن السماسرة طلبوا منه مليونا و900 ألف جنيه وطلبوا منه الانتظار إلى مالا نهاية حتى يتوفر متبرع من السجون أو الحوادث فعاد إلى مصر ، كما عرض عليه زراعة الكبد فى القاهرة بتكلفة 320 ألف جنيه لكن مركز الجهاز الهضمى بالمنصورة أدخله بتذكرة عادية وأجرى التحاليل ووجد استجابة من المختصين فى وحدة زراعة الكبد حتى تمت العملية بنجاح . أما حنان عبد الستار سيدة من منيا القمح عمرها 52 سنة فقد أجريت لها عملية زرع من إبنتها الطالبة بكلية الطب ، وقالت وهى تحمد الله أنها بحالة طيبة وتشكر القائمين على وحدة زراعة الكبد الذين اهتموا بحالتها وقدموا لها المساعدة المادية والعلاجية حتى تماثلت للشفاء ، كما تشكر مؤسسة ساويرس التى تبرعت لها بمبلغ 100 ألف جنيه لإنجاز العملية. ونفس الأمر يؤكده أحمد فرحات 38 سنة من بنى عبيد والذى تبرع له شقيقه لإتمام العملية ويتمتع بصحة جيدة ومتابعة مستمرة ودورية من قبل مركز الجهاز الهضمى ، معبرا عن شكره لكل من قدم له دعما ماليا لإجراء العملية وخاصة جمعية رعاية مرضى زراعة الكبد بالدقهلية والتى تعتبر سند المساكين . أما قائمة الانتظار فهى طويلة وكلها يشخص الأطباء أهمية الإسراع فى زراعة الكبد لها قبل أن يستفحل الأمر وتتدهور الحالات . وتناشد عزة خالد محمد من نبروه 16 سنة - والتى استكملت التحاليل اللازمة والمتبرع لها جاهز- القادرين وأهل الخير على مساعدتها نظرا لخطورة وحساسية عامل الوقت حيث دبرت مبلغ 50 ألف جنيه فقط هى كل ما تملك ، وبين الخوف والرجاء تعيش هبة طلعت 26 سنة من كفر الشيخ على قائمة الانتظار وتسأل باستمرار عمن يقدم يد المساعدة المادية إليها لإتمام عملية الزراعة خاصة وأن شقيقها جاهز وتمت التحاليل والاختبارات عليهما ووالدها عامل بسيط لا يملك من حطام الدنيا شيئا ، بينما استطاع عبده صابر من السنبلاوين أن يبيع كل مدخراته ويستدين من أقاربه على أمل أن يواصل الحياة ، لكنه يتبقى له مبلغ 80 ألف جنيه لا يدرى كيف يدبرها بسرعة قبل فوات الأوان . خبرات وقيم أخلاقية ويقول الدكتور محمد عبد الوهاب المشرف على وحدة زراعة الكبد بالمنصورة ورائد عمليات زراعة الكبد بمصر إن ما يميز تجربة المنصورة التى بدأت قبل 13 عاما أنها تراكم لخبرة استمرت 40 سنة فى جراحة الكبد والبنكرياس حازت إعجاب العالم خاصة فى علاج دوالى المريء والقنوات المرارية حيث أجريت بمركز الجهاز الهضمى 2000 عملية ، نلتزم فيها بالقيم الأخلاقية فى زراعة الكبد ف»أكباد المصريين لا تشترى ولا تباع» ولا يمكن أن تكون هناك أى شبهة فى تجارة الأعضاء ، وقال إن أغلب حالات التبرع تكون من الأبناء والزوجات والأشقاء ، فمثلا الحالة 500 كانت تبرع الابن للأب، والحالة 498 كانت بين الأم وابنتها، وتبرعت الابنة لأمها رغم أن لديها طفلين وزوجا وكان لقاؤهما مؤثرا جدا، ومن بين كل هذه الحالات رجل فقط تبرع لزوجته . ويضيف أن هناك عدة شروط يجب توافرها فى المتبرع بالكبد، هى أن يكون كامل الأهلية ، ودرجة القرابة للمريض، وفصيلة الدم، وأن يتراوح عمره من 18 عامًا حتى 45 عامًا وأن يكون تبرعه طواعية. ويشير الى أنه بالإضافة إلى العمل الطبى المتكامل ، قامت الوحدة على فلسفة أن المرض يصيب الغنى أو الفقير لذلك يجب أن يصل العلاج إلى الجميع وحتى الآن تم دعم كلى أو جزئى لحوالى 60 % من المرضى غير قادرين على تكلفة العملية وتكفل بعلاجهم بعض رجال الأعمال الذين وعدوا باستمرارهم فى دعم المشروع لما لمسوه من جدية العمل وثقتهم فى القائمين عليه ، بينما تكفل 25 % من المرضى بتحمل نفقة الزراعة على حسابهم. ويلفت إلى أن دعم رجال الأعمال أسهم أيضا فى تأسيس مركز جراحة الجهاز الهضمى وأقسام الجراحة ومستشفى الطوارئ وقسم جراحة الأعصاب وكلية الطب والتى وصلت إلى حوالى 41 مليون جنيه ، فضلا عن تبرعات بقيمة 20 مليون جنيه أخيرا من مجموعة اقتصادية وطنية . فريق متكامل ويؤكد الدكتور محمد عبد الوهاب أن فريق زراعة الكبد يضم خيرة الباحثين والأطباء المتخصصين فى الجراحة والباطنة والتخدير والأشعة بالمنصورة وهو الفريق الوحيد من أبناء الجامعة الذى لا يقوم أى فرد فيه بإجراء عمليات زراعة الكبد خارج المركز ، وهو شبه متفرغ للعمل ، وكل عضو فى الفريق له مهام مكلف بها ، ولا يحصلون على أى مميزات مالية ويضحون بالجهد والوقت لنجاح العمليات وإنقاذ حياة المرضي، وهناك تكامل بين جميع أقسام الجهاز الهضمى لدعم الفريق . وقال إنه تم تدريب عدد من شباب الأطباء فى كوريا وميلانو وفرنسا لتنمية مهارات زرع الكبد وتكوين جيل جيد بدعم كامل من الجامعة ليكونوا نواة للعديد من الفرق التى تقوم بزراعة الكبد للتغلب على حالات الانتظار. وأكد أن البرنامج يخضع للإشراف المباشر من رئيس جامعة المنصورة الذى لا يتوانى عن دعم البرنامج ويعمل من أجل تذليل كل العقبات وكان آخرها نقص أدوية المناعة التى كادت تهدد بتوقف البرنامج وتعرض حياة المرضي للخطر وتم استيرادها من الخارج نظرا لعدم وجودها داخل مصر ، كما تدخل شخصيا لدى الجهات الحكومية والجمارك للإفراج عن هذه الأدوية ، كما يقوم رئيس الجامعة بعمل زيارات أسبوعية للتعرف على المعوقات وكذلك متابعة الحالات ومستوى الخدمة الطبية داخل المركز . خطط مستقبلية وحول خطط المستقبل والرؤية الإستراتيجية أوضح الدكتور محمد عبدالوهاب أن الوحدة تقوم حاليا بعمليتى زراعة كبد أسبوعيًا، حيث إن قدرة المركز لا تستطيع القيام بأكثر من ذلك، لافتًا إلى أن قائمة الانتظار للمركز تبلغ 200 حالة ، مشيرا إلى حاجة الوحدة إلى مبنى خاص بها وإضافة 50 سريرا على الأقل لتقليل عدد حالات الانتظار وإعطاء الأطباء الشباب فرصة للتدريب واكتساب المهارات ، وأوضح أن «مركز الجهاز الهضمي» بحاجة لدعم مالى كبير وأجهزة جديدة ، مشيرًا إلى أن تكلفة إجراء العملية خارج مصر تتخطى مليون جنيه. بعثات إلى فرنسا وقال الدكتور محمد الشويري، نائب مدير مركز الجهاز الهضمى لزراعة الكبد ، إن جامعة المنصورة قدمت كل الدعم لإنجاح هذا المشروع، عندما أرسلت البعثات إلى فرنسا لاكتساب الخبرة والعمل فى مجال زراعة الكبد وفى 2003 توجه فريق كامل من الجهاز الهضمى لفرنسا لنقل الخبرة إلى مصر ، ونحن نحتاج دعما أكثر من الجامعة والمجتمع المدنى لنستمر . النظام والتدريب من جانبه يؤكد الدكتور أحمد عبد الرؤوف مدير مركز الجهاز الهضمى أن المركز يحتل المرتبة الأولى بين المراكز الجامعية والحكومية التى يجرى فيها عمليات زراعة الكبد فى مصر والشرق الاوسط فى عدد الحالات حتى الآن والنتائج ، مشيرا إلى أن النظام والتدريب السليم أهم ما يميز فريق زراعة الكبد وهذا مبعث فخر مركز الجهاز الهضمى والجامعة بهذا الفريق لتفوقهم المهنى والتزامهم بالمعايير الأخلاقية عند القيام بزراعة الكبد موجها الشكر للجمعية المصرية لمرضى الكبد لمساعدتها مركز الجهاز الهضمى فى أداء مهامه . ويضيف أن عدد المرضى المترددين على المركز سنويا 30 ألف مريض منهم 15 ألف مريض بالكبد بنسبة 50 % تقريبا ومرضى أورام الكبد 900 بمعدل 4 %، و 100 مريض على الأقل يمكن علاجهم بالجراحة ، جوائز عالمية ويشير إلى أن المركز شارك فى عدة مؤتمرات دولية وعرض خبرته فى علاج أورام الكبد وزراعة الكبد ، كما حصل المركز على جائزة المؤتمر الدولى لزراعة الكبد فى أسبانيا يونيو 2011 وذلك لتطويره بعض خطوات العملية وقد تقدم المركز فيه بأربعة أبحاث ، وحصل على جائزة أفضل بحث فى موسكو وصنف مركز الجهاز الهضمى من أحسن المراكز فى الشرق الأوسط فى مجال الكبد والبنكرياس وزراعة الكبد ، كما حصل على جائزتين فى كوريا الجنوبية . إرادة مصرية ويرى الدكتور السعيد عبد الهادى عميد كلية الطب بجامعة المنصورة أن فريق زراعة الكبد حقق طفرة مهمة تعكس إرادة الإنسان المصرى وكانوا ينامون بجوار غرفة العمليات ويتابعون المرضى باستمرار ويرتبطون بالحالة حتى تخرج للحياة من جديد ، مشيرا لإصرار الدكتور عمرو سرحان عميد طب المنصورة الأسبق على استكمال المشروع وعدم الاستسلام للصعوبات التى واجهته منذ البداية . معهد متخصص وقال: نعمل على إنشاء معهد متخصص لزراعة الأعضاء وحصلنا على موافقة وسيكون مكانه المدينة الطبية بجمصة ، مطالبا الإعلام بتوعية المواطنين للتبرع بأعضائهم بعد الوفاة معلنا أنه شخصيا متبرع بكامل أعضائه بعد الوفاة ومعه كارت بذلك، لأن هذا مشروع قومى لمصر ونحتاج إلى التركيز والعمل بهدوء وهناك رجال أعمال يدعموننا بالملايين فى صمت ويرفضون أن يذكروا ذلك . دعم وتطوير من ناحيته يؤكد الدكتور محمد القناوى رئيس جامعة المنصورة أن المشروع يحظى برعاية شخصية منه ولن يدخر جهدا فى تطويره ومده بكل الإمكانيات المتاحة كتجربة رائدة ومتميزة تعزز السمعة الطيبة لجامعة المنصورة ، مشيرا إلى أن عمليات زرع الكبد بمركز جراحة الجهاز الهضمى بجامعة المنصورة تعتبر الأقل تكلفة على مستوى العالم حيث يظل المريض يعالج بالمركز مدى الحياة بعد اجراء عملية الزرع ، مشيرا إلى أن الجامعة قدمت دعما لعمليات زراعة الكبد لغير القادرين والطلاب بنصف التكلفة كما تم دعم 60 % من مرضى الزرع بتبرعات رجال الأعمال والجمعيات الأهلية . إحدى أهم قلاع الطب واعتبر الدكتور أحمد الشعراوى محافظ الدقهلية والذى حضر أخيرا حفلا لتكريم فريق زراعة الكبد أن جامعة المنصورة تعد أحد أهم قلاع الطب فى الشرق الأوسط حيث تحقق تميزا فى جميع التخصصات الطبية ومن ضمنها زراعة الكبد مما يجعلها مقصدا للمواطنين المصريين والعرب والأجانب .وقال إنه سيعمل على أن تكون المنصورة عاصمة السياحة العلاجية داعيا لتضافر الجهود معا لتكون منظومة الكبد نموذجا للعمل فى جميع القطاعات الصحية والخدمية .