لا يختلف أحد علي أننا نعاني ظروفا اقتصادية صعبة بعد قرار تعويم الجنيه في 3 نوفمبر الماضي والذي لم يكن خيارنا إلا لتجاوز عجز الموازنة العامة وزيادة الدين العام الذي وصل 100٪ من الناتج المحلي الإجمالي وأدي لتفاقم معدلات التضخم فوصل 26,6٪ ويعتبر الأعلي خلال 70 عاما الماضية طبقاً لبيانات الجهاز المركزي للإحصاء عن الشهر الماضي . مما أستوجب تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي للتقليل من هذه المديونية مستقبلاً والمستهدفة إلي 60٪ بحلول 2030 ، وإن كان يرجح خبراء الاقتصاد أن هناك ارتباطاً بين إرتفاع الدين المحلي بزيادة الأسعار والتي أصبحت تفوق قدرة المواطنين علي الاحتمال. ونتيجة للزيادة الغير منطقية بالأسعار المحلية والتي طالت كل شئ بشماعة الدولار ، وإن كان هناك أسباب أخري منها إنخفاض الإنتاج للسلع الأساسية للمواطن فتعالت الصرخات من البسطاء بعد ما وصل إلي موت بعض المرضي لعدم قدرتهم علي شراء الدواء أو عدم وجوده بالصيدليات ، وهبوط نسبة كبيرة من المصريين إلي أسفل خط الفقر نتيجة عدم قدرة الجنيه علي شراء بصلة متوسطة الحجم ، وغياب حكومي لضبط الأسواق ومراقبة الأسعار ومحاربة جشع التجار بحجة واهية أن اقتصاد السوق الحر قادر علي ضبط نفسه بناءًا علي العرض والطلب ، غافلين قدرة المحتكرين علي التلاعب بأسعار السلع والمنتجات حيث أردوا إرتفاعه ليس كل يوم بل كل ساعة ، مما يستوجب سياسات اقتصادية أكثر ملائمة بالناحية الاجتماعية والسياسية كفيلة بتحقيق النمو مع العدالة ، بجانب محاربة الفساد في بعض أجهزة الدولة والذي يتكشف يوميًا بفضل الجهد المشكور لرجال جهاز هيئة الرقابة الإدارية. وإن جاء التعديل الوزاري بكثير من التفاؤل ويبعث برسالة أمل إلي الأسواق خاصة بعدما شمل عددا من الحقائب الاقتصادية مثل وزارات الاستثمار والتخطيط والتموين وتزامن مع إنخفاض سعر الدولار ، إلا أن السؤال المكرر للجميع متي تنخفض الأسعار بعد تراجع سعر الدولار ، فمن وجهة النظر ربما تنخفض الأسعار قليلة ولكن ليس بما يتوقعه أكثر المتفائلين فربما تعود العملة الخضراء الصعود مرة أخري لقرب زيادة الاستيراد لسلع رمضان الكريم ، لكن من المؤكد أنه يجب لضبط الأسعار بصورة حقيقية ملموسة حلول عاجلة لغول فوضي السوق الداخلي كما في دول العالم ليس المتقدم فقط وإنما في دول أخري صغيرة فنجد مجالس حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية ومجالس حماية المستهلك تتمتع بصلاحيات واسعة وليست حبراً علي ورق أو هياكل بلا فاعلية مما يستوجب إعطاءهم صلاحيات الرقابة الإدارية بما يمكنهم من مراقبة الأسواق بجد ، مع ضرورة كتابة سعر كل منتج وسلعة وتحديد هامش للربح مع أهمية إصدار فاتورة وإلا تكون إجراءات عقابية حاسمة . يجب تضافر الجهود الحكومية والمجتمعية معاً وإنفاذ القانون علي الجميع لا فقط استجداء عطف ضمائر التجار علي الشعب، ومحاربة الفساد الذي أصبح متراضي عليه من الجميع بآليات المراقبة والمحاسبة بعيداً عن ثغرات قوانين بالية، والاستمتاع للممارسين بالمجال الاقتصادي والصناعي ممن لديهم الرؤية والخبرة التي تجعلهم أفهم من الجالسين بالغرف المكيفة للتنظير .. نريد صرخة صيحان فالاقتصاد القوي الطريق الوحيد لمجتمع قوي وهذا لا يتحقق إلا بزيادة الدخل القومي عن طريق الإنتاج بدوران المصانع وزيادة الصادرات بجودة المنتج المحلي وخفض البطالة بتشغيل الشباب يؤدي لتحسين مستوي المعيشة فلا نري مواطن مصري يلهث وراء دعم ، ونطبق نصيحة " غاندي" بألا يأكلوا إلا من إنتاجهم ولا يلبسوا إلا ما يصنعونه فكانت إنطلاقة هندية. [email protected] لمزيد من مقالات محمد مصطفى حافظ;