يمكن للفساد الصغير أن يتسبب فى أذى شديد للمجتمع، ومن ذلك الطرق الملتوية للحصول على تراخيص مزاولة أعمال ممنوعة فى المناطق السكنية التى لا يجيزها القانون الذى يستهدف توفير ضوابط الهدوء. وهى الظاهرة التى انتشرت فى طول البلاد وعرضها حتى فى قلب العاصمة! وهو فساد يجرى وفق آليات خاصة غير العمليات الضخمة التى تحتاج إلى حماية من الدولة، والتى قد يتورط فيها كبار رجال الحُكم، والذى يعود بمنافع هائلة على كل أطرافه، وهى قواعد رسخّها نظام مبارك. ومن أعراض الفساد الصغير السماح ببناء عمارات عملاقة دون جراجات لتحتل سيارات السكان الطريق على حساب حركة المرور، وانتشار تراخيص نشاطات تجارية مزعجة، مثل المقاهى الصاخبة التى تفرش موائدها على الرصيف وفى عرض الطريق وتضع سماعات عملاقة للتليفزيون أو الكاسيتات، ومثل مطاعم الوجبات السريعة وتوصيل الطلبات للمنازل، بسيارات زبائنها وموتسيكلات عمالها، ومثل مخازن المياه الغازية التى تحتاجها المقاهي. أو أعمال أخرى مثل تجارة سيور المحركات وقطع غيار السيارات..إلخ، وتظل هذه المخازن تستقبل سيارات النقل العملاقة طوال النهار، وأحياناً على مدار اليوم، تفرغ حمولات، ثم تأتى سيارات أخرى لتنقل الطلبات إلى زبائنها، بكل ما فى ذلك من تعطيل للمرور وللمشاة ومن صخب هائل غير محتمل! وهكذا، وعبر العقود الأخيرة فقط، تم تدمير الأجواء وتلويث البيئة، وتشكلت أوضاع على الأرض يستحيل إصلاحها فى وقت قصير حتى بفرض توافر النية والجدية! أبسط النزاعات الممكنة أن هؤلاء يملكون بالفعل تراخيص مستوفاة للشكل الإجرائي، وأنهم سدَّدوا حق الدولة فى الرسوم، وأنهم غير مسئولين عن أخطاء وقعت فيها الإدارة فى إصدار هذه التراخيص..إلخ. أضفْ إلى هذا أن هذه المخالفات بعشرات الآلاف، حتى إن رصدها وحده يستغرق زمناً، ويحتاج إلى جيش من المفتشين، يلزمهم جيش آخر يضمن ألا يتحصل الأولون على رشاوي، وفى كل الأحوال ليس هناك ما يضمن أن يتفق هؤلاء مع هؤلاء على إبقاء الحال فى إطار آليات الفساد الصغير!! [email protected] لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب;