زخم كبير تشهده مكتبة الأسكندية أحد الصروح الثقافية العملاقة فى مصر والعالم خلال شهر يناير 2017 برأسة الدكتور أسماعيل سراج الدين رئيس المكتبة الذى أفنى سنوات طويلة من عمره لكى تصل إلى هذا المستوى الرفيع فى عملها وتقدير العالم لها وصاغ لها أدبيات لائقه فى تعاملها مع القضايا المعرفية والثقافية والمجتمعية. فقد أحتضنت مكتبة الأسكندرية منذ أيام للعام الثالث على التوالى المؤتمر الدولى عن مكافحة التطرف .تحت عنوان العالم ينتفض..متحدون في مواجهة التطرف حضره 600 شخصية من المفكرين والمثقفين وخبراء دوليين في قضايا التطرف من 23 دولة عربية وأوروبية والصين واليابان وامريكا، وقبلها بساعات أنهت المكتبه أعمال مؤتمر عالمى عن مكافحة الأرهاب حضره 14 رئيس دولة سابق وحالى وعدد من رؤساء الهيئات الدولية . والسبب الرئيسى للأهتمام من مكتبة الآسكندرية يرجع لأدراكها أن قضايا التطرف والعنف والأرهاب حلقات مترابطة على المستوى الدولى والأقليمى والمحلى ومواجهتها لايتم بالوسائل الأمنية فقط لكن تلعب المواجهة الفكرية والثقافية والدينية والتكنولوجية دورا مهما فى التعامل الجاد مع الجماعات المتطرفة والأرهابية وأساليبها فى تجنيد الشباب والفتيات . ولم تقل مناقشات المؤتمرين إهمية عن بعضهما ،وحرص رؤساء الدول السابقين على دعم التعاون الدولى فى مجال التصدى للجماعات والكيانات الأرهابية التى أصبحت تنظيماتها عابرة للقارات ،بينما حرص المفكرين والمثقفين على المواجهة على الأرض لأفكار التطرف التى تقود للعنف والأرهاب. وكشف المناقشات فى مؤتمر العالم ينتفض أن الموجه الحالية من العنف والأرهاب التى تم أستقطاب الشباب للأنضمام خلالها إلى تنظيم داعش والنصرة يعود بالأساس إلى أسباب أقتصادية وأجتماعية وسياسية فى بلدانهم العربية والأسلامية، وشعورهم بالفقر والتهميش والقهر السياسي والأجتماعى ،وتعرضوا للأستقطاب عبر الأنترنت من مواقع تابعة لهذة التنظيمات المتطرفه فكريا وأستخدمت قشرة الدين والمفاهيم غير الصحيحة لأستغلال حالة الأحباط واليأس التى يعانى منها الشباب . وأوضحت بجلاء أرقام المقاتلين الأجانب المنضمين لداعش من الدول الأورومتوسطية والتى تحولت من قضية مقاتلين عابرين للقارات إلى مشروع دولة إسلامية لها خلافة،ان عدد المنضمين منها لتنظيم داعش يبلغ نحو 130 ألف مقاتل أجنبي ،منهم 1700 مقاتل من دول البلقان و500 مقاتل من مناطق غرب أوروبا، معظمهم من الجيل الثالث من الجاليات المهاجرة، فضلا عن 8000 مقاتل من دول المغرب العربي منهم 6000 من تونس، و1200 من المغرب، و600 من ليبيا، و170 من الجزائر. ،و أن أسباب انضمامهم لداعش يعود الى التهميش الذي يعانون منه ،وأزمة الهوية الثافية والدينية ،ومزدوجى الجنسية . وجاء التفسير واضحا فى البيانات التى عرضها الخبراء ،وهى إن نتائج التحقيقات فى أوروبا توصلت أن كل من شارك فى العمليات الإرهابية فى الغرب لم يكن له علاقة لا بالفقه الاسلامى ولا بما اصطلح عليه بأدبيات الجماعات الإرهاربية، ولم يدخل مسجدًا فى حياته، والرابط المشترك بين كل من قام بعمليات إرهابية فى أوروبا أنهم يشتركون فى هذه الحالة من الأحباط واليأس ،فليس لهم أى علاقة بالإسلام، أو بالجماعات . وجاء التحليل النفسى ليثبت أن عدم تقبل أبناء الجاليات القادمة من الدول العربية والأسلامية للتنوع الدينى والثقافى والفكرى فى الدول الأوروبية ظل عائقا أمامهم فى الأندماج ،وأن الصراع الداخلي بين معتقدات الإنسان وما يريده ومايعيشه يعبر عنه أحيانًا في شكل جنوح ومغالاة تنعكس على الوعي للذات وللآخر، لهذا لا يستطيع الإنسان تقبل التنوع أو التعايش. ولكي نفهم العلاقة بين التعددية والتطرف لابد من أن نعى مفهوم الاختزالية الذى يلجأ اليه المتطرفون بمعنى أن يختزل الله في صورة تخدم فكرة معينة،أواختزال النص الديني في الآيات التي تخدم أغراض محددة، واختزال التفسير لتقديم التبريرات المطلوبة التي تدعم التطرف، بعدها يلجؤن الى تنفيذ أعمال عنف وأرهاب . لذا يجب التفرقة بين المعرفة والعلم، حيث أن المعرفة هي المعرفة السطحية بالشيء،وأما العلم بالشيء فهو التعرف علي مكوناته، وان استخدام المعرفة دون إعمال العقل يجعل هناك أقوال تتردد إلي العقل دون صحة وعلم لها، مما سبب فى الأنتشار لأفكار لا تندرج تحت مفاهيم الدين وتم استغلالها باسم المعرفة وأتخذها البعض على انها علم لهم. كما عجز الخطاب الدينى التقليدى على التعامل مع مايطرحه هؤلاء الشباب الذين تشبعوا بهذة الأفكار عن طريق الأنترنت ،لأن هذا الخطاب يهتم فقط بعرض الدين على الشباب بصورة تقليدية دون معرفة احتياجاتهم منه وهو ماأحدث المشكلة التى نعانى منها فى المنطقة العربية بسبب التأثير الشديد للتغيرات الحضارية السريعة التى حدثت فى ثورة المعلومات والأتصالات والتكنولوجية التى تجتاح العالم ،وأرتباط الشباب بها ، ما أحدث فجوة بين الخطاب الدينى الذى لم يتطور والخطاب الحضارى الذى تطور بشكل سريع . فعجز الخطاب الدينى عن مواجهة الفكر المتطرف، وأصبحوعلى الساحة فى المواجهه منفردا ، ولم تسانده المؤسسات الثقافية والأعلامية والتعليمية فى الأهتمام بالنشء وتصحيح المفاهيم المغلوطة، ونشر قيم التسامح والتعايش والمساواة والسلام ،ضد خطاب الكراهية والتمييز الدينى والتعصب والأقصاء والتطرف ،ففشلت المؤسسات الدينية والثقافية والتعليمية عن التعامل مع تعدد وتنوع وتشعب الفكر المتطرف وأسبابه . الأمر الذى وصل لضم وتجنيد النساء والتحاقهن بالمنظمات المتطرفة وليس الشباب فقط ،وسعيها لأستغلال قدرة المرأة فى أن تنشأ أجيالا منخرطة في التطرف ،وبالبحث فى هذه التوجهات وجد إن للمرأة نفس الدوافع فى الأنضمام منها تهديدات الهوية العرقية والسياسية والمستقبل المجهول الذى تتعرض له ،ووجود أنظمة مستبدة وظالمة لا تستطيع معالجة قضايا التطرف والحسم فيه داخل مجتمعاتها. للدرجه التى وصلنا فيها إلى أن يصبح الانترنت المصدر الرئيسى للمعلومات أمام الشباب والشابات والمحرك الأساسي لاستقطابهم لسرعه تفاعله وعرضه للافكار وتداولها ،وعدم قدرة المجتمعات العربية والأسلامية علي تطوير التعامل اليومى التواصلي المباشر الجذاب مع الأبناء والشباب والشابات ،وايجاد حلول سريعة لمشاكلهم وخلق منظومة متكاملة مبنيه على الوسطية والاندماج تكون الدولة فيها الحاضنة لهم، وأهمال الأسرة دورها في مواجهة الافكار المتطرفة فى أن تراقب سلوك أبنائها والتغيرات التي تطرا عليهم، وتعرف مع من يتواصلون على مواقع الأعلام الاجتماعي لانها أخطر الأدوات والوسائل لنشر الفكر المتطرف والارهاب. لمزيد من مقالات عماد حجاب;