علي مدي عقود مضت تولت الحكومات المتعاقبة دورالرعاية والاضطلاع بمعظم الخدمات والانشطة في مختلف المجالات التجارية والصناعية والاسكان وتوفير فرص العمل, مما أدي إلي انحسار دور المجتمع الأهلي وفي نفس الوقت عانت مصر من ويلات الحروب والزيادة السكانية والازمات الاقتصادية المتلاحقة وعجزت الحكومات وحدها عن ممارسة تلك الأنشطة وتقديم الخدمات بصورة أفضل للمواطن خاصة مع ارتفاع عدد السكان, فكان لابد أن يواكب مرحلة التحول من الاشتراكية الي الليبرالية تفعيل أكبر للتعاون بين الحكومة والمجتمع, والأهلي.. وحدث بالفعل.. ففي مصر الآن أكثر من26 ألف جمعية أهلية واتحاد تعاوني في مختلف الانشطة, ولكن القليل منها من له وجود فعلي ومؤثر علي أرض الواقع. ومن هذا المنطلق قد نري أننا في حاجة أكبر إلي تفعيل دور المشاركة بين القوي التنفيذية والاجتماعية في مصر ممثلة في مشاركة الشباب للأجهزة التنفيذية في مواجهة الكوارث والأزمات, وعلي سبيل المثال لا الحصر كان يمكن فريق من الشباب تحت شعار شباب يعمل من أجل مصر, أن يكون لهم دور فعال لاحتواء تداعيات كارثة مثل كارثة غرق عبارة السلام عام2006, ودور فعال في استقبال وايواء وتوزيع الأغذية والأغطية والتخفيف من معاناة أهالي الضحايا الذين توافدوا بالآلاف, وقد افترشوا الأرصفة ولم يجدوا سوي الاستغلال من بعض ضعاف النفوس, وكارثة الانهيار الأرضي في مركز سوق اللبان بالمحلة الكبري عام2007, والذي نتج عنه, أخلاء لعدد17 منزلا من السكان, وكارثة انهيار صخرة الدويقة في2009, وأخيرا كارثة السيول التي ضربت شبه جزيرة سيناء وشرق وجنوب الوادي2010, ومن هنا تأتي حتمية الوجود المباشر في الشارع مع المواطن لتخفيف الآلام. إن ما يقوم به شباب الهلال الأحمر المصري في مختلف مواقع الأحداث في إطار من التنسيق الميداني لمواجهة الحدث لهو خير مثال وهو نموذج يحتذي برعاية سيدة مصر الأولي, ولكننا في حاجة إلي التوسع وتعميق أكبر للفكرة وترسيخ تلك المفاهيم لدي الشباب, فهذه النماذج المضيئة جديرة بأن تحتذي فنحن في حاجة إلي: - وضع مناهج تعليمية تعرف النشء بالنشاط البيئي المحيط وكيفية مواجهته والتعامل مع متغيراته المختلفة. - تدعيم العملية التعليمية بالتدريب العملي خلال الاجازات الصيفية والاستفادة من طاقات الشباب المهدرة. - مشاركة الشباب في معسكرات تدريب في الخارج لتبادل الخبرات والثقافات. ولا شك في أن الحصار سيكون عظيما نلخصه في النقاط التالية: - دعم روح الولاء والانتماء( لمصر) كنتيجة للمشاركة الفعلية للشباب في مواجهة الازمات والكوارث. - إيجاد أجيال جديدة من الشباب محبي العمل التطوعي في اطار من الترابط والتكامل بعنصري الأمة من الشباب( المسلم والمسيحي) - رفع الوعي البيئي بين الشباب بحيث لايقتصر نشاطهم علي مجرد التحرك علي فترات متباعدة لمواجهة أزمة أو كارثة ما لاقدر الله, وانما من خلال المشاركة في حملات تشجير وحملات توعية في محافظاتهم نحو بيئة أفضل خالية من كل ألوان التلوث. وحتي نستطيع تفادي عامل المفاجأة ونقلل بقدر المستطاع من حجم الخسائر لابد من توافر دراسة مستفيضة يساهم في وضعها خبراء في مختلف التخصصات بحيث يتم وضع خريطة مستقبلية لنوعية الكوارث التي يمكن أن تتعرض لها البلاد علي أن يراعي المتغيرات المناخية والجيولوجية, مع الاخذ في الاعتبار طبيعة كل محافظة من حيث الموقع الجغرافي والمساحة والكثافة السكانية والامتداد العمراني, وأهمية وجود لجنة دائمة لمواجهة الكوارث والازمات يتمثل بها ممثلون علي مستوي عال لجميع الاجهزة التنفيذية. إن مفتاح نجاح هذه التجربة يتمثل في ايجاد شباب علي أرقي مستوي من الايمان بالفكرة وحب هذا الوطن, وهي تعتمد علي مبدأ الالتزام الخلقي وحب العمل التطوعي, ولا شك في أن كثيرا من الشباب ينتظر الفرصة فمازالت قيم العمل التطوعي في قلوب الشعب المصري بمختلف طوائفه.