لاأدري سر إصرار قناة ال " سي بي سي " بالإبقاء علي استمرار عرض المسلسلات التركي حتى هذه اللحظة ؟ رغم أن باقي القنوات الأخرى قاطعت تماما تلك النوع من الدراما ولم نعد نري لها وجود علي شاشتهم ! والمضحك في الأمر أنه كانت هناك مرات عديدة تمت فيها مقاطعة تلك المسلسلات , من جانب أصحاب القنوات الفضائية الخاصة , عندما كانت تخضع جميعا لما يسمي " بغرفة صناعة الأعلام المرئي والمسموع " , والتي كان يرأسها المهندس محمد الأمين والذي هو أيضا رئيس مجموعة قنوات السي بي سي ! ولأن تلك المقاطعات كانت تتخذ للأسف كنوع من رد الفعل المؤقت علي الرئيس التركي " اوردوغان " وتدخلاته السافرة في الشأن المصري , علاوة علي تورطه الدائم ويداه الملوثة والملطخة بدماء شهدائنا الأبرار, من جراء ما يقوم به هو وشركاؤه الإرهابيين من العمليات الإرهابية في كل بقاع مصر ! لذلك وما أن تنتهي أثار الواقعة أو الحادثة من هنا , إلا وسرعان ما كانت تتراجع تلك القنوات عن قراراتها السابقة وتعود ريما "عفوا " أقصد القنوات لعادتها القديمة في عرض تلك المسلسلات علي جميع قنواتها ! وهكذا عشنا سنوات طويلة سمحنا فيها للأتراك أن يغزونا من جديد , ولكن هذه المرة كان الغزو عن طريق المسلسلات وأن كان هذا في نظري هو الأخطر , خاصة وأن تلك الأعمال تغلغلت داخل كل بيت مصري وعربي أيضا . واعتقد أننا عانينا جميعا من أثار نشر ثقافة عالمهم وسلوكهم وعاداتهم وتقاليدهم المختلفة تماما عن عادتنا الشرقية وعن تعاليم ديننا أيضا. وكان أكثر ما يحزنني وقت اكتساح هذه المسلسلات في بلادنا , أنها كانت بمثابة عمل أكبر حملة دعائية مجانية قدمها لهم عالمنا العربي بأكمله , وعلي طبق من ذهب وفضة وياقوت ومرجان وكل ما يخطر ببالك من مجوهرات سخرت جميعا للترويج السياحي لهم ! والغريب أنه وبعد أن فرحنا أخيرا بالجلاء التركي عن قنواتنا " فيما عدا السي بي سي التي مازالت هي الوحيدة الباقية علي عهدها بالوفاء لهم في عرض مسلسلاتهم " ! فإذا بنفس القنوات تفاجئنا بطرح بديل أخر استراتيجي للتركي , عن طريق غزو من نوع جديد من المسلسلات الهندي , وعليه فقد راحت كل واحدة من هذه القنوات تنافس الأخرى بما تستطيع اقتناءه أو شراؤه من وأهم وأغلي ما يتم أنتاجه في الهند من مسلسلات حتى ولو كانت بأسعار خيالية ! ويبقي السؤال لماذا الإصرار يا سادة علي هذا التهافت علي كل ما هو أجنبي ؟ وبالمناسبة أنا لست ضد التنوع في عرض أية أعمال من أي دول أخري , فعلي الأقل فهي ستطلعنا علي ثقافات وحضارات دول وبلدان مختلفة لا نعلم عنها شيئا ! لكن ما نراه الآن ليس له علاقة بما نريده من التنوع أو الانفتاح علي الأخر , وإنما هي مجرد موضة جديدة كان من الممكن أن نرحب بها لو كان التعامل بالمثل , كأن نري مسلسلاتنا وهي تعرض أيضا في بلاد الهند أو السند أو أي مكان أخر في العالم ! أما ولأن حدوث هذا يعتبر حايا ضرب من الخيال , إذن فكل ما تفعله تلك القنوات أنها تهدر ملايينها هباء , بينما كانت ستفيدنا أكثر لو وجهت أموالها إلي الإنتاج الجيد من المسلسلات , فوقتها فقط سنتخلص من الغزو التركي ومن بعده الهندي أو أي مسلسل أخر ناطق بأي لغة من لغات العالم ! [email protected] لمزيد من مقالات علا السعدنى;