بما أننا نعيش الآن في زمن الحرائق المشتعلة بصفة منتظمة يوميا في كل مكان وعلي كل الأصعدة تقريبا بما في ذلك أيضا حرارة الجو الملتهبة هي الأخرى بشكل غير مسبوق من قبل لدرجة أنها سجلت منذ أيام قليلة أعلي درجة حرارة في العالم ! وبالتالي فلا عجب ولا عجاب إذا ما انتقلت عدوي هذه الحرائق إلي الدراما الرمضانية هي الأخرى! خصوصا وأنها تواصل ارتفاعا جنونيا في أسعارها عاما بعد أخر حتى وصلت هذا العام إلي حوالي مبلغ ال 2 مليار ونصف جنيه ! وقبل أن يمتد مفعول هذه الحرائق أيضا إلي رفع الضغط عند المصريين بسبب توارد مثل هذه الأخبار الكفيلة بحرق دم أي أحد منا , فعلينا أولا أن نبرئ ذمة الدولة من تهمة الإنفاق علي هذه المسلسلات , وذلك لسبب بسيط جدا أنها كلها تابعة للقطاع الخاص وليس التليفزيون المصري ! ولولا الأزمة الاقتصادية الصعبة والارتفاع الجنوني للأسعار التي نعاني منها جميعا حاليا لكنا تمنينا أن يكون تليفزيون بلدنا وقطاع إنتاجه هو المسئول عن إنتاج هذه الأعمال أو غيرها حتى تعود الريادة الفنية إليه من جديد وحتى يعود إلينا نحن أيضا الفن الجيد الذي افتقدناه خلال الفترة الأخيرة ! وللحق فإن هناك شعورا بالحسرة وذلك ليس بسبب تلك المبالغ الخرافية التي تنفق علي المسلسلات فلا يوجد من العقلاء من يرفض وجود الدراما أو الفنون عموما في بلد قد أطلق عليها منذ قديم الأزل بأنها هوليوود الشرق ! ولكن ما يحزننا بحق أن معظم هذه الأموال أن لم يكن أغلبها تذهب هباءا منثورا علي أجور الفنانين " وسنوالي فيما بعد الحديث عنها بشكل مفصل ولكننا سنتوقف الآن أمام كونها تلتهم وحدها حوالي 70% من الميزانية خاصة بعدما تفشت مؤخرا ظاهرة " التسويق " التي جعلت المسلسل يعتمد علي أسم البطل أو البطلة فهو وحده الذي يحدد البيع و الشراء للقنوات الفضائية بصرف النظر عن جودة العمل أو قيمته الفنية من عدمها ! والمصيبة أن هذه الطريقة وبعد أن ثبت فشلها إلا أنها مازالت هي المعمول بها حتى وقتنا هذا , وكأن صناع الفن يعملون في وادي والناس في وادي أخر تماما حيث انصرفت أعداد غفيرة منهم وعزفوا عن المشاهدة الرمضانية تماما . والنتيجة الحالية هي نقص في " الكيف " وقد يكون ذلك شيء عاديا وسبق اعتيادنا عليه , إلا أنه وهذا هو الجديد أن النقص امتد إلي الكم أيضا فتناقصت عدد المسلسلات هذا العام بشكل ملحوظ جدا , وبعد أن وصل الإنتاج الرمضاني خلال السنوات الماضية لأكثر من 100 مسلسل تقلص العدد حتى وصل إلي 27 فقط ! هذا إذا أخذنا في الاعتبار أيضا أن ذلك العدد هو مجمل أعمال العام كله ولكنه لأسباب تتعلق بالفشل يتم حشره مرة واحدة في شهر وحيد هو رمضان ثم يعاد عرضه مرارا وتكرارا علي مدار العام , لذلك وطبقا لمنظومة كلها خاطئة فطبيعي أن نري مسلسلاتنا في تراجع وهبوط مستمر بينما تتصاعد علي الجانب الأخر الأعمال السورية أو التركية أو حتى المكسيكية إلي أن وصل بنا الحال أن المسلسلات الهندية أصبحت تنافسنا بل وتفوقت علينا !!! [email protected] لمزيد من مقالات علا السعدنى