رئيس "ضمان جودة التعليم" يستقبل وفد الهيئة الليبية    رئيس جامعة أسيوط يترأس اجتماع مركز استشارات الحاسبات لبحث تطوير الخدمات الرقمية    سعر الدواجن اليوم الأربعاء 18-6-2025 فى الإسكندرية.. الكيلو ب90 جنيها    سعر الذهب اليوم الأربعاء 18 يونيو 2025.. وعيار 21 يسجل 4810 جنيهات    مسئولو "الإسكان" يتفقدون مشروعات البنية الأساسية بمدينة برج العرب الجديدة    البورصة المصرية تستهل تعاملات اليوم بتراجع رأس المال السوقي    وزير الري: التنسيق مع الإسكان لتحديد كميات ومواقع سحب مياه الشرب    «حماس»: التهديد الأمريكي بالتدخل عسكريا ضد إيران تدفع المنطقة إلى حافة الانفجار    وزير الدفاع الإسرائيلى: سنقصف رموزا سيادية وحكومية إضافية فى إيران قريبا    «جوتيريش» يطالب بالتحقيق في «قتلى الجوع» بغزة.. ويشدد على ضرورة إدخال المساعدات    قنصل مصر في نيويورك يدعم بعثة الأهلي    تحرير 576 مخالفة مرورية لعدم ارتداء الخوذة    نتيجة الشهادة الإعدادية فى 7 محافظات بالاسم ورقم الجلوس    الأرصاد تكشف عن ارتفاع درجات الحرارة ابتداء من الجمعة    إحباط ترويج مخدرات ب50 مليون جنيه ومصرع عنصرين إجراميين بالمنيا | صور    ضبط قضايا إتجار بالنقد الأجنبي بقيمة 5 ملايين جنيه خلال 24 ساعة    الداخلية تضبط 6 كيلو مخدرات فى حملة أمنية بأسوان    ترامب يؤجل حظر تيك توك للمرة الثالثة بتمديد جديد لمدة 90 يومًا    الموت يفجع الفنانة هايدي موسى    بتكلفة تجاوزت 87 مليار جنيه.. «الصحة»: 18 مليون قرار علاج على نفقة الدولة خلال 5 سنوات    إنقاص الوزن وزيادة النشاط.. ماذا يحدث لجسمك عند تناول مشروب الكمون والليمون صباحًا؟    المعركة بدأت.. ومفاجأة كبرى للعالم| إيران تعلن تصعيد جديد ضد إسرائيل    تركي آل الشيخ يكشف كواليس زيارته لعادل إمام    "فات الميعاد" يتصدر المشاهدات وأسماء أبو اليزيد تشارك أول لحظات التصوير    بحضور رئيس جامعة حلوان.. رسالة علمية عن "منير كنعان" بمجمع الفنون والثقافة    صحة إسرائيل: 94 مصابا وصلوا إلى المستشفيات الليلة الماضية    تداول 11 الف طن بضائع و632 شاحنة بموانئ البحر الأحمر    «زي النهاردة».. وفاة قديس اليسار المصرى المحامى أحمد نبيل الهلالي في 18 يونيو 2006    نائب وزير الصحة تزور قنا وتشدد على تنفيذ برنامج تدريبي لتحسين رعاية حديثي الولادة    الهلال ضد الريال وظهور مرموش الأول.. مواعيد مباريات اليوم في كأس العالم للأندية 2025    طريقة عمل الحجازية، أسهل تحلية إسكندرانية وبأقل التكاليف    تياجو سيلفا: فلومينينسي استحق أكثر من التعادل ضد دورتموند.. وفخور بما قدمناه    وكيل لاعبين يفجر مفاجآت حول أسباب فشل انتقال زيزو لنادي نيوم السعودي    الإيجار القديم.. خالد أبو بكر: طرد المستأجرين بعد 7 سنوات ظلم كبير    مؤتمر إنزاجي: حاولنا التأقلم مع الطقس قبل مواجهة ريال مدريد.. ولاعبو الهلال فاقوا توقعاتي    «رغم إني مبحبش شوبير الكبير».. عصام الحضري: مصطفى عنده شخصية وقريب لقلبي    الرئيس الإماراتي يُعرب لنظيره الإيراني عن تضامن بلاده مع طهران    نائب محافظ شمال سيناء يتفقد قرية الطويل بمركز العريش    مينا مسعود: السقا نمبر وان في الأكشن بالنسبة لي مش توم كروز (فيديو)    غادة عبدالرازق راقصة كباريه في فيلم «أحمد وأحمد» بطولة السقا وفهمي (فيديو)    كوريا الجنوبية تمنع توتنهام من بيع سون لهذا السبب!    التفاصيل الكاملة لاختبارات القدرات لطلاب الثانوية، الأعلى للجامعات يستحدث إجراءات جديدة، 6 كليات تشترط اجتياز الاختبارات، خطوات التسجيل وموعد التقديم    السكة الحديد.. مواعيد قيام القطارات من محطة بنها إلى مختلف المدن والمحافظات الأربعاء 18 يونيو    إسرائيل تهاجم مصافي النفط في العاصمة الإيرانية طهران    جاكلين عازر تهنئ الأنبا إيلاريون بمناسبة تجليسه أسقفا لإيبارشية البحيرة    الشيخ أحمد البهى يحذر من شر التريند: قسّم الناس بسبب حب الظهور (فيديو)    ألونسو: مواجهة الهلال صعبة.. وريال مدريد مرشح للتتويج باللقب    سي بي إس: لا يوجد توافق بين مستشاري ترامب بشأن إيران    نجم سموحة: الأهلي شرف مصر في كأس العالم للأندية وكان قادرًا على الفوز أمام إنتر ميامي    جدال مع زميل عمل.. حظ برج الدلو اليوم 18 يونيو    الجبنة والبطيخ.. استشاري يكشف أسوأ العادات الغذائية للمصريين في الصيف    الأبيدى: الإمامان الشافعى والجوزى بكيا من ذنوبهما.. فماذا نقول نحن؟    المنيا خلال يومين.. حقيقة زيادة أسعار تذاكر قطارات السكك الحديدية «التالجو» الفاخرة    العدل يترأس لجنة لاختبار المتقدمين للالتحاق بدورات تدريبية بمركز سقارة    اللواء نصر سالم: الحرب الحديثة تغيرت أدواتها لكن يبقى العقل هو السيد    فضل صيام رأس السنة الهجرية 2025.. الإفتاء توضح الحكم والدعاء المستحب لبداية العام الجديد    الشيخ خالد الجندي يروي قصة بليغة عن مصير من ينسى الدين: "الموت لا ينتظر أحدًا"    أمين الفتوى يكشف عن شروط صحة وقبول الصلاة: بدونها تكون باطلة (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البطرسية.. من الشيخ «القاياتى» إلى الشاب «الانتحارى»
نشر في الأهرام اليومي يوم 17 - 12 - 2016

يقول الشاعر الكبير أدونيس:''ذلك الجسم الذى ينفجر ويتمزق متناثرا شلوا شلوا(مفردة أشلاء)، أو يحترق ويتحول إلى رماد وغبار، إنما هو جسم يبدو كأنما لا صاحب له‘‘...
لا أعرف بالضبط كم “جسما” مصريا تفجر منذ أن عرف العنف السياسي/الدينى طريقه إلى مصر قبل عقود. ولكن ما أعرفه هو أن مصر تعيش دورة عنف ممتدة لا جامح لها منذ مطلع السبعينيات وحتى الآن. وأن ''مصر الإقليم الموحَد والموحِد‘‘:جغرافيا ودينيا منذ الأزل، قد تناثرت فيه “أشلاءُ” الجسامين على مدى جهاته الأربع...لم ينج مكان فى مصر من الجسامين المتفجرة من جراء هذا العنف. الأخطر أن هذا النوع من العنف ينفذ وفق غطاء دينى يبيح القتل للمخالفين وللمغايرين. عنف دموى يقينا لا يعرف تاريخ مصر الكنانة...مصر المحروسة...مصر المركب الحضارى التعددي...مصر ''البراح‘‘؛: السعة والانفتاح.
أكاد أجزم أن الانتحارى الشاب ومن معه الذين قرروا تفجير الكنيسة البطرسية الأسبوع الماضى قد أعمتهم “تأويلات الدم”؛ عن معرفة أن هذا المكان الذى يتقدم نحو تفجيره قد وقف فيه يوما أحد مشايخ الأزهر الكبار...إنه الشيخ العلامة: “مصطفى أحمد عبدالجواد عبداللطيف القاياتي”(1879 1927)، (صاحب مؤلف: “المجموعة اللطيفة لمكارم الأخلاق المنيفة”، والذى حصل على العالمية من الأزهر الشريف، وأنتدب لتدريس اللغة العربية فى الجامعة المصرية.. عندما استشعر بأن التفرقة الدينية تطل برأسها فى وقت تحتاج إليه مصر إلى الوحدة والتماسك الوطنيين بين كل مكوناتها دون تمييز...خاصة أن مصر بكل مواطنيها كانت تناضل من أجل الاستقلال الوطني...
ففى مايو من عام 1922 (وقت مناقشة دستور 1923) ذهب مولانا الشيخ ''القاياتي‘‘ إلى الكنيسة البطرسية، حيث خطب فى حضور خمسمائة من القبط قائلا: “أقسم بالله إذا كان الاستقلال سيؤدى إلى فصم الاتحاد(يقصد الوحدة الوطنية بين المصريين)، فلعنة الله على هذا الاستقلال”.
وحول هذه العبارة يعلق أستاذنا المؤرخ المعتبر طارق البشرى فى مجلده العمدة والمرجعي: “المسلمون والأقباط فى إطار الجماعة الوطنية”( الطبعة الأولى 1980 نقلا عن صحيفة وادى النيل فى 20 مايو 1922). أن الشيخ القاياتى كان ينبه بقوله السابق إلي: “أولوية التكوين الوطنى للجماعة المصرية على الاستقلال السياسي، وإلى أن التفرقة الدينية أكثر خطرا من الاحتلال ذاته”.
ولم يكن ما فعله الشيخ القاياتى تعبيرا عن موقف شخصى أو استثنائي. فلقد كان هذا هو الوعى السائد لمجايلى الشيخ القاياتى ونذكر منهم المشايخ:” يوسف الدجوي، ومحمد الابيارى وهما مكفوفان، ومحمد عبد اللطيف دراز، وسليمان نوار، وحمود الغمراوي، وعلى سرور الزنكلوني، ومحمود أبو العيون”(راجع سعيد اسماعيل على فى دور الأزهر فى السياسة المصرية 1986).حيث انخرطوا فى الحركة الوطنية. فبمجرد أن ذاع نبأ القبض على سعد زغلول أسرعوا إلى الرواق العباسي، حيث كونوا لجنة عام 1919تهدف إلي: كتابة المنشورات وتنظيم الخطابة والاجتماعات التى تعقد حول منبر الأزهر والكنائس.ولعب دورا فى التنسيق مع القيادات الدينية القبطية آنذاك للانضمام للحركة والتى كان من نتاجها تنظيم الخطب فى الكنائس. وكانت حركتهم تتكامل مع حركة السياسيين المصريين من المسلمين والأقباط الذين عرفتهم الحركة الوطنية آنذاك.
وتشير القراءة التفصيلية لهذه المرحلة وما بعدها. وتحديدا لمرحلتى النهوض الوطني: الليبرالى الاجتماعى من 1919 إلى 1969. حيث حكم زمن الشيخ القاياتي، الذى خطب فى البطرسية، تأويلات ترى فى الشراكة الوطنية بين المصريين على اختلافهم “ركنا” أساسيا من أركان النهوض الوطني. ينسجم فيها الدين مع الوطنية. وتتسق فيها الوطنية مع الدين.
إلا أن زمن الانتحاريين الشباب حل، مع مطلع السبعينيات، حاملا رؤى وافدة منبتة الصلة برؤى الأجداد...يتم فرضها من خلال الحزام الناسف...غير معنية بحياة البشر...كل البشر...تسعى لتؤسس لزمن قائم على التفرقة الدينية. وعلى سمو رؤيتها وعصمتها دون رؤى الآخرين...وأن رؤيتها لاتقبل بالشراكة الدينية ولا الوطنية، وربما بالوطن...ليس فى وعيها ولا وجدانها التجربة المصرية التاريخية...
ولكن فى ذروة التفجير والأشلاء المتناثرة، والدماء السوداء، والظلمة الحالكة...يخرج بصيص من الضوء متمثلا فى شعور المصريين بالخطر الذى لم يعد يصنف أو يميز...ومن ثم التضامن فيما بينهم دون تمييز لمواجهة الحدث الجلل...فالمصاب واحد ويخص الجميع...والأجساد المتفجرة “لها صاحب”، ولها قيمة ومكانة...
وللحظة يستشعر المرء بأن الوجدان المصرى يختزن رغم كل دورات العنف قيم زمن الشيخ القاياتي. حيث يستدعيها، فتتجلى فى لحظة السواد لتنير الطريق وتمنع الشر المستهدف...
وتبقى الأسئلة الواجب طرحها: وتبقى الأسئلة الواجب طرحها.. أين زمن شيخ القاياتي؟ وكيف وصلنا إلى زمن الشاب الانتحاري؟ ألم يحن الوقت بعد لاستعادة زمن الشيخ القاياتى ورفاقه.. المصرى بامتياز.. وما الذى يعوق دون التواصل معه... أن تفجير الأجسام لم يعد يميز بين مصرى وآخر.. ولابد من وقفة.. رحم الله شهداء مصر على اختلافهم.. نتابع..
لمزيد من مقالات سمير مرقس;


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.