تحبس أوروبا أنفاسها فى انتظار نتائج التعديلات الدستورية التى صوت عليها ملايين الناخبين الإيطاليين أمس، فى الوقت الذى أصبح فيه مستقبل ماتيو رينزى رئيس الوزراء الإيطالى على المحك فى حالة رفض التعديلات. وتراقب العواصم الأوروبية بحذر الاستفتاء، خصوصا أنه أيا كانت النتائج، فإنه سيؤدى إلى التغيير، حيث ستؤدى خسارة الاستفتاء إلى استقالة رينزي، زعيم الحزب الديمقراطى الذى ينتمى إلى يسار الوسط. وفى غياب بديل واضح، يثير غموض النتيجة قلقا فى أوروبا وفى أسواق المال التى تخشى بعد صدمة قرار بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبى «بريكست» وصعود الحركات الشعبوية، مرحلة جديدة من عدم الاستقرار فى ثالث اقتصاد فى منطقة اليورو. وتخشى الأسواق المالية والسياسيون الأوروبيون من أن فوز المعسكر الرافض للإصلاحات قد يتسبب فى اضطراب سياسى ويجدد القلاقل فى القطاع المصرفى الإيطالى الذى يعانى بالفعل مشكلات بما قد يدفع منطقة اليورو لأزمة جديدة. وتحد الإصلاحات من دور مجلس الشيوخ وصلاحيات السلطات المحلية وهى إجراءات تقول الحكومة إنها ستحقق الاستقرار السياسى فى إيطاليا. ومع اصطفاف كل أحزاب المعارضة ضد التعديلات الدستورية المقترحة، سيكون فوز رينزى ب «نعم» للإصلاحات مفاجأة وسيمثل نصرا شخصيا ضخما لأصغر رئيس وزراء فى إيطاليا الذى كثيرا ما بدا أنه يخوض الحملة منفردا. لكن كل استطلاعات الرأى تقريبا فى الشهرين الأخيرين، أشارت إلى خسارة رينزي، خصوصا أنه خلال الأيام الأخيرة من الحملة التى سبقت الاستفتاء أصر رئيس الوزراء الإيطالى على أن المزاج العام يتغير وركز اهتمامه على ملايين الإيطاليين الذين قالوا إنهم لم يحسموا أمرهم بعد. وقد تكون نسبة الإقبال حاسمة فى النتيجة إذ من المتوقع أن يصوت ما يصل إلى 60 ٪ من الناخبين. وشدد خبراء استطلاعات الرأى على أن نسبة المشاركة الأقل تصب فى صالح رينزى مع تركز العداء للإصلاحات، التى طرحها، بين الناخبين الشباب وأهالى الجنوب الفقير وهى قطاعات من السكان عادة بالمشاركة فى الانتخابات. وإذا تجاوزت نسبة الإقبال 60٪، فإن هذا يمكن أن يصعب توقع النتائج لأنه سيشير إلى أن الكثير من الناخبين الذين قالوا إنهم يعتزمون عدم المشاركة أدلوا بأصواتهم فى نهاية المطاف. جاء ذلك فى الوقت الذى أدلى فيه النمساويون بأصواتهم فى الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، والتى قد تحمل للمرة الأولى يمينيا متطرفا إلى رئاسة واحدة من الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبي، وأول انتخاب حر لرئيس دولة منتم لليمين المتطرف فى أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. ودعى حوالى 6٫4 مليون ناخب إلى التصويت فى هذا الاقتراع الذى يتنافس فيه نائب رئيس البرلمان نوربرت هوفر -45 عاما- أحد قادة حزب «الحرية» اليمينى المتطرف أمام الليبرالى المدافع عن البيئة ألكسندر فان دير بيلين (72 عاما). وأكدت وزارة الداخلية أنه سوف يتم إعلان النتائج اليوم، بعد فرز أصوات الناخبين الذين اقترعوا بالمراسلة. وكانت نتائج انتخابات أولى جرت فى مايو الماضى ألغيت بسبب عيوب فى الاجراءات. ومنصب رئيس الدولة فى النمسا فخرى بشكل أساسي، لكن انتخاب هوفر سيشكل مع ذلك انتصارا جديدا للمعسكر الشعبوى بعد ستة أشهر على فوز مؤيدى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى وفوز دونالد ترامب بالرئاسة الأمريكية. وكان فان دير بيلين قد حذر فى آخر مناظرة تليفزيونية مع هوفر قائلا: «دعونا لا نلعب بالنار. دعونا لا نلعب بمسألة الانسحاب من الاتحاد الأوروبي»، مشيرا إلى حقيقة أن هوفر قال فى بادئ الأمر إن النمسا قد تجرى استفتاء خاصا بها فى غضون عام قبل تراجعه عن ذلك.