نحن فى زمن العجائب، فحتى نواب الشعب يبحثون عن الشهرة، ويتناولون مسائل لا يفهمونها تحت قبة البرلمان، وفى وسائل الإعلام، وقد تابعنا من قبل ما أثاره بعضهم عن العذرية، ونساء الصعيد، وضعف الرجال، والبذاءات والشتائم التى ارتكبوها بحق الآخرين، ها هو أبو المعاطى مصطفى عضو مجلس النواب يقول أنه كان يجب معاقبة نجيب محفوظ لأنه خدش الحياء فى روايتيه «السكرية»، و«قصر الشوق»، لكن أحدا لم يحرك وقتها الدعوى الجنائية ضده ! وهو كلام غريب قاله فى اجتماع لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بالنواب، خلال مناقشة مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات الخاص بقضايا النشر، والمواد المتعلقة بخدش الحياء العام، مما أثار ردود فعل غاضبة جعلت الدكتور جابر عصفور وزير الثقافة الأسبق يصفه بأنه «مسكين لا يقرأ شيئا وثقافته ضعيفة جدا!، ويبدو أنه لم يقرأ المادة 67 من الدستور التى تنص على أنه لا مساس بالحريات فى قضايا النشر أو الفكر أو الإبداع، ولا يستطيع التمييز بين الأعمال الأدبية وغير الأدبية، ولا يعرف قيمة نجيب محفوظ، ولو أخذنا بكلامه فسوف نعاقب كل الأدباء بمن فيهم «ابن عباس» صاحب كتاب «الإتقان فى علوم القرآن» الذى ذكر فيه الكثير من أبيات الشعر التى طبقنا عليها هذا الكلام العجيب لا ستحق العقاب، وإذا تناولنا هذه المسألة من جانب قانونى سنجد أن «خدش الحياء» كلمتان غامضتان، فما يندرج تحت هذا المفهوم فى زمن ما وبيئة معينة، ليس كذلك فى زمن آخر، وبيئة أخرى. إننا نعيش فوضى فكرية، ويضرب المرء كفا بكف من هؤلاء الذين يقحمون أنفسهم فيما لا يفهمون فيه، بل ويشرعون القوانين بلا ثقافة ولا خبرة، وفاقد الشيء لا يعطيه. [email protected]