بعد تحديه محاولات أمريكية على مدى 50 عاما لإسقاطه، أعلنت السلطات الكوبية أمس وفاة زعيمها التاريخى فيدل كاسترو عن 90 عاما بعد صراع طويل مع مرض معوي، وقررت إعلان حالة الحداد الوطنى فى البلاد 9 أيام، حزنا على وفاة زعيمها الذى اشتهر بلحيته الكثيفة وزيه العسكرى وسيجاره الكوبى المميز. وقد أعلن الرئيس الكوبى الحالى راؤول كاسترو، الذى تسلم السلطة عام 2008، فى بيان تلاه عبر التليفزيون الوطنى خبر وفاة شقيقه قائلا: «أيها الشعب الكوبى العزير، ببالغ الأسى أنعى لشعبنا والأصدقاء فى قارتنا الأمريكية وحول العالم وفاة القائد الأعلى للثورة الكوبية»، فيما لم يوضح أسباب الوفاة. وأعلن راؤول أيضا أنه «بناء على رغبة عبر عنها الرفيق فيدل، سيتم حرق جثمانه». من جانبه، ذكر مجلس الدولة، فى بيان مقتضب، أن «الحداد الوطنى بدأ من الأمس وحتى الأحد المقبل 4 ديسمبر، حيث تنظم الجنازة الرسمية فى مدينة سانتياجو دى كوبا - ثانى كبرى مدن البلاد - التى أعلن منها الزعيم الراحل انتصار الثورة». وأضاف البيان أنه «خلال هذا الأسبوع المخصص لذكرى الزعيم فيدل سيتم تنكيس الأعلام، كما سينقل رماده ليجوب كل أنحاء البلاد على مدى أربعة أيام». وقد انتشر نبأ وفاة فيدل، الذى أعلن فى منتصف ليل أمس، بسرعة فى شوارع العاصمة هافانا، حيث عبر الكثير من السكان عن ألمهم لرحيل «الكومندنتى» لقب فيدل الشهير، فيما توالت ردود الفعل الدولية على رحيله بعدها. فى المقابل، استقبل الإعلان عن وفاته بالفرح من ألف كوبى يعيشون فى ميامى وبصيحات «كوبا حرة» و«حرية، حرية»، وسط تقديم الشامبانيا والتقاط صور السيلفى على وقع الطبول والأواني. فبعد إصابته بمرض معوى، كاد أن يودى بحياته فى 2006 تنازل «فيدل» عن السلطة لشقيقه الأصغر رسميا بعد ذلك بعامين، ثم تخلى فى أبريل 2011 عن آخر مسئولياته الرسمية بصفته السكرتير الأول للحزب الشيوعى الكوبي، فيما غاب تماما عن الأضواء بين فبراير 2014 وأبريل 2015، مما غذى حينها شائعات حول حالته الصحية، لكن منذ عام ونصف العام عاد إلى استقبال شخصيات أجانب فى منزله، رغم محدودية تنقلاته. وانتزع كاسترو السلطة فى ثورة 1959 وحكم كوبا 49 عاما بمزيج من الدهاء والكاريزما، وأصبح شخصية رئيسية فى الحرب الباردة. وصورت الولاياتالمتحدة وحلفاؤها كاسترو «شيطانا»، لكن الكثير من اليساريين حول العالم مولعون به خاصة الثوار الاشتراكيين فى أمريكا اللاتينية وإفريقيا. وتصدى كاسترو لغزو دعمته وكالة المخابرات المركزية الأمريكية فى خليج الخنازير عام 1961، كما نجا من عدد هائل من محاولات الاغتيال. واشتهر الزعيم الكوبى الراحل بارتداء الزى العسكرى وتدخين السيجار لسنوات طويلة من وجوده فى السلطة، كما اشتهر بخطاباته الطويلة المفعمة بالوعيد والكلمات النارية الموجهة فى الغالب إلى الولاياتالمتحدة. وقبل رحيله شهد فيدل قبل عامين الإعلان التاريخى عن التقارب بين كوباوالولاياتالمتحدة، فيما تطوى وفاته بذلك نهائيا صفحة الحرب الباردة التى أوصلت العالم إلى حافة نزاع نووى أثناء أزمة الصواريخ عام 1962. قاد فيدل كاسترو كوبا لمدة خمسة عقود، وكان ثالث أطول زعيم دولة بقاء فى منصبه فى العالم بعد الملكة إليزابيث ملكة بريطانيا وملك تايلاند، وفى عام 2012 أدرجته مجلة تايم الأمريكية فى قائمة أكثر 100 شخصية مؤثرة فى العالم عبر التاريخ.