يقول الرئيس التركي أردوغان طبقا لتصريحات صحفية نقلت عنه في لقاء عقده بدعاة إسلاميين يوم 11 أكتوبر، واستهدف بها رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي «أنت لست ندي ولست بمستواي، وصراخك في العراق ليس مهما بالنسبة لنا على الإطلاق، فنحن سنفعل ما نشاء، وعليك أن تعلم ذلك، وعليك أن تلزم حدك أولا». في البداية لم أكن أتصور ان هذا التصريح يصدر عن رئيس لدولة. وقلت في نفسي لعله من مبالغات الفيسبوك. لكن وجدت التصريحات على العديد من المواقع الإخبارية. ومنها موقع روسيا اليوم. وباقي التصريح يقول على لسان اردوغان «بعض الدول تأتي من بُعد آلاف الكيلومترات للقيام بعمليات في أفغانستان وغيرها في كثير من المناطق بدعوى تشكيلها تهديدا لها، بينما يقال لتركيا، التي لها حدود بطول 911 كم مع سوريا و350 كم مع العراق، إنه لا يمكنها التدخل لمواجهة الخطر هناك، نحن لا نقبل أبدا بهذا المنطق الأعوج». والواقع ان الواحد في منتهى الاستغراب من تصريح اردوغان هذا. أليس هو بنفسه حليفا لقوات التحالف التي تأتي من آلاف الأميال لتستهدف العراقوسوريا؟ ألا تشن هذه القوات ضربات على أراضي العراقوسوريا انطلاقا من قواعد في الأراضي التركية؟ ثم نعود لما قاله اردوغان والذي أضاف اتركيا ليست لديها مطامع ولو في شبر واحد من أراضي وسيادة غيرها، ولا نملك هدفا غير حماية أراضينا وسلامة المسلمين في المنطقة.ثم نتوقف عند الجزء الأخير في هذه الجملة ونسأل، ومن الذي نصب اردوغان حامي حمى المسلمين في المنطقة لكي يتحرك للاعتداء على سيادة الدول دون سند من قانون دولي او دعوى من حكومات الدول بحجة سلامة المسلمين في المنطقة؟ ويستكمل اردوغان المنطق الأعوج ويقول «لا يمكن أن نبقى متفرجين حيال ما يحدث في العراق، ولا يمكن أن نصم آذاننا لدعوات أشقائنا هناك» . ونحن بدورنا نسأل ومن هم الأشقاء الذين دعوا اردوغان للتدخل في شئون العراقوسوريا وإرسال قوات برية لتقف على أرض الغير؟ وهل قواته التي على أرض العراقوسوريا منعت التوسع والانتشار الكردي؟ او حتى منعت مساعدة أمريكا للمتمردين الأكراد الذين تأتي تقويتهم تهديدا لوحدة الأراضي التركية نفسها؟وفي المقابل، جاء الرد سريعا من العراق وفي نفس اليوم، فلقد رد المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، على تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان التي هاجم العبادي فيها، ووصف المكتب التصريحات «بغير المسئولة». ولقد قال المتحدث الرسمي باسم رئيس الوزراء العراقي اإن تصريحات اردوغان غير مسئولة وتعبر عن مواقف منفعلة وخطاب متشنج ونحن نأسف لهذه التصريحات»، . هذا هو الرد العراقي الرسمي. لكن هناك ردا آخرا شعبيا وميداني يتوعد الجانب التركي، وجاء على لسان الحشد الشعبي العراقي الذي صدر عن هيئته تصريح يتوعد الرئيس التركي في ميادين القتال ويقول «سنعرف من الذي سيلزم حده ويسحق خده».وهكذا دأب اردوغان، يحول كل حدود بلده من دولة «زيرو مشكلات» مع الجوار الى دولة لها حدود ملتهبة في كافة الأطراف. وبهذه العقلية نتابع بدهشة مسلسل الانهيارات التي لا تنتهي في علاقات تركيا بالمنطقة. ان رفع حالة العداء بين تركياوالعراق يصب في مصلحة إيران. فهل يسعى أردوغان لإيهام الخليج انه حليفهم القوي امام إيران؟ ولكن من الذي سيصدق هذا الكلام! هل مجرد تصريحات تركيا ضد العبادي هي الإشارة التي ستعطي الخليج الطمأنينة ان تركيا في صف الخليج في مقابل إيران؟ وماذا عن العديد من الاتفاقيات التي تم توقيعها في الصيف الماضي بين تركياوإيران؟ وماذا عن حالة التقارب التركي الروسي؟ أخشى ان تصريحات تركيا تؤكد ان هذا البلد الذي تعرض لانقلاب عسكري غير مكتمل منذ أشهر قليلة لا يمكن الاعتماد عليه كشريك محتمل لدول الخليج في مواجهة أي خطر. لمزيد من مقالات معتمر أمين;