شباب المصريين بالخارج مهنئا الأقباط: سنظل نسيجا واحدا في وجه أعداء الوطن    صوامع الشرقية تستقبل 423 ألف طن قمح    التخطيط: 6.5 مليار جنيه استثمارات عامة للإسماعيلية للعام المالي الحالي    الجيش الإسرائيلي يفرض حظر نشر على حادث كرم أبو سالم    أخبار الأهلي: موقف كولر من عودة محمد شريف    رونالدو: الهدف رقم 900؟ لا أركض وراء الأرقام القياسية ... 66 هاتريك أغلبها بعد سن الثلاثين، رونالدو يواصل إحراج ليونيل ميسي    «قطار الموت» ينهي حياة فتاة داخل مدينة ملاهي بأكتوبر    الجد الأعظم للمصريين، رحلة رمسيس الثاني من اكتشافه إلى وصوله للمتحف الكبير (فيديو)    اعرف حظك وتوقعات الأبراج الاثنين 6-5-2024، أبراج الحوت والدلو والجدي    جامعة بنها تنظم قافلة طبية بقرية ميت كنانة بطوخ    "خطة النواب": مصر استعادت ثقة مؤسسات التقييم الأجنبية بعد التحركات الأخيرة لدعم الاقتصاد    التنمية المحلية: استرداد 707 آلاف متر مربع ضمن موجة إزالة التعديات بالمحافظات    وزير الإسكان: قطاع التخطيط يُعد حجر الزاوية لإقامة المشروعات وتحديد برامج التنمية بالمدن الجديدة    «شباب المصريين بالخارج» مهنئًا الأقباط: سنظل نسيجًا واحدًا صامدًا في وجه أعداء الوطن    نتنياهو: إسرائيل لن توافق على مطالب حماس وسنواصل الحرب    إعلام عبري: حالة الجندي الإسرائيلي المصاب في طولكرم خطرة للغاية    روسيا تسيطر على بلدة أوتشيريتينو في دونيتسك بأوكرانيا    زعيم المعارضة البريطانية يدعو سوناك لإجراء انتخابات عامة عقب خسارة حزبه في الانتخابات المحلية    صحة غزة: ارتفاع إجمالي الشهداء إلى 34 ألفًا و683 شخصًا    كنائس الإسكندرية تستقبل المهنئين بعيد القيامة المجيد    البابا تواضروس: فيلم السرب يسجل صفحة مهمة في تاريخ مصر    حمدي فتحي: مستمر مع الوكرة.. وأتمنى التتويج بالمزيد من البطولات    وزير الرياضة يتفقد منتدى شباب الطور    بين القبيلة والدولة الوطنية    في إجازة شم النسيم.. مصرع شاب غرقا أثناء استحمامه في ترعة بالغربية    «الداخلية» في خدمة «مُسِنّة» لاستخراج بطاقة الرقم القومي بمنزلها في الجيزة    التعليم: نتائج امتحانات صفوف النقل والاعدادية مسؤلية المدارس والمديريات    رفع حالة الطوارئ بمستشفيات بنها الجامعية لاستقبال عيد القيامة المجيد وشم النسيم    بالصور.. صقر والدح يقدمان التهنئة لأقباط السويس    «سلامة الغذاء»: تصدير نحو 280 ألف طن من المنتجات الزراعية.. والبطاطس في الصدارة    ماري منيب تلون البيض وحسن فايق يأكله|شاهد احتفال نجوم زمن الفن الجميل بشم النسيم    أنغام تُحيي حفلاً غنائيًا في دبي اليوم الأحد    بعد انفصال شقيقه عن هنا الزاهد.. كريم فهمي: «أنا وزوجتي مش السبب»    بالتزامن مع ذكرى وفاته.. محطات في حياة الطبلاوي    الليلة.. أمسية " زيارة إلى قاهرة نجيب محفوظ.. بين الروائي والتسجيلي" بمركز الإبداع    حفل رامى صبرى ومسلم ضمن احتفالات شم النسيم وأعياد الربيع غدا    الإفتاء: كثرة الحلف في البيع والشراء منهي عنها شرعًا    دعاء تثبيت الحمل وحفظ الجنين .. لكل حامل ردديه يجبر الله بخاطرك    «الإسكان» تنظم ورش عمل مكثفة للمديريات حول تطبيق التصالح بمخالفات البناء وتقنين أوضاعها    جامعة بنها تنظم قافلة طبية بقرية ميت كنانة في طوخ    رئيس هيئة الرعاية الصحية يبحث تعزيز التعاون مع ممثل «يونيسف في مصر» لتدريب الكوادر    لتجنب التسمم.. نصائح مهمة عند تناول الرنجة والفسيخ    "الرعاية الصحية" بأسوان تنظم يوما رياضيا للتوعية بقصور عضلة القلب    فاينانشال تايمز: الاتحاد الأوروبي يضغط لاستبعاد قطاع الزراعة من النزاعات التجارية مع الصين    الأهلي يجدد عقد حارسه بعد نهائي أفريقيا    الاتحاد يواصل تدريباته استعدادًا لمواجهة الأهلي.. وأتوبيسات مجانية للجماهير    «التعليم»: المراجعات النهائية ل الإعدادية والثانوية تشهد إقبالا كبيرًا.. ومفاجآت «ليلة الامتحان»    «منتجي الدواجن»: انخفاضات جديدة في أسعار البيض أكتوبر المقبل    البابا تواضروس خلال قداس عيد القيامة: الوطن أغلى ما عند الإنسان (صور)    السيطرة على حريق شقة سكنية في منطقة أوسيم    ضبط دهون لحوم بلدية غير صالحة للاستهلاك الآدمي في البحيرة    المديريات تحدد حالات وضوابط الاعتذار عن المشاركة في امتحانات الشهادة الإعدادية    «الدفاع المدني الفلسطيني»: 120 شهيدا تحت الأنقاض في محيط مجمع الشفاء بغزة    مختار مختار: عودة متولي تمثل إضافة قوية للأهلي    محمود البنا حكما لمباراة الزمالك وسموحة في الدوري    هل يجوز السفر إلى الحج دون محرم.. الإفتاء تجيب    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    رسالة دكتوراة تناقش تشريعات المواريث والوصية في التلمود.. صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سيناريو اشتباك
بدلة بيضا مليانة دم
نشر في الأهرام اليومي يوم 30 - 09 - 2016

اعتبر أنك الآن لا تقرأ موضوعا صحفيا، بل تشاهد فيلما تسجيليا، حول قصة تقع أحداثها فى 45 ثانية فقط، لكنها بالنسبة لراويها - والوطن بأكمله- قصة عمر!.
القصة نعرفها جميعا، مرّ عليها الآن 35 عاما بالتمام والكمال. إنها قصة (حادث المنصة) الشهير، عندما تم اغتيال الرئيس الراحل محمد أنور السادات فى عرض عسكرى يوم السادس من أكتوبر عام 1981، فى حدث يمثل أعنف (اشتباك) فى تاريخ العلاقة بين الجماعات (الإسلاموية) والدولة فى مصر.
بطل قصتنا هذه - أو الفيلم- هو الراوي، اللواء أحمد الفولي، الذى كان ضابطا بشرطة رئاسة الجمهورية وقت حادث المنصة. أما المادة التى ستقرأها - أو الأحرى ستشاهدها مقروءة- فترجع مصادرها إلى تصريحات عديدة حول الحادث أدلى بها لأكثر من قناة تليفزيونية، عقب ثورة الخامس والعشرين من يناير. كان آخرها - والتى يقوم عليها الجانب الأكبر من الحكاية- خلال لقاء أجراه الشهر الماضى مع برنامج (الفراعنة) على التليفزيون الروماني، الذى يقدمه الدكتور عبدالله مباشر، سفير النوايا الحسنة، ويشرف عليه اللورد ياشار حلمي. بالإضافة إلى تصريحات سابقة أدلى بها للإعلاميين لبنى عسل فى قناة (الحياة)، وطونى خليفة فى (القاهرة والناس)، وقنوات أوروبية أخري.
وبرغم مضى السنين، فقد تحدث الفولى بكلمات ملؤها الفخر والحنين، بدت كلوحة تظهر على الشاشة، فى مستهل شريط الأحداث، التى استعادها من ذاكرة التاريخ، فجاءت الحكاية على لسانه أقرب ما تكون إلى ذكريات حول علاقة إنسانية بين بشر، لا مجرد شهادة تاريخية حول حدث. وبرغم مضى السنين، فإن وقائع الحدث، والعلاقات التى نسجها حوله البشر، تظل حكاية ملهمة، تفتح الآفاق للكتابة والتعبير عنها بشتى السبل، ليتجسد الحدث أمامنا، حاملا لنفوسنا مختلف العبر، ومتباين الأثر، مما لا نسعى هنا إلى إبراز جانب منه دون الآخر، سوى التذكير فقط بأننا جميعا بشر؛ لا ملائكة أو شياطين.. مجرد بشر.
والآن.. اقطع - من فضلك- صلتك بالموضوع الصحفي.. وابدأ المشاهدة عبر هذه المادة المقروءة.. أين سنجد حدثا دراميا بهذا الحجم كى نجرب معه شكلا من أشكال الكتابة فى جريدة؟!.. وإمعانا فى التجريب فإننا ندعوك لأن تضع بنفسك - فى خيالك- ما تختاره من موسيقى ومادة فيلمية مصورة بين الفواصل.. اقرأ إذن.. أو شاهد.. وسجّل بنفسك اختياراتك.
....................
(اسم الفيلم يظهر فى اللوحة الأولى على الشاشة)
بدلة بيضا مليانة دم
....................
(كلمات موقعة باسم المتحدث تظهر فى اللوحة الثانية على الشاشة)
شئ أفتخر به طول حياتى ويفتخر به أولادى أنى كنت ضابطاً فى شرطة الرئاسة فى حقبة السيد الرئيس السادات.. رحمة الله عليه.. وحتى آخر لحظة فى حياته وبعد وفاته كان فى حضني.. أنا اللى حملته مع أحد الزملاء وقت الحادث المؤسف فى المنصة لحد الطائرة الهليكوبتر اللى نقلته لمستشفى المعادي.. والسيدة جيهان السادات روت هذه القصة.. وهذا وسام أكبر من ال 5 أوسمة اللى أحملها.
اللواء أحمد الفولي
....................
(عنوان الجزء الأول من الحديث يظهر فى اللوحة الثالثة على الشاشة)
على بعد 3 أمتار
....................
(الفولى يظهر على الشاشة ويبدأ التحدث ثم يظهر شريط مدون عليه: اللواء أحمد الفولي.. ضابط بشرطة رئاسة الجمهورية فى حادث المنصة)
يوم حادث المنصة.. كان الرئيس قاعد وأمامه الرخامة بتاعة سور المنصة.. وأنا كنت على يساره على بعد حوالى 3 أمتار من سيادة الريس عند السلم الصغير على الشمال اللى بيؤدى للطريق كحراسة مع زميل من الحرس الجمهوري.. وفيه اتنين تانيين من شرطة الرياسة والحرس الجمهورى عند السلم اليمين.. وبعدين حصل اللى حصل.. ظهرت العربية اللى كانت بتتحرك وبعدين وقفت أكتر من مرة أثناء العرض.. اللى كان فيها خالد الإسلامبولي.. وتبين بعد كده من التحقيقات أنه كان بيقول للسائق بتاعها أنه يقف لكن كان بيرفض.. لأن السواق ماكانش من المجموعة اللى نفذت العملية.. إزاى يقف وسط العرض؟.. فكان خالد بيشد فرامل اليد والسواق ينزلها ويتحرك.. لحد ما خالد هدده بالسلاح فنزل السواق يجري.
ونزل خالد وجرى ناحيتنا فى المنصة وهو بيزعق وبيتكلم كلام مش فاهمينه ويشوّح بإيديه.. وفجأة سيادة الريس وقف.. وقعد يقول له: فيه إيه يا ولد؟ فيه إيه يا ولد؟.. وبصّ لنا يعنى شوفوا الولد ده فيه إيه (ينظر الفولى جانبه ويشير بيده تمثيلا لحركة السادات).. كلنا اعتبرنا أنه جاى يتظلم من شئ معين.. لكن فجأة وضع إيده فى صدره وبدأ يرمى قنابل يدوية.. تبين بعد كده أنها قنابل يدوية شديدة الانفجار.. وبعدين رجع.
فى نفس التوقيت.. كان الأولاد الثلاثة عطا وحسين وعبدالحميد نزلوا من عربية تانية «كراز» روسى كبيرة جدا (يرفع يديه مشيرا إلى ضخامتها) بتقطر مدفع 130 ملم.. وبدأوا يضربوا دفعات بالبنادق الآلية فى اتجاه المنصة.
....................
(عنوان الجزء الثانى من الحديث يظهر فى لوحة على الشاشة)
التقصير
....................
(الفولى يظهر مرة أخرى ويواصل الحديث)
شرطة الرياسة والحرس الجمهورى لم يقصروا فى شئ.. كل ده تم فى ثوان سريعة.. خصوصا أن خالد الاسلامبولى كان جاى فى البداية بيتكلم وبدون أى أسلحة.. ده ما خلاش حد يظن أنه جاى يعمل عمل عدائي.. لأن عادة فى كل خدمات سيادة الريس كان فيه ناس تحب تيجى تشتكى (ابتسامة صغيرة ونبرة حاسمة).. ولو كان أى حد منا لمس أى شخص جاى يسلم عليه أو يجرى على الموكب كانت تبقى كارثة بالنسبة لأى ضابط يعمل كده (يشيح بيده).. وكان ده بيحصل كتير جدا مع أنور السادات فكان بيقول: سيبوه سيبوه تعال يا إبنى فيه إيه؟.. لدرجة أن واحد جاله مرة وقال له: أنا عايز أتعشى معاك (تتسع عيناه ويفتح فمه وترتسم ملامح الاستغراب).
صحيح كان فيه تهديدات قبل العرض.. وأنا سمعت بنفسى بعد كده وزير الداخلية النبوى اسماعيل بيقول للنائب حسنى مبارك فى المستشفي: يا فندم مش أنا قلت بلاش العرض ده؟!.. لكن الثوانى الثلاثة اللى اتحرك فيها خالد الاسلامبولى ناحية المنصة ما كانتش تسمح بالتفكير ده.. خصوصا مع عدم وجود سلاح معاه (يرفع صوته قليلا للتأكيد).. لكن بمجرد ما طلّع القنابل بدأت دفعات الآلى تشتغل من المنصة ناحيته وناحية المهاجمين.. كل الناس ضربت والثلاثة أصيبوا فعلا.. بدليل إننا بعد كده لما رحنا المستشفى أنا وزميلى المقدم عصام شحاتة من الحرس الجمهورى دخلنا الغرفة اللى فيها المتهمين المصابين الثلاثة ولقينا واحد منهم وهو عبدالحميد بيشاور على عصام شحاتة ويقول له: انت اللى ضاربنى الطلقة دى فى بطنى بس أنا ما رضيتش أموتك.. لأن عبدالحميد حاول يطلع من السلم اللى احنا كنا واقفين حراسة عليه لكن ماعرفش يطلع وأخذ طلقة من عصام.
....................
(عنوان الجزء الثالث يظهر على الشاشة)
الرئيس فى صدري
....................
(الضابط يكمل حديثه)
طبعا بعد كده حدث هرج ومرج فى المنصة.. والناس ما بقيتش عارفة سيادة الريس فين.. وأنا لفيت وطلعت من على كرسى أمام الرخامة.. وكان أحد زملائنا واقفا بجوار الريس اللى كان على الأرض.. حملناه واحتضنته وجرينا به.. (يبتسم ابتسامة خجلي) وقعنا فى الأرض وقمنا تاني.. وكانت رأسه على إيدى الشمال وزميلى ماسك بقية جسمه من الرجلين لحد الطيارة الهليكوبتر «جازيل» اللى بنحطها خلف المنصة للإخلاء.. هى طيارة صغيرة ما تشيلش أكثر من 3 أفراد.. وضعناه فيها وطلع معاه 2 من البودى جارد بتوعه.. وراحت مستشفى المعادي.. وكان الريس حى وقتها مش متوفى (يرفع صوته).
بعد طلوع الطيارة.. افتكرت وجود السيدة جيهان السادات فى الدور العلوى فخفت أنه يكون فيه هجوم تاني.. فقلت أروح لحرم سيادة الريس لإخلائها.. قابلتها فقالت لي: فيه إيه يا أحمد؟.. قلت لها: يا فندم الريس بخير.. قالت لي: لأ أنا شايفاك من الشرفة شايله وانت بدلتك كلها دم.. طبعا أنا كنت لابس زى الشرطة الأبيض وكان الريس فى صدرى بينزف فطبعا البدلة مليانة دم.. بس قلت لها: أيوة أصل هو متعور فى إيده.. (ملامح متألمة) ما رضيتش أقول لها إصابته إيه بالضبط إشفاقا عليها.. علما بأن الريس كان بيرفض خالص ارتداء القميص الواقى من الرصاص.. الريس السادات كان بيتقال عليه الرئيس المؤمن.. وهو كان مؤمناً فعلا.. وكان بيؤمن تماما أنه وقت ما ييجى القضاء حينفذ (يشدد على الكلمة).. واحنا كنا عارفين ده كويس.
....................
(عنوان الجزء الرابع على الشاشة)
البركة فيكم.. «الريس خلاص»
....................
(المتحدث يواصل الكلام)
لما رحنا المستشفى بقينا قاعدين فى الغرفة المجاورة لغرفة العمليات منتظرين إنقاذه.. فطلع لنا كبير الجراحين.. والسيدة جيهان قالت له: يا دكتور هل تحب نستدعى دكاترة من الخارج؟.. فقال لها: لأ دكاترتنا شغالين.. (يبتسم الفولي) قالت له: دكاترتنا شغالين إزاى إذا كنت انت كبير الجراحين وأنت بره معانا دلوقتي؟.. فبكي.. وهى قالت: خلاص يا ولاد. الرئيس توفاه الله. يا أحمد اندهلى سيادة النائب حسنى مبارك.. وكان فى غرفة مجاورة متعور فى إيده.. رحت وقلت له: سيادة النائب. الهانم عايزة حضرتك.. (يبتسم) إحنا كنا نقول عليها الهانم وهى هانم فعلا.
قالت للنائب: البركة فيكم. الرئيس خلاص.. قال لها: لأ ازاي؟!.. قالت له: لأ. فعلا سيادة الرئيس خلاص. مصر أمانة فى إيديكم.. فراحوا عشان فيه اجتماع فى مجلس الوزراء.. ندهتلى تانى وقالت لي: يا أحمد إلحقهم خليهم يمشوا من طرق مختلفة. أحسن يكون حد متربص بهم وهم دول القيادات الموجودة.. فى اللحظة دى كان ده اللى فكرت هى فيه وقتها.. مصر (يرفع إصبعه بحسم).. بتفكر فى مصر.. لأن فعلا دلوقتى الرئيس تم اغتياله والنائب رايح هو ومعاه وزير الداخلية وممدوح سالم مساعد الرئيس.. دول القيادات الموجودة لو حد تربص بهم الدولة تضيع.. (ابتسامة ارتياح) السيدة جيهان السادات التاريخ حيذكرها بكل خير.
فضلت مع زملائى من الحرس الجمهورى وشرطة الرياسة مع سيادة الرئيس فى الثلاجة.. وبتنا معاه على كرسيين ببطانية.. مش مصدقين اللى حصل.. طول الليل نفتح الدرج فى الثلاجة فى مستشفى القوات المسلحة فى المعادي.. نبص على سيادة الريس.. مش مصدقين.. ونقرأ قرآن.
....................
(عنوان الجزء الخامس على الشاشة)
لغز الطلقة القاتلة
....................
(يكمل الضابط حديثه)
بعد كده قالوا لى تعال استلم ملابس الريس السادات.. لقيت كبير الأطباء شرعيين موجود وأحد الضباط بيقول له إن الأشعة بتظهر وجود طلقة صغيرة فى أعلى صدر الرئيس من الناحية اليمين.. والطلقة الصغيرة دى طبعا مش طلقة بندقية آلي.. فبصيت للضابط وقلت له: إزاي؟. يعنى حد تانى اشترك فى العمل ده؟. إزاى تقول كده؟ (ملامح امتعاض).. كبير الأطباء الشرعيين قال له: شوف يا ابنى أنا رجل عندى 70 سنة. أنا أفتح وأشوف وبعدين أقول. إنما الأشعات لا أعترف بها.. وخلال فترة ما أخذت اللبس ورجعت به إلى الجيزة فى منزل الريس كان الدكتور فؤاد محى الدين رئيس الوزراء رحمة الله عليه اتصل بالسيدة جيهان السادات وقال لها: إحنا بنستأذنك فى تشريح الجثمان.. سألته عن السبب فقال لها: لمصلحة التحقيق.. قالت له: أنا أول واحدة مع مصلحة التحقيق بس أكون موجودة.. فلما وصلت أنا قالوا لي: إجرى بسرعة على المستشفى تانى لأن السيدة جيهان السادات فى طريقها لهناك.
أخذت العربية وجريت على المستشفي.. وكانت لحظة وصول السيد جمال السادات نجل السيد الرئيس.. أول ما شافنى احتضنى لأننا أصدقاء يعنى وقريبين من بعض.. بكينا.. وقال لي: متشكر يا أحمد أنا عرفت إن انت اللى شلت بابا.. قلت له: بتشكرنى على إيه؟. كنت تشكرنى لو كان سيادة الريس حي. إنما كده مفيش شكر (يهز رأسه بحسم وأسى وتغيب عن وجهه الابتسامة).
مدير المستشفى وقتها رفض حضور الأستاذ جمال والسيدة جيهان التشريح.. فقال الأستاذ جمال للضابط المرافق معاه: إطلب لى سيادة النائب حسنى مبارك بالتليفون.. (يتحدث الفولى بقوة وألم) وكانت أول كلمة قالها الأستاذ جمال فى المكالمة: يا سيادة الريس. أول وآخر طلب أطلبه منك. أحضر تشريح أبويا.. ويظهر إن سيادة النائب قال له وقتها: طب أجيلك.. لأنى سمعت الأستاذ جمال بيرد: لأ حضرتك عندك مسئوليات كبيرة جدا للبلد.. فطلب النائب أنه يكلم مدير المستشفى اللى أخذ التليفون.. وسمعته فى المكالمة بيقول: حاضر يا فندم. حاضر يا فندم.
....................
(عنوان الجزء السادس والأخير يظهر على الشاشة)
شهود على التاريخ
....................
(يواصل اللواء الفولى حديثه)
نزلنا المشرحة وطلّعنا سيادة الريس من الثلاجة وحطيناه على بنش.. وقتها السيدة جيهان وجدت ناس كتير جدا داخل المكان.. فقالت: كله بره كله بره محدش يقف إلا أحمد الفولي.. قلت لها: يا فندم بعد إذنك المقدم عصام شحاتة من الحرس الجمهورى يحضر معانا.. (يبتسم رافعا كلتا يديه وصوته مفسرا) كنت عايز يبقى فيه شهود على التاريخ.. فوافقت.. الدكتور فتح فى الناحية اليمين أعلى الصدر وأخرج المقذوف أو الطلقة الصغيرة اللى عليها الخلاف.. فهى أخذتها من إيده واديتهالى وقالت لي: الطلقة دى بتاعة إيه؟.. قلت لها: يا فندم أخويا وزميلى عصام شحاتة ضابط جيش يفهم أكثر مني.. لكن الأستاذ جمال أخذ المقذوف منها.. وهو بطل رماية وعنده خبرة كبيرة فيها.. فقال لها: ده اللب الداخلى للمقذوف بتاع البندقية الآلي.
(يفسر الفولي) طب اللب ده وصل ازاي؟.. تبين أن الطلقة دى بالتحديد من بين الطلقات اللى ضربوها الولاد خبطت فى الرخامة اللى أمام الريس.. فقلعت الغلاف الرصاص بتاعها وفضل اللب الداخلى لها.. لأنهم ضاربين بطلقات من نوعية خارق حارق.. بيبقى داخل المقذوف قطعة من النحاس فقلعت الجاكت الرصاص وفضلت قطعة النحاس.. وعملت زى البلياردو كدة.. دخلت من أسفل الجانب الشمال لجسم الريس.. وفضلت ماشية لحد ما استقرت أعلى الصدر فى الجانب اليمين اللى ماكانش فيه فتحة دخول أو خروج لها.. وهى فى مشوارها ده قطعت كل الشرايين اللى طالعة من القلب.. عشان كده كان سيادة الريس بينزف وينفخ الدم فى صدري.. علما بأن سيادة الريس أصيب بثلاث طلقات فى الناحية الشمال و دى طلقات تصيب بس لكن ما تموتش.. إنما الطلقة الصغيرة دى هى اللى سببت الوفاة.. الطلقة دى فى لغتنا بنسميها أنها جات «سيكتيرما».. يعنى تخبط فى حاجة تقوم تغير اتجاهها زى البلياردو.
كل فترة الناس والقنوات بتسأل عن اغتيال الرئيس.. وأنا قلت اللى شفته.. قلت الحقيقة.. وشهدت أكثر من مرة بأنه ماكانش فيه خيانة أبدا فى المنصة.. وأشهد على عدم وجود أى يد للرئيس الأسبق مبارك فى اغتيال الرئيس السادات.. أشهد على هذا شهادة أمام ربنا.. ماحدش حينفعني.
........................
(كلمات موقعة باسم المخرج تظهر فى اللوحة الأخيرة على الشاشة)
هذه قصة حدث مدته 45 ثانية فقط.. لكنها قصة عمر.. فى واحدة من أخطر اللحظات التاريخية التى مرت بها مصر.. لا نعلم أى جوانب الحكاية قد صدّقت أو كذّبت.. وبأى منها أعجبت أو ضقت.. ولأى منها قد طربت وتأثرت أو غضبت وثرت.. لا نعلم ولا يعنينا أن نعلم.. أنت وهواك.. أنت وتوجهك.. أنت وميلك وعقلك.. لكن ما نعلمه حقا وصدقا أنها قصة بشر.. وأننا فى تحليلنا لأى سلوك إنساني.. فى أى زمان أو مكان أو مجال.. لا مفر من أن ننطلق من قناعة راسخة بأن فاعله ليس ملاكا أو شيطانا.. فنحن جميعا بشر.. مجرد بشر.. بذل بيضاء سرعان ما تتلون ببقع من الدماء.
المخرج


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.