سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ابتزاز للمشاعر الدينية أم مساعدة للفقراء والمرضى؟ رمضان .. شهر الإعلانات وجمع التبرعات!
علماء دين: إعلانات مبالغ فيها ومخالفة للشريعة ولوائح المؤسسات الخيرية
كان شهر رمضان الموسم الأكثر أهمية وتنافسية للجمعيات الخيرية وصانعى الإعلانات التجارية الذين تسابقوا سعيا إلى تحقيق هدف واحد هو جذب المشاهد وجمع التبرعات، وأصبحت نداءات الجمعيات الخيرية التى تطلب من المشاهدين التبرع جزءا أساسيا من كعكة الإعلانات الرمضانية التى قامت كلها على فكرة واحدة تقول للمشاهدين تبرعوا لإنقاذ الفقراء والمرضى اعتمادا على روحانيات هذا الشهر الكريم وأموال الزكاة تخرج فيه. وأثارت تلك الظاهرة موجه سخط كبيرة بين المشاهدين ونشطاء الفيسبوك، فى ظل إمكانية توجيه هذا الإنفاق الضخم لدعم الفقراء وتمويل المشروعات الصحية والشبكات الاجتماعية، ورغم الأسعار المرتفعة للإعلانات يقبل أصحاب الجمعيات والمؤسسات الخيرية للتنافس على أفضل الأوقات التى يعلنون بها من اجل هدفهم الواحد، وهو جذب المتبرعين إليهم، وهو ما أثار شكوك الكثيرين حول مصداقية وأمانة هذه المؤسسات فى جمع واستغلال هذا الكم الكبير من التبرعات. وعلى الرغم من الإقبال الهائل من أهل الخير على التبرع لتلك الأنشطة الخيرية فنحن بدورنا نتساءل: أين تذهب أموال المتبرعين؟ وما مصير تبرعات رمضان؟ وهل تذهب هذه التبرعات إلى مستحقيها الفعليين أم يتم صرفها بعشوائية؟ وهل هذا الإلحاح الذى شهدناه على الشاشات الصغيرة عمل إيجابى أم سلبي؟ ألم يكن من الأولى أن تستفيد الجمعيات الخيرية من تكلفة تلك الحملات الإعلانية لدعم أوجه الخير وصرف تلك الأموال الهائلة فى مشروعات حقيقية تسهم فى حل أزمة البطالة وتدعم الجهود الاقتصادية للدولة؟ علماء الدين يؤكدون أن هذه الأعمال سلبية ومبالغ فيها وإسراف وتبذير منهى عنه شرعا، وهى أمانات يجب أن تؤدى إلى أهلها، خاصة أن هذه الجمعيات تشكو ضيق ذات اليد، فكيف لها أن تنفق هذه الأموال الطائلة على الإعلانات. وطالب العلماء بأن تخضع هذه الجمعيات لرقابة الجهاز المركزى للمحاسبات والتضامن الاجتماعي، وطالب العلماء بمجلس أعلى لبيت الزكاة، يضم فقهاء من الشريعة الإسلامية ومحاسبين وكوادر مؤهلة ومدربة توزع عوائد التبرعات على الجمعيات النشيطة، خاصة فى الريف والصعيد. كما طالبوا بإخراج تقارير التضامن الاجتماعى للرأى العام عن قيمة المبالغ التى أنفقت على هذه الإعلانات مدفوعة الأجر. عمل سلبي يقول الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، إن هذه الإعلانات على الشاشات الصغيرة فى رمضان عمل سلبى لأنها مستفزة ومبالغ فيها وتنضح بالإسراف والتبذير المنهى عنه شرعا للأسف بأموال المتبرعين، قال تعالي: «إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها»، وقال النبي، صلى الله عليه وسلم، «أد الأمانة لمن ائتمنك ولا تخن من خانك»، وبالاستقراء فى صفات وأهداف إعلانات بعض الجمعيات والمؤسسات الخيرية سواء كانت لإغاثة الفقراء أو لعلاج المرضى أو ما شابه ذلك، كلها إعلانات مدفوعة الأجر، والأجور فى الصحف ووسائل الإعلانات والاتصالات باهظة ومرتفعة الثمن، فهذه الجمعيات تشكو قلة ذات اليد، وللأسف فإنها تنفق أموالا طائلة على هذه الإعلانات، وهذا يفقدها المصداقية، وطوال شهر رمضان وفى العشر الأول من ذى الحجة، هذه الجمعيات تتغول على غيرها، فما ذنب جمعيات فى نفس المجالات، لكن تتقى الله فى الأموال المودعة لديها، ولا تنفق على هذه الإعلانات بهذا البذخ، للأسف المتبرعون حسنو النية يقعون فريسة لكم هذه الإعلانات ويتوجهون إليها بالتبرعات على حساب جمعيات ومؤسسات لم تعلن عن نفسها، وهذا يفقد العدالة والمساواة فى المجتمع من أجل ذلك أقول بكل اطمئنان إن هذه الإعلانات مخالفة للشريعة الإسلامية جملة وتفصيلا ومخالفة لما استقر عليه العمل فى لوائح الجمعيات والمؤسسات الخيرية، وتقع تحت طائلة المؤاخذات للجهاز المركزى للمحاسبات والتضامن الاجتماعي. مهانة للمسلمين وطالب كريمة بمجلس أعلى لبيت مال المسلمين، يضم فقهاء من الشريعة الإسلامية ومحاسبين وكوادر مؤهلة ومدربة من إخصائيين اجتماعيين ثم توزع عوائد التبرعات على الجمعيات النشيطة خاصة فى الريف والصعيد والواحات أما أن تختزل الجمعيات فى خمس أو ست جمعيات فقط ومن الناس من يتبرع لإرضاء هؤلاء وغيرهم، بينما المناطق الأشد فقرا الجمعيات لا تجد فيها ما يجعلها تؤدى رسالتها الاجتماعية، والأمر للأسف تم حصره فى خمس جمعيات كبري. كما طالب بإخراج تقرير من التضامن الاجتماعى للرأى العام عن قيمة المبالغ التى أنفقت على هذه الإعلانات المستفزة ومحاكمة المتسببين فيها أمام الرأى العام وليكن هذا بمثابة بلاغ للسيد المستشار النائب العام لحماية أموال المتبرعين التى ذهبت أموال كثيرة منها إلى إعلانات مدفوعة الأجر. هيئة واحدة من جانبه يقول الشيخ محمود عاشور، وكيل الأزهر الأسبق، إن مسئولى الجمعيات الخيرية ينتهزون فرصة أريحية الناس فى شهر رمضان وأن هؤلاء الناس يقدمون الخير فى شهر رمضان وهو شهر التبرع والعطاء ومن هنا ينتهزون الشهر لجمع أكبر قدر من المال فلا بد من قيام هيئة أو منظمة واحدة تتولى جمع التبرعات وتنفقها فى مكانها الصحيح، كما أنهم ينتهزون أيضا أن هذه الإعلانات أغلبها يكون تطوعا، وهناك شركات إعلانية تتولاها مجانا، فالمسألة الآن مفتوحة فكل من يريد أن يفعل شيئا يفعله دون رقيب، وطالب بأن تكون هناك جهة تجمع الزكاة من الناس وتنفقها فيما ينفع الدولة، فنحن فى حاجة لمدارس ومستشفيات تحتاج إلى الكثير، ولابد من تنظيمها والقيام على خدمتها بأمناء حقيقيين لمعالجة هذه القضية، وأوضح أن توزيع التبرعات يتم بصورة عشوائية وغير مدروسة، فنحن فى حاجة إلى توزيعها بصورة عاقلة، فالأمور غير منظمة لدينا، بحيث لا يأخذ من هذه التبرعات غير المحتاجين. الإعلانات من منظور إسلامي وفى سياق متصل يقول الدكتور عبدالفتاح إدريس، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، إنه لا يمترى أحد فى أن الخير متجذر فى أصل هذا المجتمع، ودليل هذا كثرة التبرعات ومؤسسات المجتمع وجمعياته التى مدت يدها إلى كل محتاج فى المجتمع، وعملت جهدها على كفايته والاهتمام بإشباع حاجاته, إلا أن ما شهدناه خلال شهر رمضان من ترادف إعلانات التبرعات للجمعيات والمؤسسات الخيرية, الذى كان بواقع الإعلان فى كل دقيقة فى كل الفضائيات لنفس العمل الخيري, مما يدل على وجود إفراط فى ذلك وصل إلى مرحلة الخلل, الذى ينبغى أن يرشد، فمن المتيقن أن الإعلان إن كان مدفوع الأجر من هذه الجمعيات والمؤسسات، وكانت التبرعات التى تذهب إليها هى من زكاوات أموال الناس, فإن أعمال الإعلانات التى تحض الناس على التبرع، لا تدخل تحت أى جهة من جهات صرف الزكاة. شو إعلامي ويرى محمد ثابت، رئيس مجلس إدارة إحدى الجمعيات الخيرية، أن تكون الدعاية الفعلية أولى من الدعاية الإعلانية، بالعمل المناسب وإظهار النشاط الفعلى لهذه الجمعيات الخيرية من ضمن الإعلانات، بحيث يكون هذا العمل ملموسا للمتبرعين، ولا يكون لمجرد أنه شو إعلامي، مقتصر على حالة أو حالتين. وأضاف، أنه يجب توحيد الجهود المبعثرة لاستثمار الأموال المتدفقة فى رمضان فى جهة واحدة ذات ثقة تضم من خلالها كل المؤسسات والجمعيات الصغيرة لتوحيد الجهود وإقامة عمل وطنى ناجح وضخم يشعر به فقراء مصر أجمعون، لأننا الآن نقوم بالتحصيل والتوزيع العشوائى من الإيرادات والمصروفات بطريقة غير ممنهجة أو مدروسة وبدون تخصيص، وبدون رؤية أو هدف، فأصبحت الإعلانات بالتبرعات الآن مقصورة على مستشفيات السرطان فقط، برغم وجود حالات لا تقل أهمية عن حاجتها، مثلها مثل أمراض السرطان.