مثلما أن إدارة العمليات العسكرية في ميادين القتال لا يمكن تركها لاحتمالات المفاجآت غير المتوقعة أو المصادفات الطارئة أو في إطار ردود الفعل الجزئية التي تلاءم كل معركة علي حدة. فإن إدارة شئون الدولة في أي وطن نابه لا يمكن أن ترتكز إلي أي حسابات غير دقيقة تقوم علي تخمينات غير مؤكدة. لعلي أكون أكثر وضوحا وأقول: إنه في استراتيجيات الحرب والقتال يتحتم علي القوات أن تعرف مهامها بالتفصيل قبل أن تخطو الخطوة الأولي نحو مهمتها المقدسة.. ولأن الحرب الحديثة باتت حرب أسلحة مشتركة, فإنه ينبغي أن تتعرف هذه الأسلحة المشتركة علي بعضها البعض من خلال تدريبات مشتركة تسبق ساعة الصفر لكي يتحقق التناغم والانسجام, وينتفي أي احتمال للتضارب أو أي خطأ في الحساب! وكذلك الحال في إدارة شئون الدولة الحديثة فإنه يتحتم علي كل فريق العمل الرئاسي وكبار معاونيهم في رئاسة الحكومة أن يعرفوا مهامهم بالتفصيل, وأن يكون هناك تنسيق بين جميع التخصصات المشاركة في إنجاز التكليفات المحددة التي تتجاوز أبعاد البراعة الذاتية لكل مسئول علي حدة, وتحتاج أيضا إلي كل ذي خبرة في شتي المجالات المطروحة في أجندة الحكومة بكل تخصصاتها. وكما أن الحرب المسلحة هي في البداية والنهاية صراع إرادات فإن ساحة الرأي العام هي المسرح الأوسع والأكثر تعبيرا عن هذا النوع من مقاييس النجاح أو الفشل لإدارة الدولة المدنية ومدي امتلاكها لقوة العزيمة والتصميم علي بلوغ الهدف المنشود دون خشية من مزايدات جوفاء تستهدف التشكيك وزعزعة الثقة في النفوس! وإذا كانت مبادئ العلوم العسكرية تشجع علي أهمية امتلاك الضربة الأولي, وكسب معطيات جديدة قبل أن تتدخل عوامل أخري تؤدي لوقف القتال فإن من مبادئ الإدارة في الدولة الحديثة البدء بطرح كافة الحقائق أمام الرأي العام حتي تكون هناك مساحة واسعة للحركة وحسن ترتيب الأولويات طبقا للقدرات والإمكانيات المتاحة! و بصرف النظر عن الخلفية العسكرية أو المدنية للرئيس المرتقب لحكم مصر فإن المهم هو حجم خبرته وعمق ثقافته ومدي إلمامه بدهاليز السلطة وكيفية صناعة القرار! خير الكلام: الحذر في أيام الرخاء يماثل الصبر في الشدائد! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله