كان تسليم شقق المقطم للمواطنين المنقولين من مناطق خطرة هو أول تطبيق عملى جاد لشعارات العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، ولعل خير تعليق جاء فى تعبير تلقائى من مواطن حصل على عقد شقة عندما قال: “حسيت نفسى بنى آدم”. المنظر على التليفزيون مبهج، ورؤية البسطاء بالدموع والزغاريد مُؤثِّر، وأما ما لا يُوصَف فهو سعادة الأطفال الذين لعبوا لأول مرة فى حياتهم على أرض نجيل مخطط، وهم فى أمان من حُفر وطوب وزجاج ومسامير وسيارات مارقة. هى إذن المرحلة الأولى على يد السيسى فى مشروع عملاق يُعدّ نقلة حضارية نوعية لم يكن يحلم بها من استفادوا منها ولا من كانوا يجتهدون فى إيجاد حل لمن لم يجدوا لأنفسهم مأوى سوى أن يعيشوا ويناموا فى قلب الخطر، إما من صخور تتساقط عليهم دون إنذار، وإما سيل ينهمر فى ثانية واحدة فيجرف أمامه كل شىء، وإما جوار شريط السكك الحديدية عند مزلقانات الموت..إلخ إلخ ولكن ليس للأحلام حدّ، فليت المراحل القادمة تُشاهَد فيها ألواح توليد الكهرباء من الشمس فوق المنشآت وعند مدخل المشروع، وزراعة أسطح العمارات، وأن يكون لكل عمارة ماسورة عملاقة للقمامة لها فتحة فى كل طابق سكنى تلقى الشقق فيها أكياس القمامة لتتجمع فى غرفة أسفل العمارة، حيث تلتقطها عربات النظافة، وليت المصممون يضعون فى حسبانهم الجراجات، وأن يكون هناك مسار خاص للدراجات لصق الرصيف، كوسيلة مواصلات وكرياضة، كما يحدث فى مدن غربية كثيرة، وليت يكون هناك مجمع ثقافى فنى، فيه سينما ومسرح، وفيه قاعات للقراءة والكومبيوتر. كما أن المولات صارت من مجالات الاستثمار المربحة، على أن تكون مجالاً للتسوق والتمشية. من المفيد أن تتشكل لجان تضم متخصصين فى عدة مجالات لتأهيل السكان الجدد على مواكبة هذه النقلة الطفرية. ومن المهم، من الآن، أن نعمل على تجنيب نزاعات واردة بشدة، بأن تكون عقود الشقق باسم الزوجين، حتى لا يتوهم زوج ذو عقلية عشوائية أنها هدية له من السماء ليتزوج مرة أخرى ويُلقِى بزوجته وأطفاله إلى العراء ليكرروا البؤس الذى جاء هذا المشروع لينتشلهم جميعاً منه! [email protected] لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب