إشارة الرئيس السيسى غير مسبوقة عندما كشف عما سمّاها حالة تجاوز فى رئاسة الجمهورية، وعن الاقتراح الذى رفضه بلمّ الموضوع، وعن إصراره على تفعيل القانون كمبدأ يجب تطبيقه على الجميع. وهو ما يمكن أن يُحطِّم التابوهات المتوارَثة عبر التاريخ والتى توفر لبعض الفئات حصانات عرفية تُذعِن لها أجهزة التحرى وجمع المعلومات وجهات توجيه الاتهام. هذا تنفيذ عملى لشعارات الثورة التى فَرضت على أجهزة الدولة على غير إرادة منها أن تُخضع مبارك للمحاكمة، وهو ما أعقبه استثناءات أخرى بمحاكمة رجاله ثم مرسى ورجاله. ولكن الواقع أنه، إضافة إلى فئة كبار رجال الدولة المستفيدين من الحصانات، هناك من يستطيع بأمواله وبعلاقاته أن يحظى بنفس المزايا. فى وقت تتعنت فيه الدولة ضد من ليس له ظهر، بداية بتجريم بعض ما لا يجوز تجريمه، إلى تغليظ العقوبات بما لا يقبله المنطق، مع سرعة المحاكمة والتعجل فى تنفيذ الأحكام، وسوء أماكن الاحتجاز وكارثية أوضاع السجون..إلخ. ويمكن للجادين فى حقوق الإنسان والمخلصين فى محاربة الفساد أن يتمسكوا بموقف الرئيس من أجل تحقيق الحلم القديم بالبدء عملياً فى المشوار الطويل الذى يستهدف تأسيس دولة القانون، التى لا يميز القانون بين مواطنيها. والحقيقة أن هذا يلزم معه الأخذ بعدة مبادئ، منها تشريع بعض القواعد وإلزام مؤسسات الدولة والأفراد بها، وذلك حتى تتوافر إمكانيات إنفاذ القانون على الجميع. وقد يكون من أهم المطلوب تشريع جديد يُستفاد فيه من خبرات الدول الديمقراطية يضمن الحصول على المعلومات وتدفقها، وحماية وسائل الإعلام المختلفة فى تداولها كقاعدة عامة، لا يُستثنى منها إلا ما يحظره القضاء. وكما بادر الرئيس بالمؤسسة التى يدير منها عمله، فليت المؤسسات الأخرى أن يكون لها مواقف شبيهة. خاصة أن هناك توجهات سارية صار من الصعب أحياناً مواجهتها، وهى ما تتجلى كثيراً فى النقابات التى قد يكون من الصعب تذكر أن نقابة منها اتخذت موقفاً نقابياً حاسماً ضد من ينتهك القانون حتى إذا كان يسىء إلى المهنة والمهنيين، أو أن تحرك ضده دعوى أمام المحاكم، بالرغم من أن النقابات تتلقى شكاوى كثيرة من المواطنين الضحايا!. [email protected] لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب