بعيدا عن حرائق العتبة والغورية ومبنى محافظة القاهرة والتى تتولى النيابة العامة مسئولية تقصى الحقائق بشأن أسبابها يظل المشهد الفوضوى فى مناطق الحرائق الثلاثة والشوارع المحيطة بها وصعوبة وصول أجهزة الإطفاء يمثل عديدا من علامات الاستفهام التى يمكن اختصارها فى سؤال محدد هو.. من الذى يفرض النظام والجدية والانضباط فى أى مجتمع.. هل اعتياد الناس على احترام القانون خشية الوقوع تحت طائلة الحساب والعقاب الذى يمارس من خلال هيبة السلطة الحاكمة وقوة نفوذها.. أم أن اعتياد الناس على احترام القانون يجيء انعكاسا لارتفاع درجة الوعى وإحساس الجميع بأن الكل أمام القانون سواء وأن المصلحة فى احترام النظام والقانون منعا للفوضى؟. والجواب على ذلك فى اعتقادى هو مزيج من الخيارين.. خيار الوعى وخيار الخشية من الحساب فقد أثبتت التجارب فى كل هذه الدول المتقدمة أن الوعى وحده لا يكفى لفرض النظام فى الشارع وإنما لابد أيضا من إحساس الناس إحساسا حقيقيا بهيبة وجدية السلطة فى تأكيد احترام القوانين والتصدى لأى شكل من أشكال الفوضى والاستثناء. إن الوعى العام عندما يمتزج مع هيبة وجدية السلطة فى السهر على فرض النظام العام يفرز تلقائيا حالة من «التراضى العام» التى يشعر الجميع من خلالها بأن أمنهم واستقرارهم وضمان مصالحهم رهن بإدراك أن احترام القانون يصب فى مصلحة الجميع. ولست أظن أننا نتحدث عن المستحيل عندما نلح على ضرورة مزج دعوات التوعية بغطاء من هيبة وجدية السلطة.. وساعتها لن يكون غريبا أن تسترد عاصمتنا العريقة وسائر مدننا الكبرى كل عناصر جمالها المفقودة! والطريق إلى ذلك يبدأ بوعى عام تحرسه جدية الأجهزة المختصة لتأكيد حقيقة مفادها أن الشارع هو ملكية عامة ليس بمنهج «الفوضى المستباحة» حاليا وإنما بمنهج « الحرص والاعتزاز» الذى ننشده حفاظا على الذوق والجمال وراحة النفس والبدن وخدمة لحركة السياحة ونشاط الأسواق ورواج التجارة. فهل نحن فاعلون؟ هذا هو السؤال.. وهذا هو الطريق! خير الكلام: النبت الصالح ينمو بالرعاية أما الشوك فينمو بالإهمال ! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله