لا شك فى أن أى حديث عن استعادة هيبة الدولة يبدأ من نقطة أساسية هى إعادة الاعتبار للشارع الذى أصبح هدفا مستباحا لكل مظاهر الخروج على القانون. وحسنا صنعت حكومة المهندس محلب عندما أيقنت - قولا وفعلا - أن القانون وحده هو الذى يمكن أن يزيل إشغالات الأرصفة بشتى أنواع الإشغالات، وأن يضمن للمواطن مكانا يسير عليه... والقانون وسلطة القانون وحدها هى التى يمكن أن ترغم الجميع على احترام لافتة عدم الانتظار فى الممنوع وعدم اختراق الشوارع من الاتجاه المغلق، وغير ذلك من السلوكيات والتصرفات التى يحار المرء فى فهمها. لقد ورثت هذه الحكومة إرثا ثقيلا من عدم تطبيق القانون الملزم لأصحاب العمارات ببناء جراجات ومن ثم لم يعد سوى الشارع والرصيف مأوى لكل أنواع السيارات الخاصة والعامة... ولأننا لم نتعامل بجد وإصرار مع فكرة إقامة أحياء صناعية للحرفيين فى أطراف العاصمة فلم يعد هناك مكان لإصلاح وصيانة السيارات من ميكانيكا وسمكرة ودوكو سوى الشارع المصرى المظلوم والأرصفة المستباحة.. ولأننا نخلط خلطا سيئا ما بين التزامات كسب الشعبية التى يحرص عليها بعض المحافظين ومساعديهم من رؤساء المدن ورؤساء الأحياء، وما بين الثوابت الأساسية التى لا يجوز الجور عليها أصدرنا آلاف التصاريح لأكشاك تسد كل الأرصفة.. وسمحنا بتحويل الأرصفة ذاتها إلى مساحات إعلانية منافية لكل ذوق وأبحنا لكل من يملك عدة أقفاص من الخضراوات أن يفترش ما يشاء من مساحة الشارع! ولأن العلاج ينبغى أن يكون علاجا جذريا فقد اتجهت حكومة محلب نحو إقامة أسواق جديدة تجتذب الباعة الجائلين والمفترشين للطريق وتطبيق القانون بحزم وصرامة وعليها بعد ذلك أن تتجه نحو إلزام كل بناء جديد بإقامة الجراجات وحظر إقامة أى إشغالات على الأرصفة، وعدم إصدار تراخيص لورش جديدة لصيانة السيارات ما لم يتوافر شرط المكان الملائم لعملية الإصلاح. وأهم دروس تجربة نقل الباعة الجائلين من وسط العاصمة إلى منطقة الترجمان هو أنه كفى تعليقا للقصور والتردد والإهمال فى كافة المجالات على شماعة « الوعى الغائب» عند المواطنين لأن هذا الوعى لن يجيء ولن يصبح له وجود إلا بعد أن يلمس الناس جميعا قوة القانون وهيبة السلطة فى فرض النظام وتحقيق الانضباط على الجميع دون استثناء.. وغدا نواصل الحديث خير الكلام: كل ما يمكن إصلاحه يمكن تحمل تكاليفه ! لمزيد من مقالات مرسى عطا الله