الرصيف عنوان الدولة, والحكم علي ما تتمتع به الدولة من هيبة في الشارع يبدأ من شكل الرصيف وطريقة إدارته... في الدول المتقدمة لا يرتفع الرصيف عن الشارع إلا بضعة سنتيمترات, ولكن يظل مساحة مقدسة للمشاة, لا تقربها سيارة ولا دراجة, ولا بائع سريح. ولهذا يظل الرصيف نظيفا كأنه جزء من بيتك.. يحدث هذا للرصيف هناك, بدون أن تشاهد ضابط شرطة ولا شرطيا صغيرا في الشارع, لأن الدولة حاضرة. في مصر بقايا أرصفة, ولأنها بقايا فهي بلا نسق, كأنها قطع ممزقة, ولهذا يظل الرصيف محتلا بسيارات تنتظر ساعات النهار, كأنه جراج خاص, أو بدراجات بخارية لا يتمتع قائدوها بالصبر ولا بالذوق, فيزاحمون المشاة بالحركة والضوضاء, إضافة إلي تجارة الملابس والخبز والأدوات الكتابية وكل شيء تقريبا, حتي بلغت تجارة الرصيف- كما تذهب بعض التقديرات60 مليار جنيه80% من حجم التجارة وهي نسبة لا تخضع للضرائب بالطبع وهكذا تفقد الدولة هيبتها مرتين!! وفي البداية يقول حسن عبدالله بائع متجول يقف علي عربة لبيع ملابس الأطفال: إنه لم يجد مصدر رزق أو مكانا ليفترش بضاعته عليه سوي الرصيف ليكسب ماله بالحلال فإيجارات المحال مرتفعة ولا يستطيع تدبيرها في ظل الغلاء الفاحش للمعيشة ورغم مطاردة ادارة الحي وشرطة المرافق له علي الدوام الا أنه يري أن ذلك أفضل من البطالة أو ممارسة عمل غير مشروع. وأكد أنه علي استعداد لترك الرصيف إذا تم توفير مناطق بديلة لعرض البضاعة ويوافقه الرأي عم جمال بائع خبز حيث يقول سعيد الحظ من يظفر بجزء من كعكة الرصيف علي الرصيف لعرض بضاعته خاصة أن اغلب الأسواق بالقرب من محطات مترو الانفاق حيث أكبر عدد من الزبائن فالمحال ايضا تستغل الرصيف لعرض بضاعتها. وبسؤال السيدة عفاف أحمد عاملة بإحدي الشركات قالت: إن الرصيف لم يعد حقا للمشاة بعد أن احتلته المحال التجارية والمقاهي واصبح مستباحا للجميع وأصبح المواطن يضطر للسير في نهر الشارع وسط السيارات خشية التعرض للمضايقات من الباعة ورواد المقاهي. ويقول عمرو علي طالب إن كلمة رصيف أصبحت بلا معني الآن بعد أن احتلته السيارات والمحلات والباعة الجائلون وأصبح لا مكان للمواطن للسير فيه. وبسؤال المهندس مصطفي زهران رئيس حي باب الشعرية أكد أن قانون140 لسنة56 يقضي بمصادرة اشغالات الطرق وتصل فيه العقوبة إلي الغرامة بناء علي حجم ونسبة الاشغال وإدارة الحي تكثف من حملاتها بالتعاون مع شرطة المرافق لإزالة الاشغالات الخاصة بالباعة الجائلين مع السعي لإنشاء أماكن لتجمع الباعة للقضاء علي مشاهد الفوضي والتكدس في الشارع المصري. وقال إن القانون يسمح للمحال باستغلال10% من عرض الرصيف بحد أقصي40 سنتيمترا والاحياء تعمل صباحا ومساء للقضاء علي التجاوزات وأغلب الاشغالات ثابتة وتشمل المحلات والمقاهي وفتارين العرض وتحدد قيمة الغرامة حسب مساحة الاشغال وحجم الضرر وهناك العديد من المحاضر التي تحرر ضد المخالفين. ويرجع المهندس علي جمال رئيس حي جنوبالجيزة السابق السبب وراء اهلاك الأرصفة إلي زيادة معدل الاستهلاك من ناحية أو لبنائه من خامات رديئة من ناحية أخري مما يؤدي إلي إلي اهلاكها وعدم مقاومتها للاصطدام فالجهاز المسئول عن متابعة الشوارع والأرصفة يهتم بالشوارع الرئيسية ويتناسي الجانبية ومن المفترض أن الجهاز مسئول عن صيانتها بشكل دوري فضلا عن عدم التنسيق بين المرافق والحي فبعد ان تتم عمليات الرصف يبدأ التفكير في إدخال المرافق من شبكات غاز وكهرباء والمطلوب التنسيق بين الجهات قبل أن يتم الرصف وطبقا للقانون رقم89 لسنة1998 يتم طرح عملية الرصف علي مجموعة من الشركات ورغم أنه من المفترض اختيار المقاول الأفضل إلا أنه من الواضح أن اغلبهم لا يلتزم بالمواصفات. وطبقا لقانون الاشغالات رقم140 لسنة56 يسمح للمحلات التجارية المرخصة بعمل فاترينة بحد أقصي40 سم ومن المفترض أن يتم تحديد محلات ذات انشطة محددة في القانون حتي لا يساء استغلالها. وعن قضية استخدام الرصيف كجراج يقول رئيس الحي السابق رغم ان دور الشرطي يقتصر علي تنظيم نهر الشارع لكنه مسئول ضمنيا عن الرصيف من خلال توقيع عقوبة علي السيارات التي تستبيح حرمه فمثلا القانون يوقع5 ألاف غرامة علي من يقوم بغسيل السيارات في الشارع. أما من يركن سيارته فوق الرصيف فيحرر له محضر تالف رصف ويتم تحويله إلي النيابة العامة وبها شق إداري وآخر جنائي ولكن في كثير من الأحوال يتم التصالح وتسديد الرسوم. ويشير المهندس جمال إلي أن وزارة التنمية المحلية رصدت800 مليون جنيه من الموازنة العامة كخطة للرصف حسب التخطيط والتوزيع وحسب احتياجات الاحياء. ويؤكد سمير غريب رئيس مجلس إدارة الجهاز القومي للتنسيق الحضاري أن غياب التنسيق بين الجهات المسئولة هو السبب الرئيسي في اختفاء الرصيف وضرب مثالا علي ذلك في أحد الشوارع بمنطقة وسط البلد قام الجهاز بتنظيم واجهة أحد المباني وبمجرد أن انتقل إلي المبني المجاور اكتشفوا اخطاء في اسلاك الكهرباء فتم تعديلها مما أدي إلي خراب ما قام الجهاز به موضحا أن قانون التنسيق الحضاري رقم119 لسنة2008 ينص علي الحبس والغرامة فيما يخص بالمناطق الأثرية إلي دعوي جنائية لكن في حال الرصيف قال أحول مين ولا مين فالحي هو المسئول الأول عن تحريك الدعوي القضائية وفيما يخص دور الجهاز أكد أن هناك دورات تدريبية يتم تنظيمها بالتعاون مع وزارة التنمية المحلية فضلا عن الأدلة الارشادية للمواصفات القياسية للرصيف ولكننا نجد هجوما من المهندسين المختصين في رئاسة الحي ويعتبرون أن أحلامنا وردية لان الوضع سييء للغاية ويتابع قائلا: شعبنا يحتاج إلي فهم ثقافة احترام الرصيف لكي نتمكن من الحفاظ عليه مشيرا إلي ضرورة تعاون إدارات المرور والمحليات لتحقيق الانضباط المنشود وتقول الدكتورة سهير حواس رئيسة الإدارة المركزية للدراسات والبحوث والسياسات بجهاز التنسيق الحضاري: إن أغلب الأرصفة في مصر لا تخضع للمقاييس الدولية ولا تستخدم في الغرض المخصص لها فأصبح الرصيف وسيلة للاعلان أو جراجا وخلافه رغم أن مفهوم الرصيف يعني الفصل بين الحركة الآلية وحركة المشاة بما لا يسمح بحدوث ارتباك. وتضيف مشكلتنا اننا نعالج مشكلة بأخري فمثلا لكي ننظم حركة المرور نتناسي أماكن عبور المشاة مما يؤدي إلي تهميش قضايا علي حساب قضايا أخري. وعن دور جهاز التنسيق الحضاري تؤكد أن الجهاز يتعاون مع لجان المرور ومركز بحوث الطرق والارصفة لكن مازال هناك قصور في تنفيد المواصفات السليمة. ويشترط الجهاز ضوابط محددة وفنيات للرصيف الا أن الالتزام مفقود في تطبيق القوانين وتساءلت: كيف يتم منح ترخيص لاعلان علي الرصيف؟ فيجب ان يحترم الرصيف باعتباره عنصرا آدميا ومصدرا للاحترام وجزءا من احترام الدولة ولكن نظرا للاحتياج الجديد مثل قلة أماكن الانتظار فلا يتم ربط الوظيفة مع الأداء. ويقول صلاح مرعي مصمم ديكور أغلب المحال تخرج بالفاترينة لتتعدي علي حرم الرصيف خاصة في الأماكن الشعبية مثل الموسكي مما يمثل كارثة ويعرقل حركة المرور فلا تتمكن سيارة اسعاف مثلا من العبورفضلا عن تآكل الأرصفة ونجد الأرصفة مغطاة بالبضائع مما يشوه المنظر تماما ويستلزم تغليظ العقوبات والغرامات ويري ان ارتفاع الرصيف يجب أن يكون مناسبا فأغلب الأرصفة مرتفع وتصل إلي30 سم يستدعي ركن السيارة علي بعد لا يقل عن متر حتي يسمح بفتح باب السيارة ويتمكن المواطن من الصعود والنزول منها بسهولة ووصف القوانين الخاصة بالرصيف بالمملكة فأغلب المحال تنزل بمستوي الرصيف نتيجة ذلك مما يؤدي إلي تآكلها ويؤكد مسئول بمرور القاهرة انه في الفترة الماضية شهدت شبكة الطرق بشكل عام والقاهرة بصفة خاصة عمليات تطوير وتحديث شاملة في إطار العودة إلي حق المواطن من خلال استعماله الآمن للرصيف واحترامه لآدمية الانسان اليومي للطريق ويبقي السؤال إلي متي تستمر اعمال الحفر بعد انشاء الرصيف فمن المعروف ان عمليات الحفر لا يجوز ان تتم قبل مرور3 سنوات علي انشاء الطريق فهل الرصيف خارج نطاق هذه الخدمة ومن هنا يجب الحزم المستمر تجاه من يهددون الطريق والرصيف مما يمثل خطرا علي المارة ولا ينكر الجهود التي تتم من قبل المحليات وادارات المرور في اطار اجراءاتها لتعديل كل ما من شأنه أن يحقق الامن للمواطن اينما كان واينما ذهب مشيرا إلي ان غرامة التعدي علي الرصيف في المرور تصل إلي3 آلاف والحبس لمدة عام ولكنها غير مفعلة لذا لابد من تفعيلها إذا كنا جادين في حماية حرم الرصيف. ويؤكد الدكتور عماد الدين نبيل استشاري طرق وكباري ان كل الأكواد الدولية تنص علي أن الرصيف أقل عرض له يترواح بين2 إلي3 أمتار وتزداد أهميته في الطرق المحلية اما الطرق السريعة فلا يشترط وجوده نظرا لندرة المشاة مضيفا أن أهمية الرصيف ترجع إلي حماية وأمان المشاة مما يقلل الحوادث المرورية ومعظم المرافق أسفل الرصيف من شبكات مياه وكهرباء وصرف صحي وأي عطل أو كسر في هذه المرافق يستلزم تكسير الرصيف كما أن معظم الأرصفة مصنوعة من الانترلوك وتكون سداسية الشكل مما يسهل تركيبها وفكها ويجب تحديد اماكن العبور بدقة وألا يتجاوز ارتفاع الرصيف15 سم ليساعد المعاقين والاطفال علي عبوره مع وجود منحدر والبردورة لا تتعدي15 سم كما في الدول الاوروبية ويراعي عدم استخدام مادة خشنة أو ناعمة حتي تتناسب مع الظروف المناخية. ويري أن من أهم الاعتداءات التي يتعرض لها الرصيف وجود أعمدة الإنارة مما يعيق حركة المشاة ومن الضروري تخصيص كود حضاري ينظم وجودها داخل الأرصفة ويضع تقسيمات محددة للأشجار من العرض الصافي للرصيف بما لا يقل عن متر ونصف المتر مما يسمح للمشاة بالعبور. وفيما يخص المواد المستخدمة في الرصيف فالمسئولة عنها المحليات وهناك ادارة مسئولة عن عمليات انشاء وصيانة الطرق ويجب ان يتم استخدام مواد أكثر مقاومة للاصطدام فاغتيال الرصيف قضية مجتمعية لها أكثر من جانب منها قلة مواقف السيارات فيضطر الكثيرون للركن فوق الرصيف مما يستلزم وجود جراج أسفل كل عمارة مع توفير أماكن للسيارات بما يتناسب مع عدد القاطنين في المنطقة فمثلا في منطقة مثل الزمالك تحتاج إلي جراجات متعددة الطوابق نظرا لتعدد مالكي السيارات بها. وفيما يخص الباعة الجائلين أكد الدكتور نبيل أن المحليات تعمل علي مكافحة الباعة الا انها مازالت غير فعالة نظرا لقصور في التطبيق موضحا أن أغلب الدول الاوروبية والخليجية تهتم باستخدام لون موحد لكل الأرصفة للحفاظ علي الناحية الجمالية اما في مصر فشكل الرصيف غير حضاري علي الاطلاق ويقترح الدكتور نبيل أن تكون المنحدرات عبارة عن أسطح مائلة تنفذ من مواد خشنة لمنع الانزلاق وتكون درجة الميل بحد أقصي من1 إلي8 سم وبالنسبة لمداخل المباني ومخارج الطواريء والأرصفة والممرات والمستويات المختلفة التي تتغير مناسيبها يجب ألا يقل عن1 إلي12 سم