3 - أخطر ما فى التيارات والفصائل التكفيرية ليس فقط فى وحشية جرائمها اللاإنسانية ضد البشر وضد الحجر وإنما الخطورة تكمن فى الفكر الانعزالى المتطرف الذى يستهدف عزل الأمة الإسلامية عن حاضرها ومستقبلها والسعى لجرها إلى الخلف تكريسا للجمود والتخلف. نعم إن أخطر ما يتعرض له المسلمون اليوم أن يتصوروا أنفسهم أمة منعزلة تملك أن تدبر أمرها وأن تدير حياتها كما لو كان بينها وبين سائر الأمم سور حاجز ودون إدراك أن العزلة لم تعد ممكنة ولا جائزة بعد أن زالت الحواجز وارتفعت الحجب وتهاوت السدود وانكمشت فواصل المكان والزمان ولم يعد هناك سوى خيار واحد هو خيار التواصل مع سائر الناس والشعوب وهو تواصل يحمل لنا فرصا هائلة لتحقيق النمو والتقدم والرخاء. هؤلاء الخوارج الجدد يغيب عنهم أننا نحتاج بشدة إلى جهود لإقامة وتقوية الجسور مع الآخرين لأنه بدون هذه الجسور سوف نحكم على أنفسنا بانعزالية وانطواء تخاصم ضرورات الإطلال على كل ما هو جديد فى العلم والفكر. وإذا كنا نسلم بأن الإسلام فى جوهره نظام للتنوير وإنارة العقول ومنهج واضح للتعليم الروحى من أجل تصحيح السلوك ونشر الفضيلة فإن من الضرورى أن يصحب ذلك جهد واضح من جانب المسلمين حتى يحققوا كل ما نص عليه الإسلام.. «إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ»! إن نهضة الإسلام ممكنة وحتمية إذا توافرت العزيمة الصادقة.. وهذه النهضة تبدأ أولا بتحرير العقل المسلم من الأحكام المسبقة والخزعبلات غير الموثقة. ولست أضيف جديدا عندما أقول: إن الإسلام أكد كل هذه المعانى ولم يجعل للإنسان من امتيازات سوى امتيازات العلم والمعرفة وأن السبيل لذلك يبدأ بتصحيح ضرورى لرؤية ومفهوم الإسلام من الداخل وعدم التخلف عن مواكبة ما يجرى من تقدم علمى وفكرى على امتداد العالم وتحت مظلة من إحدى ثوابت الفكر والشريعة الإسلامية اسمها صيانة «حقوق العقل البشري» لأن أعظم ما فى الإسلام أنه كرم الإنسان ودعا إلى إعمال العقل فى كل شيء..«إعقلها وتوكل» ! وبعد غد «السبت» حديث آخر خير الكلام: لا تستثيروا السباع من مرابضها فتندموا.. وداروا الناس فى جميع الأحوال تسلموا ! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله