قبل وبعد استنكار وإدانة المحاولة الخسيسة الأخيرة لإرهاب قضاة مصر وترويع المترددين على محراب العدالة فى دار القضاء العالى يظل الحديث عن تجديد الفكر الدينى مسألة أساسية من أجل استعادة الوعى والرشد الذى يراد تغييبه تحت أسنة رماح الإرهابيين وقنابلهم الغادرة من دعاة الإقصاء وعدم احترام الرأى والرأى الآخر على عكس ما يدعو إليه الإسلام من احترام للعقل ونبذ للعنف. إن تجديد الفكر الدينى لا يعنى خروجا عن النصوص القرآنية والسنن والأحاديث النبوية المؤكدة وعندما يريد البعض - على سبيل المثال - أن يختصروا الجهاد فى الحرب والقتال فقط فإنهم يسيئون لروح الإسلام لأن الجهاد الأكبر هو جهاد الفكر إعمالا لقول المولى عز وجل: «وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا» أى بالقرآن والفكر والحجة ثم إن لكل زمن جهاده وضوابطه وأحكامه إن كنتم لا تفقهون أيها الأغبياء! تجديد الفكر الدينى معناه عدم السماح لأصحاب الفكر المتطرف بانتقاء نصوص بعينها لخدمة أهدافهم وتغييب النصوص التى تخاصم العنف وتدعو للسلام والحوار لأن التركيز فقط على آيات بعينها مثل: «وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ».. « وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً» يصور الإسلام على أنه دين للعنف والعدوان وهذا عكس الحقيقة فالمولى عز وجل هو القائل أيضا: «لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِى الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ» وهو القائل أيضا جل شأنه مخاطبا نبيه موسى وأخاه هارون: «اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى» صدق الله العظيم. لم يقل الإسلام شيئا مما يقوله خوارج العصر من حملة القنابل والأحزمة الناسفة لأن روح الإسلام لا تدعو لإقصاء وإلغاء غير المسلمين أو تكفير أحد قال لا إله إلا الله محمد رسول الله وإنما الإسلام يدعو إلى الحوار وعدم الإكراه وانتهاج سبيل الإقناع مصداقا لقوله تعالي: « فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ» صدق الله العظيم. خير الكلام : العقل يهدى إلى الخير ويرفض الشر ! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله