هذا الهياج المذعور من جانب فلول الجماعة وحلفائهم بسبب دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسى علماء الأمة الإسلامية لمراجعة وتنقية الخطاب الدينى هو تأكيد جديد على رغبة هؤلاء المتاجرين بالدين فى تعطيل قطار الأمة عن السير على قضبان العصر من خلال الزعم بأن الرئيس يدعو إلى تغييب النصوص الشرعية بينما العكس هو الصحيح. إن دعوة السيسى تستحث علماء المسلمين إلى إنهاء هذه الغيبوبة التى سمحت للجماعات المتاجرة بالدين أن تركز فقط على النصوص التى تصور الإسلام كدين يدعو للحرب والقتال والعنف والاعتداء على الآخرين «وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ» «وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَافَّة» بينما لا يشيرون من قريب أو من بعيد لقوله تعالي: «لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِى الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ». أولئك الذين انزعجوا من الدعوة لتجديد الخطاب الدينى لم يقرأوا قول الله تعالى لنبيه موسى وأخاه هارون: «اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَي» فإذا كان رب العباد يدعو لمحاورة الطغاة فعلى أى أساس يستند دعاة العنف والتطرف الذين يريدون أن تغيب أذهاننا عن سماحة الإسلام واعتداله «لا إِكْرَاهَ فِى الدِّينِ» رأفة من المولى عز وجل للإنسان الذى كرمه بالعقل حتى يقرر ماذا يقبل وماذا يرفض بمحض مشيئته. إن دعوة السيسى تتفق مع روح الإسلام الصحيح الذى قام على التسامح وعدم الإكراه: «من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر» فالإسلام دين للرحمة «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ» ومن يقرأ السيرة النبوية بعناية يعرف مدى عمق التزام المصطفى صلى الله عليه وسلم بالتكليف الربانى له بالرأفة والرحمة ليس بالمسلمين وحدهم وإنما بأصحاب الديانات الأخرى وبالمشركين كذلك. باختصار فإن تجديد الخطاب الدينى يكشف محاولات اختصار الإسلام فى دعوات «الجهاد والتكفير» التى لم تجلب للأمة الإسلامية سوى الخراب والتخلف ولا تخدم سوى المتربصين بها. دعوة السيسى هدفها إيقاظ الأمة باتجاه جهاد «الفكر» بديلا عن «جهاد القتل».. والله أعلم.خير الكلام: من تسبب فى أذى الغير فهو مؤذى وإن لم يمارس الأذى بيديه ! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله