لست بحاجة إلى القول بأن هناك فارقا كبيرا بين صدق الدعوة إلى ترشيد الخطاب الدينى وبين بطلان الادعاء بأن الترشيد هو مقدمة لتغيير الخطاب الدينى بعيدا عن الأهداف السامية والسمحة للشريعة الإسلامية لخدمة أهداف سياسية. إن ترشيد الخطاب الدينى يتفق تمام الاتفاق مع جوهر الشريعة الإسلامية التى تبيح لكل إنسان أن يقول ما يشاء وأن يعتقد داخل نفسه ما يرى أنه الحق والصواب ولكن عندما يتصدر أحد المشهد العام فإن عليه أن يدعو إلى رأيه بالحكمة والموعظة الحسنة وأن يجادل بالتى هى أحسن وألا يجهر بالسوء من القول ولا يبدأ به وأن يعرض عن الجاهلين حتى لو أساءوا إليه. نحن بحاجة إلى خطاب دينى يبرز للكافة مسلمين وغير مسلمين أن أعظم ما فى الإسلام أنه يحترم النفس والروح فالنفس الإنسانية لها حرمتها فلا يعتدى عليها بأى نوع من العدوان فى حياتها أو مالها أو عرضها أو عقيدتها أو أمنها وأن هذه بمثابة قواعد وأسس استنتها الشريعة الإسلامية لكى تسرى على المقيمين فى الدول الإسلامية وزائريها سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين... بل إن الإسلام يؤكد حق الجائع فى أن يطعم والعارى أن يكسى والشارد أن يؤوى والمريض أن يعالج بصرف النظر عن الملة أو الدين حتى لو كان المحتاج من قوم معادين لأمة الإسلام حيث لا يجوز طبقا للشريعة الإسلامية أن تكون هناك تفرقة فى المعاملة بين الناس بسبب اختلاف الجنس أو اللون أو الدين لأنه لا يوجد فى الإسلام ما يخول أحدا حق حرمان أحد من هذه الحقوق الإنسانية السمحة إلا بمبرر قوى ودامغ من نوع القتال ضد الدولة أو ما شاكله من أعمال التجسس لحساب الأعداء فيعاقب المخطيء بقدر ما أتى من فعل أثيم حسبما ينص القانون مع حتمية التزام العدل الدقيق الذى لا يتأثر بهياج شعبوى يستند إلى نعرات إقليمية أو قومية أو طائفية. وصدق المولى عز وجل حيث يقول فى سورة المائدة « وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى» ومعنى ذلك أن الإسلام يعتبر رعاية وصون واحترام كرامة الإنسان عنوانا للعدل. والحديث متصل خير الكلام: يظل الرجل طفلا حتى تموت أمه فإذا ماتت أمه شاخ فجأة ! http://[email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله