فى رواية «أولاد حارتنا» قيل إن أديب نوبل نجيب محفوظ ضد الحضارة، وتناسى من قالوا ذلك الرسالة التى بعث بها نجيب محفوظ إلى لجنة جائزة نوبل وألقاها نيابة عنه الأستاذ محمد سلماوى حيث قال فيها «أحدثكم عن الحضارة الإسلامية، ولن أحدثكم عن دعوتها إلى إقامة وحدة بشرية فى رحاب الخالق تنهض على الحرية والمساواة والتسامح، ولا عن عظمة رسولها.. فمن مفكريكم من كرمه كأعظم رجل فى تاريخ البشرية.. ولا عن فتوحاتها التى غرست آلاف المآذن الداعية للعبادة والتقوى والخير على امتداد أرض، مترامية ما بين مشارف الهند والصين وحدود فرنسا. ولا عن المؤاخاة التى تحققت فى حضنها بين الأديان والعناصر.. فى تسامح لم تعرفه الإنسانية من قبل ولا من بعد.. ولكنى سأقدمها فى موقف درامي. مؤثر يلخص سمة من أبرز سماتها. ففى إحدى معاركها الظافرة مع الدولة البيزنطية ردت الأسرى فى مقابل عدد من كتب الفلسفة والطب والرياضة من التراث الإغريقى العتيد، وهى شهادة قيمة لروح الإنسان فى طموحه إلى العلم والمعرفة، رغم أن الطالب يعتنق دينا سماويا والمطلوب ثمرة حضارة وثنية.. قدر لى يا سادة أن أولد فى حضن الحضارتين الفرعونية والإسلامية وأن أرضع لبنهما وأتغذى على أدابهما وفنونهما، ثم ارتويت من رحيق ثقافتكم الثرية الفاتنة». وقد أكدت هذه الرسالة إيمان نجيب محفوظ ونقاء وصفاء عقيدته الإسلامية، التى شكك فيها المتشككون حتى إن شابا نحيلا تشى جبهته بضيق الأفق وكان قليل الحديث لكنه إذا تكلم أيقنت أنك أمام شخص ضحل التفكير وفارغ من أى معلومة دينية كما وصفته هيئة المحكمة وقتها.. هذا الشاب طعنه بسكين فى رقبته مما أساء إلى ديننا الحنيف، وصورنا أمام العالم والدنيا بأننا ضد الفكر والإبداع، ونوه محمد يوسف عدس إلى رسالة الأديب الأول بقوله هذا الكلام الواضح المستقيم كالسيف الشفاف، كالبلور لا يقوله ملحد ولا أفاق ولا منافق خسيس ولا انتهازى يبيع قيمه ومبادئه لمن منحوه أعظم جائزة فى الأدب، ولديهم عشق خاص لسماع كل ما يسىء إلى الإسلام والفكر الإسلامي، ويطربون له وينفقون على أصحابه بسخاء عظيم كما فعلوا مع ملاحدة ومنافقين سابقين يعيشون اليوم فى الغرب عيشة الملوك، ولكن لا ترتفع هاماتهم إلى مستوى «نعل» نجيب محفوظ. هكذا عاش محفوظ ورحل وستبقى ذكراه خالدة إلى الأبد. صابر محمد عبدالواحد عضو اتحاد الكتاب الإفريقيين والآسيويين سوهاج/ أخميم