خيط رفيع مغزول من الأمل والتحدي, نسجته فتيات كفيفات, وسط حالات الارتباك والفوضي التي نعيشها, وعدم الاتزان النفسي والأخلاقي, واللامبالاة لمن يتساقطون قتلي أو ضحايا أو شهداء. تختلط الدماء, شباب زي الورد, وناس معجونون بالشر, في حرب الكل فيها خاسر, فالقاتل والمقتول مصري, والفاعل مجهول, أو هم يتجاهلونه, ليظل سيفا مسلطا علي الرقاب. وسط هذا التناحر, والسواد الحالك, تضئ فتيات كفيفات الحياة, يحملن اسم مصر, وقد دعتهم بلدان أوروبا هذا الأسبوع, ليعزفن روائع الموسيقي الكلاسيكية العالمية والشرقية بدون نوتة ولا مايسترو, أغدقت الطبيعة عليهن سمعا مرهفا, وإحساسا رقيقا, قهرت فتيات النور والأمل, الظلام, بالعلم والمعرفة والفن والإيمان, لذا لم يكن غريبا أن يعتلي طه حسين عمادة الأدب العربي, وتدفقت روائع الموسيقي من أنامل عمار الشريعي وسيد مكاوي. إن أسوأ أنواع الإعاقة, هي عمي القلوب, فأصحاب هذه القلوب هم الذين ينحرون ويسفكون دماء الوطن, لهثا وراء مطامعهم, وإعادتنا إلي حياة الظلام, وعصور الجاهلية, ولتأخذوا العبرة من الصماء والبكماء والخرساء, الأمريكية هيلين كيللر, التي أعلنت الثورة علي النفس وعلي ما ابتليت به, حصلت علي الدكتوراه التي تتعذر علي الكثيرين من الأصحاء, وفي كلماتها ما نرتشف ونتغذي منه, تقول, كلنا في الحقيقة عمي وصم عن روائع هذا الكون العظيم, الطبيعة تحنو علينا وهي في أشد القسوة, لقد منحت كل إنسان خمس حواس ضئيلة عاجزة, ومنحته أيضا حاسة سادسة, هي وحدها التي تستطيع أن تري ما لا تراه العين, وتسمع مالا تسمعه الأذن, وتدرك مالا يدركه العقل, هذه الحاسة هي دليلنا في الحياة, هي الإيمان برحمة الله, وهي الأمل في عون الله, هي الإرادة التي تجعلنا ننتفع بهذه الرحمة, وندرك هذا العون.. فلا تفقدوا الأمل, وابتسموا دائما للحياة. المزيد من أعمدة سمير شحاته