تواجه مصر الآن موجة عاتية من المحن والابتلاءات التي لم تعهدها منذ سنين طويلة... الوضع الداخلي يغلي فوق صفيح ساخن.. ومصر أصبحت قاب قوسين أو أدنى من الانزلاق نحو حافة الهاوية.. إذا لم يتدخل العقلاء سريعًا لاحتواء الأمور.. فالأزمات تتفاقم يومًا بعد يوم... ولا يزال مسلسل اشتعال مصر مستمرًا.. سواء كان حرائق أو أوضاعًا داخلية.. نعم.. مصر تحترق.. حرائق متتالية تسير وفق خطة مدروسة وممنهجة، بداية من حريق المجمع العلمي وشركة النصر للبترول بالسويس، وحريق شركة بيع المصنوعات بطنطا، ثم حريق توشيبا العربي بقويسنا، وأخيرًا حريق عمر أفندي بمصر الجديدة.. وجملة الخسائر قدرت بملايين الجنيهات.. وللأسف مازال "اللهو الخفي" يعبث باستقرار مصر ويبث الفوضى في كافة الأرجاء.. والكل "يتفرج" ويقف مكتوف الأيدي.. حكومة ومسئولين وشعبًا.. لا يحركون ساكنًا.. وكأنهم يرضون بالأمر الواقع! ناهيك عن الحرائق الداخلية التي نشهدها وكأننا في حرب لا تنتهي والتي تتمثل في صراع مجلس الشعب مع الحكومة من ناحية، وصراع القوى السياسية من ناحية أخرى.. والشيء المحزن هو انجراف أبناء الشعب الواحد مرة أخرى إلى سفك الدماء وقتل بعضه بعضًا.. بعد ذهاب بعض المعتصمين من أنصار الشيخ حازم أبو إسماعيل والثوار لميدان العباسية ونحو وزارة الدفاع؛ احتجاجا على المادة 28 من الإعلان الدستوري.. والالتزام بالجدول الزمني لتسليم السلطة... وأدى هذا الاعتصام إلى قطع الطريق المروري من ميدان العباسية وحتى الخليفة المأمون، واشتباك أهالي منطقة العباسية معهم، واندساس بعض البلطجية.. والنتيجة أننا نمارس ما يشبه "حرب العصابات" بين أبناء الوطن الواحد، وإراقة المزيد من الدماء.. وتشويه صورة مصر أمام العالم. الكل مشترك في تلك الكارثة؛ المعتصمون والثوار بقطعهم الطريق ومحاولة اختراق وزارة الدفاع.. والقيادات السياسية والثورية الذين لم يحاولوا التحدث مع الثوار لفض الاعتصام.. وأيضًا المجلس العسكري يتحمل جزءًا آخر؛ بعدم تدخله في الوقت المناسب لاحتواء تلك الأحداث.. سيقول قائل "لو تدخل الجيش لقيل إنه يستخدم العنف مع الشعب".. لكن أرجع لأقول هناك طرق أخرى، وهناك قيادات على درجة كبيرة من الخبرة والكفاءة التي تؤهلهم لإذابة الخلافات وتهدئة الأوضاع بشكل عقلاني وسياسي بعيدًا عن أي أساليب أخرى.. مثلاً بالتفاوض مع المعتصمين والثوار واجتماعهم معًا، وتحدث كل جانب بما يبوح به، ومحاولة إفهامهم من جانب أولئك القادة بشكل يحدث معه الاقتناع والتراضي.. ولكن لم يحدث هذا.. والنتيجة ضحايا جدد! كفانا خرابًا بمصر.. كفانا دمارًا وحريقًا.... دعونا نتحد جميعًا ونحقن الدماء -الشعب وجميع الفئات والطوائف والمجلس العسكري نفسه- ونتكاتف ونكون يدًا واحدة، دعونا نُخلص النوايا ونتكاتف لنهزم محاولات "اللهو الخفي" لإجهاض الثورة، ونرد كيده في نحره ونفسد مخططاته، والتي سيسعى للمزيد منها خصوصًا مع اقتراب محاكمات النظام السابق... إن هناك ما يجب علينا أن ننتبه له ونضعه نصب أعيننا؛ وهو الخطر القادم من الحدود (الإسرائيلية والليبية والسودانية) الذي قد يلحق بنا ويهددنا في أي لحظة، سواء كان تهريب أسلحة أو عدوانًا أو غيرهما. باسم الوطن.. باسم مصر العظيمة.. باسم الشعب الأبيّ الكريم.. الذي شرب وارتوى من نيل مصر.. حافظوا على بلادكم.. تجنبوا الوقيعة.. تجنبوا نشر الأخبار الكاذبة.. وكونوا على قدر المسئولية المجتمعية.. استمعوا لصوت العقل.. اربأوا عن أنفسكم محاولات ما يسمى ب"الزحف الثوري" تجاه وزارة الدفاع- أو أي وزارة أو منشأة- والتي لن تؤدي إلا إلى مزيد من الخراب المحدق بنا وبمصر.. والعودة إلى الاعتصام بميدان التحرير (الميدان الشرعي للثورة). الدفة الآن في يد المجلس العسكري؛ وهو الوحيد الذي يمتلك العصا السحرية لحل أزمة الثقة بينه وبين الثوار.. فلن يضيره إذا قام -عن قوة- بإلغاء أو تعديل المادة 28 من الإعلان الدستوري؛ ليكون ضمانًا كافيًا لسلامة نيته تجاه الانتخابات الرئاسية ونزاهتها.. وإبعاد شبهة أي تزوير أو تواطؤ. اللهم احفظ مصر من المحن والفتن ونجها يا أرحم الراحمين. [email protected] المزيد من مقالات أحمد مصطفى سلامة