هذا ليس عنوانا لفيلم عربي، أو حتى أجنبي أكشن من بطولة فان دام أو سلفستر ستالوني، ولكنه تجسيد حي لما يحدث حولنا من أحداث وفتن تكاد تودي بحياة وطننا الغالي وتعصف به إلى الهاوية، وهذا ما يريده أشخاص بعينهم؛ يريدون نشر فوضى عارمة وبث الرعب في النفوس، وزعزعة استقرار الأمن والوطن، واندلاع نار الفتنة الطائفية بين الفينة والأخرى، وجعل مصر فريسة سهلة للبلطجية والخارجين عن القانون، يعبثون بها ويهددونها، ويرتعون بها ويعيثون بها فسادا؛ انتقاما لحبسهم وإيداعهم بالسجون، ومحاكماتهم... وأسرح بخيالي لثوان لأقول: «هيهات!! لن يحدث هذا... وستبوء كل محاولاتكم بالفشل أيها الخونة»... وإذا بي فجأة أكاد أسقط من الكرسي وأنا أتابع ما يجري الآن على ساحة مصرنا الحبيبة، متألمًا، وأنا أرى مشهدًا مؤثرًا لأب يضع صورة ابنه الشهيد بجيبه، وقد انتابته حالة هياج شديد وبكاء حار من هول الفاجعة، حينها لم أستطع التحكم في دموع عيني... وجالت بخاطري أسئلة لا أجد لها ردودًا، ولا يستطيع أحد إيجاد رد مقنع يبرد النار التي تتأجج داخلي: بأي ذنب قتل هذا البريء وغيره؟ لماذا نشتبك ونقتل بعضنا بعضًا؟! لمصلحة من الإيقاع بين أهالي مصرنا الحبيبة؟! حدث هذا والخوف يداهمني من كثرة التفكير في مستقبل مصر، وما ستؤول إليه الأحداث في الأيام القادمة... فكلنا عشنا أحداثا مريرة آلمتنا جميعا؛ بدءًا بشهداء ثورة يناير الأبطال، ومعركة الجمل، مرورًا بأحداث السفارة الإسرائيلية، وماسبيرو، وأحداث شارع محمد محمود، ومجلس الوزراء وحريق المجمع العلمي، وانتهاء بمجزرة بورسعيد التي شهدت 74 ضحية بلا أي ذنب اقترفوه، سوى أنهم يعشقون كرة القدم... ولا يعلمون أن هناك تخطيطا مدبرًا لتحويل أرضية الملعب إلى ساحة قتل!! كل تلك الأحداث التي صاحبتها أفعال قتل متعمد وسطو وتخريب وقطع طرق، تقودنا إلى نتيجة واحدة وسيناريو واحد؛ ألا وهو أن هناك أيادي خفية تعبث باستقرار الوطن، ولكنهم لا يظهرون على الساحة، مع عدم وجود دليل واحد بالطبع على إدانتهم... بدون أدنى شك الفلول وبقايا النظام البائد وسجناء طرة هم من يخططون ويدبرون، للانتقام من الثوار ومن شباب الألتراس... إن هؤلاء الفلول أشبه بمحركي العرائس الخشبية، يحركون الخيوط ليوجهوا عرائسهم كيفما شاءوا، ليفعلوا ما يريدونه بشتى الوسائل والسبل، حتى لو كلفهم أموالا طائلة، فهم لن يخسروا شيئا، فقد انكشفوا أمام الرأي العام وبانت حقيقتهم واضحة وجلية للجميع وسقطت أقنعتهم، ليسجنوا وتتم محاكماتهم وفضحهم داخليا وخارجيا... وبالطبع سيكون ردهم قاسيا، وكأنهم يطلقون ألسنتهم خارج أفواههم، قائلين: (يا نعيش عيشة فل يا نموت إحنا الكل)!! وهدفهم هو (الانتقام الرهيب) من الثورة ومن شبابها، والانتقام لأنفسهم؛ وذلك بافتعال الأزمات، وكثرة الاعتصامات والمطالب الفئوية، وإذكاء روح الكراهية، وفقدان الثقة بين الشرطة والشعب والجيش من جهة، وانتشار أعمال الشغب والبلطجة والترويع والخطف السرقة... ثم بعدها يلعن الناس (الثورة) وما حملته من خراب وقتل وفوضى... إن ما نعيشه الآن يذكرني بفيلم سينمائي؛ يتشابك فيه السيناريو ويربط أوله بوسطه ونهايته، أبطاله هم العرائس الخشبية (المنفذون الخونة)، وقام بإعداد السيناريو والإخراج (المنتقمون) محركو الخيوط، الذين انتقموا لأنفسهم، غير عابئين بمصر وما قد تنجرف إليه من كوارث محققة ووقف عجلة تنميتها وإلحاق الضرر باقتصادها، والمهم بالنسبة لهم هو تنفيذ مخططاتهم الدنيئة وإنقاذ أموالهم من الخارج!! ويسعون في سيناريو الفيلم لترسيخ جملة (ولا يوم من أيامك يا ريس) في الأذهان ولدى الرأي العام، و(الربط بين ترك الرئيس السابق الحكم وحدوث الفوضى)، في أحداث درامية تعاطفية!! يا سادة... الجيش تولى مهمة إدارة شئون البلاد في فترة حرجة وعصيبة، لكنها تركة ثقيلة جدا... ومع كامل الاحترام والتقدير له، فقد مضى عام دون أن يحس الشعب بأي تقدم للأمام يذكر ولو لخطوة واحدة، انهار الاقتصاد، وتعطلت عجلة الإنتاج، وازدادت الأوضاع سوءا؛ إذ كثر الضحايا وكثرت أعمال السرقة والبلطجة والسطو المسلح والاختطاف... نعلم أن هناك الكثير من الشرفاء الذين لا يألون جهدا في التضحية بأنفسهم من أجل مصر... لكن آن الأوان لكي نجتمع ونتكاتف يدا واحدة، مسئولين وشعبا بطوائفه كافة... آن الأوان لكي ننبذ الخلافات وننحي الاعتراضات جانبا، وأن نستمع لصوت العقل، وأن يعود الجيش لثكناته ولمهمته الأصلية الجليلة؛ لحماية حدود وأمن البلد من الاعتداءات الخارجية، ويترك شئون البلاد الداخلية ويسلم السلطة لحكومة مدنية تدير الأمور... وكل هذا ليس إلا لمصلحة مصر... فلا أجد فرقا بين تسليم السلطة في آخر فبراير وآخر يونيو؟! إلا إذا كان هناك أمر ما لا يعمله الجميع!! آن الأوان لننهض بمصرنا وشعبنا وتعليمنا واقتصادنا... آن الأوان لنحذو حذو تركيا وماليزيا... آن الأوان لأن يسود الأمن والسلام والأمن مصر... كفانا خوفًا وترويعًا وسفكًا للدماء... إن استمرار الوضع الراهن لن يكلف مصر إلا مزيدًا من القتلى والشهداء... فهل المصري أصبح رخيصا إلى هذا الحد... يباع ويشترى بثمن بخس؟!
ومضات: * استقرت الأوضاع في تونس بهروب بن علي، وفي ليبيا بموت القذافى! [email protected] المزيد من مقالات أحمد مصطفى سلامة