تعانى بعض القرى النائية من عوزا شديدا فى أنابيب الغاز، ويستغل بعض الناس هذه الأزمة فيعقدون اتفاقات مع القائمين على المستودعات ليشتروا منهم حصصًا كاملة فيبيعونها بأسعار مضاعفة. فما حكم ذلك فى الشرع؟ أجابت دار الإفتاء المصرية، قائلة: أنابيب الغاز من السلع الأساسية التى تدعمها الدولة، وتلتزم بتوفيرها وبيعها بثمن مخفض للمواطنين حتى لو ارتفعت أسعار التكلفة، وتتحمل الدولة أعباء ذلك ، وما يحصل فى منافذ بيع هذه الأسطوانات من استيلاء بعض البلطجية والجشعين، بمعونة خائنى الأمانة من البائعين الذين فوضتهم الدولة ببيعها بثمن محدَّد- معناه: الاستيلاء على المال العام الذى يُسَمَّى فى الشريعة «مال الله»؛ لأن لكل فرد من أفراد المجتمع فيه حقًّا ونصيبًا، ومعناه أيضا الحيلولة دون وصول الدعم إلى مستحقيه من المواطنين خاصة البسطاء ومحدودى الدخل الذين يرهقهم شراؤها بسعر مرتفع، وكل ذلك يُعَدُّ اعتداءً على أموال الناس بالباطل، وبغيًا وإفسادًا فى الأرض وإيقاعًا للمحتاجين فى الحرج والمشقة بالاستيلاء على حقوقهم ومنعهم من الوصول إليها، وفى ذلك يقول الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تَأكُلُوا أَموالكم بينَكم بالباطِلِ [النساء: 29]، ويقول النبى صلى الله عليه وآله وسلم: «إنّ دِماءكم وأَموالَكم وأَعراضَكم عليكم حَرامٌ؛ كحُرمةِ يَومِكم هذا، فى بَلَدِكم هذا» فى شَهرِكم هذاس. وتواطؤ أصحاب مستودعات الأنابيب مع هؤلاء الجشعين يعد شرعًا خيانة للأمانة التى ائتمنهم عليها الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم وائتمنهم عليها المجتمع الذى عاشوا فى ظلاله، ولم يحافظوا على ماله، وأكلوا من خَيْرِه، ثم سَعَوْا فى ضَيْرِه؛ فهم داخلون فى قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [الأنفال: 27]، كما أن فى فعلهم ذلك تبديدًا للمال العام، لأنهم مستأمنون على هذه السلع المدعومة للمواطنين ليحصلوا عليها من غير عناء، فتفريطهم فى هذه الأمانة وتسهيلهم للجشعين أن يحصلوا على الأنابيب ليبيعوها للناس بأغلى من سعرها هو مشاركة لهم فى الظلم والبغى والاستيلاء على حقوق الناس، وناهيك بذلك ذنبًا وجرمًا، فهم مرتكبون بذلك لهذه الكبائر من الذنوب التى لا طاقة للإنسان بأحدها فضلا عن أن تتراكم عليه أحمالها. والاحتكار سببٌ فى انتشار الحقد والكراهية وتفكك المجتمع وانهيار العلاقات بين الأفراد، ويترتب عليه العديد من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية؛ كالبطالة والتضخم والكساد والرشوة والمحسوبية .