بعد أن وصلت أزمة منظمات المجتمع المدني إلي ساحة القضاء أصبح الشك والريبة هاجسا يؤرق المواطنين تجاه ممارساتها أجنبية كانت أو محلية وخاصة بعد أن تجاوز عددها في المحافظة الواحدة الألف جمعية دون إنجازات حقيقية علي أرض الواقع علي الرغم من تلقيها أموالا هائلة بالعملات الأجنبية من جهات وعواصم عديدة حسبما تشير الأوراق الرسمية لكل جمعية علي حدة. كما أن أوجه الإنفاق بالأوراق الرسمية لا تتطابق مع أرض الواقع أيضا مما يشير إلي غياب المتابعة الميدانية التي اقتصرت دائما علي مراجعة الأوراق والفواتير مما جعل أصابع الاتهام تشير إلي إهدار الأموال في هذه أو التربح في تلك. فعلي الرغم من أن هدف الاشهار منذ البداية لأي جمعية أو منظمة كان ساميا أو ينبغي أن يكون كذلك فإنه قد خرج في معظم الأحوال عن مساره الاجتماعي إلي أهداف سياسية لدي البعض وخاصة الأجنبي منها وأخري عبثية لدي البعض الآخر مما جعل المواطن لم يشعر يوما ما بأن هناك نشاطا علي أي مستوي أو في أي مجال وبالتالي كان الرقم الخاص بعدد هذه الجمعيات والمنظمات في أي محافظة صادما وهو ما يحتم إعادة النظر في طريقة إشهار هذه الجمعيات وفي طريقة الرقابة علي أدائها في الوقت نفسه. (مراسلو الأهرام) في المحافظات رصدوا هذه القضية الخطيرة من واقع أرقام وحجم التمويل وطرق الانفاق. كما سجلوا رأي رجل الشارع أيضا في محاولة لتدارك الأمر قبل أن يخرج عن السيطرة وإن كان يبدو أنه قد خرج بالفعل. التمويل والتوريث وجهان لعملة واحدة في مبادرة اللامركزية الأمريكية البحيرة تامر عبدالرءوف: بين مضمار المنظمات المدنية المانحة للتمويل الأجنبي, ومبادرة اللامركزية الممولة من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.. تسابقت بعض الجمعيات الأهلية بالبحيرة, للحصول علي منح مالية حتي بلغ إجمالي المنح والتبرعات التي حصلت عليها9 جمعيات أهلية خلال العامين الماضيين حوالي12 مليون جنية, جميعها موجهه لمشروعات تنموية, وهو أمر ليس بالعيب طالما ظلت إجراءاته وأهدافه واضحة وتستهدف تنمية المجتمع المحلي. لكن المؤسف أنه لا توجد رقابة حقيقية علي الجمعيات للتأكيد من أوجه صرف الأموال خاصة تلك الموجه للتوعية والتدريب, بينما شاركت جمعيات أخري في برنامج اللامركزية لتكتشف أنها كانت جزءا من مخطط التوريث وإعداد القاعدة الشعبية العريضة بالقري لترحب وتؤيد جمال مبارك رئيسا لمصر حتي وإن عارضت ذلك بعض النخب المثقفة بالمدن... بدأت قصة التمويل الأجنبي للجمعيات الأهلية في البحيرة عندما تم الكشف عن مخالفات مالية جسيمة في إحدي الجمعيات بمدينة إدكو والتي إستطاعت تحت ستار خدمة مجتمع الصيادين الفقير وتحسين دخل أسرهم, ورعايتهم صحيا واجتماعيا الحصول علي منح تجاوزت100 ألف يورو من بعض المنظمات المانحة بالإتحاد الأوروبي وقامت بصرفها في أنشطة صورية علي الورق, ليستفيد منها مجلس إدارة الجمعية المشكل تقريبا من عائلة واحدة, وعقب اكتشاف المخالفات تم حل الجمعية وتصفيتها... وقد وعت إدارات بعض الجمعيات الفاسدة في البحيرة الدرس جيدا, كما يقول شريف السيد موظف إداري سابق بإحدي الجمعيات وأصبح بإمكانها الحصول علي منح خارجية وإعداد الكشوف والمستندات بحرفية حسابية كبيرة يصعب معها كشف استيلاء مجالس إدارتها علي أموال المنح, خاصة في ظل ضعف الدور الرقابي لمديرية التضامن الإجتماعي والتي أوجب عليها القانون رقم84 لسنة2002 متابعة تنفيذ الجمعيات لمشروعاتها فعليا وليس ترك الحبل لها علي الغارب والتحرك فقط عند تقديم الشكاوي.... ويكشف شريف عمر المحامي عن خيط آخر في قضية التمويل الأجنبي للجمعيات الأهلية والذي يتمثل في قيام عدد من المحامين بإشهار جمعيات لتقدم المساعدات القانونية لبعض السجناء ورعاية أسرهم, وادعاء الدفاع عن حقوق الإنسان للحصول علي منح خارجية. ويوضح صلاح عنبر مدير التضامن الإجتماعي بالبحيرة, أن المادة17 من القانون رقم84 لسنة2002 الخاص بالجمعيات أجازت حصول الجمعيات علي منح أجنبية, ويؤكد أنه في حال تقدم أي جمعية بطلب للموافقة علي قبول المنحة, نستوفي كافة المستندات المطلوبة طبقا للائحة التنفيذية ونرسلها الي الوزارة ثم تعرض علي المحافظ بقبول المنح, ويشير إلي وجود أكثر من ألفي جمعية بالبحيرة, تم خلال العام الماضي فقط إشهار750 جمعية منها, موضحا أن هناك عددا من الجمعيات التي تتلقي تمويلا من الخارج لكن من الصعوبة بمكان أن تمسك حرف جر عليهم وليس خطأ في أوجه الصرف;, وعن جمعيات دعم اللامركزية وإعتبارها عنوان الحكم الرشيد يقول محمد سيف عضو مجلس محلي محافظة سابقا: إنطلقت مبادرة اللامركزية من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية وكأحد أنشطة المعونة الأمريكية وهي المبادرة التي تبنتها وزارة التنمية المحلية حيث سعت إلي تطبيقها في3 محافظات هي البحيرة وقنا وأسيوط. ويتابع قائلا: من اللافت للنظر أن مشروع اللامركزية تلاه مشروع الألف قرية الذي تبنته لجنة السياسات بالحزب الوطني برئاسة نجل الرئيس السابق, وما يثير الدهشة أيضا أن تختار محافظات البحيرة وقنا وأسيوط نفس القري التي تم فيها تدريب أعضاء المجالس المحلية والجمعيات الأهلية علي اللامركزية لتكون محط زيارات جمال مبارك والذي زار قري دمسنا التابعة لمركز أبو حمص بالبحيرة, وقرية الزرابي بأبوتيج بأسيوط, وقرية الأميرية بمحافظة قنا, ويؤكد أن المنح الأمريكية في مبادرة اللامركزية والتي تجاوزت3 ملايين في البحيرة وحدها كانت تهدف إلي أحداث حراك سياسي وشعبي بالقري المقرر زيارة جمال مبارك لها من خلال تدريب القيادات المجتمعية وأعضاء المجالس المحلية. والجمعيات الأهلية وتوحيد أهدافها نحو التنمية والالتحام بالمسئولين التنفيذيين تمهيدا لقيام الوزارات والمحافظات في توصيل الخدمات والمرافق من مياه شرب ووحدات صحية وإنارة ومكاتب بريد ومراكز شباب وجمع للقمامة وغيرها حتي يأتي نجل الرئيس في نهاية المطاف ويقوم بقص الشريط, ويشير إلي سابقة زيارة جيمس بيفر مدير الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية, ورودي رانكومدير مشروع مبادرة اللامركزية المصرية, الي محافظة البحيرة أما الدكتور أحمد العرجاوي أحد أبناء مدينة أبو حمص فيري أن مشروع اللامركزية سمح للإدارة الأمريكية بعمل تشريح دقيق لواقع الريف المصرفي وجمع قواعد بيانات كاملة عن كافة أحوال القري بالمحافظات بداية من عدد المتعلمين والأميين مرورا بإتجاهات الرأي والأنتماء للأحزاب وإنتهاء بأحوال المرافق ومستوي الفقر وهو ما كان يرفضه كلية في المشروع ويري فيه تدخلا أمريكا في أكثر خصوصيات الريف المصري.