منذ حوالي110 سنوات.. بدأ العمل الأهلي في مصر من خلال ثلاثة جمعيات نظم عملها التقنين المدني الأهلي حتي عام1964 فصدر القانون رقم32 لسنة1964 بتنظيم عمل الجمعيات الأهلية وأدخل عليه تعديلا عام1972 بالسماح للجمعيات الدينية ايضا بالعمل الأهلي. وفي عام1999 قامت الوزيرة ميرفت التلاوي بإعادة صياغة قانون الجمعيات بصورة واضحة بنصوصا قوية إلا أنه حكم بعدم دستوريتة بعام واحد بسبب عدم عرضه علي مجلس الشوري باعتباره من القوانين المكملة للدستور.. وبعدها جاءت أمينة الجندي وزيرة التأمينات الاجتماعية وأصدرت القانون الحالي رقم84 لسنة2002 ليبلغ عدد الجمعيات الأهلية والمدنية في مصر وقتها34 ألف جمعية وبعد ثورة25 يناير2011 تم تسجيل ثلاثة آلاف جمعية جديدة في أربعة أشهر فقط وأصبح العدد الآن يقارب37 ألف جمعية اما عاملة في مجال العمل التطوعي الخيري او تندرج تحت بند المنظمات الحقوقية والسياسية المدنية. والسؤال هو اين دور وزارة التضامن الإجتماعي والجهاز المركزي للمحاسبات فيما يخص مراجعة حسابات هذه الجمعيات وإخضاعها للرقابة والمتابعة فنحن نريد اجابة علي اربعة اسئلة هامة: لمن تم تخصيص هذه المبالغ من منظمات المجتمع المدني, كيف تم حصول هذه الجمعيات والمنظمات علي هذه الأموال, هل الجهاز المصرفي المصري قام بمتابعة هذه الأموال ومن تسلمها و الأهم.. فيم تم إنفاق هذه المبالغ؟. لذا كان هذا التحقيق. حتي نهاية حكم الاسرة العلوية في1952 لم تتلقي مصر اي معونات من الخارج بل كانت تقوم بإعطاء المنح والمعونات للدول الأفريقية والدول العربية والتي كانت تتمثل في البعثات التعليمية علي حساب الخزانة المصريه. إلي أن جاءت حرب اليمن في.1962 مما إضطر مصر الي قبول بعض المنح والمعونات وخاصة انة بعد العدوان الثلاثي علي مصر وبعد قيام مصر بتأميم قناة السويس ردا علي رفض أمريكا والبنك الدولي تمويل السدالعالي... قامت الدول العظمي في ذلك الوقت بشن الحرب علي مصر وفي هذه الأثناء(1956 ومابعدها) كانت مصر تقوم بالانفاق من الاحتياطي النقدي لديها وكل ذلك كبد الخزانة المصرية مبالغ طائلة لم تستطيع ان تواجة كل هذه الأعباء.. وفي هذه الأثناء كانت دول أوربا الشرقية وعلي رأسها الأتحاد السوفيتي يقف بجوار مصر املا في ان تكون لة اقدام موجودة في منطقة الشرق الأوسط...التي تعد منطقة نفوذ للأمبراطورية الانجليزية السابقة و الامبراطورية الفرنسية السابقة و ليكون ندا للولايات المتحدةالامريكية... ولذا عرضوا علي مصر المساهمة في بناء السد العالي وذلك بجزء كبير يعد منحة من الاتحاد السوفيتي وقامت ايضا الولاياتالمتحدةالامريكية بعمل منحة لمصر عبارة عن قمح بقيمة25 مليون دولار, وأستمرت هذه المنحة حتي حرب يونيو1967 والتي والتي انتهت بالهزيمة.... وفي هذه الأثناء تم قطع العلاقات الدبلوماسية والسياسية مع الولاياتالمتحدةالامريكية وايضا المعونة الامريكية حتي حرب اكتوبر1973. وفي عام1974 قام الرئيس الامريكي ريتشارد نيكسون بأول زيارة لة لمصر منذ قيام ثورة يوليو1952 وفي أثناء الزيارة قررت الولاياتالمتحدةالامريكية عودة معونات القمح و توالت المعونات والمنح من دول أوربا الغربية وشرق اسيا والعربية. الي ان قامت بمصر بتوقيع اتفاقية كامب ديفيد مع اسرائيل لتتوقف الدول العربية عن اعطاء المعونات لمصر ولم تعود الا بعد اغتيال الرئيس السادات في منتصف الثمانيات. منظمات المجتمع المدني في مصر من جانبة اوضح د. عبد المنعم السيد الباحث الاقتصادي وعضو نادي خبراء المال ان اجمالي قيمة القروض التي حصلت عليها مصر خلال الفترة من1982 وحتي عام2010 حوالي213 مليار دولار أي ما يوازي1278 مليار جنية أي ما يعادل3,1 تريليون جنية مصري خلال32 عاما. والسؤال الذي يطرح نفسة هو اين ذهبت هذه المنح وكيف صرفت؟... لأن معظم تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات تفيد بأن تلك المنح و لم تصرف في الأغراض المخصصة كما ان معظمها لايتم مراقبتة من قبل السلطة التشريعية المخصصة بالموافقة علي شروط هذه المنح.. هذا وقد شهدت السنوات الأخيرة توسعا مذهلا في حجم ونطاق مؤسسات المجتمع المدني في مصر مدعومة بعملية العولمة وإتساع نطاق الحكم الديمقراطي والتكامل الإقتصادي وأصبح لها دور بارز في تقديم المساعدات الإنمائية علي مستوي العالم.. ووفقا لتقرير منظمة التعاون والتنمية فأن عدد المنظمات غير الحكومية الدولية زاد من6000 منظمة عام1990 ليقترب من130 ألف منظمة غير حكومية عام2010. واضاف د. عبد المنعم السيد, الحقيقة ان جهات منظمات المجتمع المدني لها تأثير في تشكيل السياسات العامة علي مستوي العالم خلال العقدين الماضيين. ويبدو هذا النشاط جليا من خلال الحملات الدعائية الناجمة التي تدور حول قضايا بعينها مثل حظر زراعة الألغام الأرضية وحماية البيئة وتوفير الغذاء ومكافحة الفقر ونجحت المنظمات المجتمع المدني دوليا وإقليميا في حشد ألاف المساندين لها في شتي أنحاء المعمورة ويمكن تعريف المجتمع المدني بأنة مجموعة واسعة النطاق من المنظمات غير الحكومية والمنظمات غير الرسمية التي لها وجود في الحياة العامة وتنهض بعبء التعبير عن إهتمامات وقيم أعضائها والأخرين إستنادا إلي إعتبارات أخلاقية أو ثقافية أو سياسية أو علمية أو دينية أو خيريةومن ثم.. فمصطلح منظمات المجتمع المدني يشير إلي مجموعة عريضة من المنظمات تضم الجماعات المجتمعية المحلية والمنظمات غير الحكومية والنقابات العمالية والمنظمات الحقوقية والمنظمات الخيرية والمنظمات الدينية ومؤسسات العمل التطوعي والخيري والنقابات المهنية والعمالية. ولكن يجب علينا الفصل بين المنظمات العاملة في مجال العمل التطوعي الخيري والتي تقدم مساعدات مالية وتوفير الغذاء للطبقات الفقيرة من المجتمع.. وبين المنظمات الحقوقية والسياسية المدنية التي تعمل في المجتمع من خلال نشر الثقافة السياسية والمشاركة السياسية ونشر الديمقراطية فالنوع الأول يقدم مساعدات ملموسة للطبقات الفقيرة من المجتمع المصري ويقوم بتقديم هذه المساعدات المالية أو العينية وتعاملة يكون مع هذه الطبقات الفقيرة فقط.. أما النوع الثاني من المنظمات وهي المنظمات الفكرية والحقوقية و السياسية فهي منظمات تتعامل مع كل فئات المجتمع فقيرة ومتوسطة وغنية وتحاول نشر ثقافات وسياسات. تمويل منظمات المجتمع المدني واشار د. صلاح الدين فهمي محمود, أستاذ الإقتصاد بكلية التجارة جامعة الأزهر ان الأصل هو أن منظمات المجتمع المدني تعتمد علي التبرعات سواء من الأعضاء أو القائمين عليها أو ممن يتوافقون فكريا مع السياسات والأهداف التي تسعي إليها هذه المنظمة كما أن في الدول المتقدمة تقوم الحكومات بتقديم المساعدات لهذه المنظمات دعما لها. وقد تكون من أحد وأهم هذه المصادر هي التحويلات والمنح الدولية لهذه المنظمات من الهيئات العالمية.. وحتي يكون هناك محددات واضحة وبدون أي إتهام لأحد لا بد أن تقوم كل منظمة من منظمات المجتمع المدني بالإفصاح والشفافية عن مصادر دخلها ومصادر الإنفاق وعرضها علي المجتمع للتحقق والتأكد من صدق نوايا هذه المنظمات المدنية. كما أن علي الدولة من خلال وزارة التضامن الإجتماعي والجهاز المركزي للمحاسبات مراجعة حسابات هذه الجمعيات وإخضاعها للرقابة والمتابعة.. وعلي الدولة ايضا التواصل مع هذه الجمعيات بأي شكل لتحديد هويتها. القانون الحالي84 لسنة2002 ومن جانبة اوضح مصدر قضائي رفيع المستوي أن هذا القانون لا يحوي إلا مادة واحدة فقط للعقوبات هي المادة76 وهي تعاقب من يخالف مواد القانون بالحبس الذي لا يزيد عن سنتين والغرامة التي لا تتجاوز ألفين جنية أو بإحدي هاتين العقوبتين إلا أن عيوب هذا القانون تكمن في نصوص المواد الأخري التي تنظم عمل الجمعيات وتضع عليها قيودا شديدة في عملها مما دفع بالعديد من المنظمات المدنية والجمعيات الأهلية إلي التحايل علي هذا القانون من خلال إنشاء شركات مدنية غير هادفة للربح قامت بتلقي تمويلا أجنبيا ولم تقم بالإخطار أو الإفصاح عنة فهربت بذلك من مراقبة وزارة الشئون الاجتماعية ولم يحقق القانون الغرض منة حيث كانت الدولة ترغب في إحكام قبضتها علي الجمعيات بصورة مبالغ فيها, فكانت النتيجة سلبية بأن أصبحت الدولة لا تعلم شيئا علي الإطلاق عن مصادر هذا التمويل وأصبحت القضية التي يتم التحقيق فيها حاليا من قضاة وزارة العدل والمعروفة إعلاميا باسم التمويل الأجنبي تمثل عبئا وميراثا ثقيلا علي عاتق المحققين حيث أصبح واجبا عليهم التعامل مع أخطاء متراكمة من الحكومة والمنظمات المدنية علي مدار السنوات العشر الماضية. واضاف المصدر القضائي ان التمويل الأجنبي ليس مجرما في حد ذاتة بل علي العكس يعد أمرا مطلوبا لنهضة المجتمع وتقدمة ويفصل بين التجريم والتمويل خيط رفيع يتمثل في عدم الإفصاح من جانب المنظمات المدنية عن الجهة المانحة للتمويل وقيمة المنحة وأوجة صرفها فضلا عن دخول العديد من الأشخاص هذا المضمار بهدف تحقيق مكاسب شخصية من خلال إنشاء شركات مدنية ومراكز أبحاث غير مسجلة بوزارة الشئون الاجتماعية وتلقوا من خلالها مبالغ مالية بالملايين لم تعرف الدولة عنها شيئا. وفي القضية المثارة حاليا ظهرت علي السطح مشكلة أخري هي فروع المنظمات الدولية مثل بيت الحرية والمعهد الديمقراطي الوطني والمعهد الجمهوري الدولي ومؤسسة كونراد أديناور وجميعها كانت تعمل في مصر منذ عدة سنوات بعلم من وزارة الخارجية المصرية ومع ذلك فقد رفضت الخارجية ترخيصها وظلت حتي يومنا هذا تعمل بصورة غير مشروعة وبعد ثورة يناير كثفت هذه المنظمات من عملها في مصر وبلغ حجم الأموال التي أنفقت في مجال تدريب الأحزاب السياسية اكثر من55 مليون دولار وبلغت المنح المقدمة لبعض منظمات المجتمع المدني التي لا يتجاوز عددها ثلاثين منظمة وبما يشكل النصف في المائة من إجمالي الجمعيات في مصر فقد تجاوز حجم التمويل المليار جنية في ستة أشهر فقط من عام2011 وهو امر يلفت الانتباة بل يمكن القول أنة يثير الاشتباة وهو ما كان سببا في تحرك الوزيرة فايزة أبو النجا وزيرة التعاون الدولي وتقديمها بلاغا ضد هذه المنظمات وتم تشكيل لجنة لتقصي الحقائق بوزارة العدل وبعدها تم انتداب قضاة تحقيق يتولون هذا الموضوع منذ ثلاثة أشهر. واري أن الحل الان يكمن في انشاء هيئة قومية خاصة لمتابعة موضوع المنظمات والجمعيات الاهلية علي ان يكون بعض ممثلي المجتمع المدني اعضاء فاعلين بها وتكون رقابتها من البرلمان لا من الحكومة. مشروع قانون الجمعيات الأهلية واخيرا نختتم بأن الحكومة قد اعدت مشروعا جديدا لتنظيم عمل الجمعيات الأهلية تحت مسمي قانون والمؤسسات الأهلية, وذلك لمواجهة الخلل الموجود في القانون الحالي رقم84 لسنة.2002 ويحظر مشروع القانون الجديد علي أي جهة ممارسة الأنشطة السرية أو التشكيلات ذات الطابع العسكري, وكذلك ممارسة أي نشاط سياسي أو نشاط يدخل في أغراض الجمعيات الأهلية. ويجيز المشروع الجديد للجمعيات أن تمارس نشاطا لا يتنافي مع أغراضها بالتعاون مع المنظمات الأجنبية ولكن بشرط إخطار الحكومة, كما أن للجمعيات الحق في تلقي الأموال والتبرعات من داخل مصر أو من المنظمات الأجنبية, لكن بشرط أن يكون من المنظمات المصرح لها بممارسة ودعم أنشطة الجمعيات. وتخضع المنظمة الأجنبية المصرح لها بالعمل داخل جمهورية مصر العربية لرقابة الجهة الإدارية المختصة, وعليها أن تقدم لهذه الجهة تقرير إنجاز سنويا خلال مدة ممارسة النشاط المصرح به.