أين الوطن؟.. سؤال ينبغى طرحه على الجميع فى العالم العربى وتحديدا فى الدول التى تجرعت سم مشروع الربيع العربى الفاسد فالذين اتهموا أنظمة الحكم بأنها أنظمة فاسدة ومستبدة - ولا أحد يجادلهم فى ذلك - عليهم أن يمتلكوا شجاعة الاعتراف بأنهم كانوا السبب فى ضياع الأوطان ذاتها بعد أن عجزوا عن طرح أى بديل حقيقى لهذه الأنظمة وكأن غاية مرادهم هو إبقاء الأوطان فى حالة فوضوية باسم حماية الثورة ودون وجود أفق سياسى واضح. إن الوطن يستحق مسمى الوطن بالبناء الأخلاقى الذى يسمح بتشاركية حقيقية بين كل الأطراف والتيارات وليس مثل ذلك الذى شهدناه فى كافة العواصم التى ابتلعت سم المشروب الفاسد لكى تسود سياسات الإقصاء والانتقاء ومن ليس معى فهو ضدى وهذا وطنى شريف ومن لا يسير على دربى فهو خائن وعميل. نعم كانت لدينا أنظمة حكم فاسدة ومستبدة ولكن كانت لدينا أوطان يمكن أن نعيش فيها أما اليوم فإن كافة الدول العربية التى ابتلعت المشروب الفاسد - باستثناء مصر بعد ثورة 30 يونيو - أصبحت مجرد ديكور على حائط الزمن بعد أن تفككت الدولة الوطنية وانهارت المؤسسات السياسية وتشرذمت الجيوش والقوى الأمنية وأصبح الخراب عنوانا للواقع المأساوى فى سوريا وليبيا واليمن ومن قبلهم العراق الذى كانت جريمة غزوه عام 2003 مجرد بروفة تسبق إطلاق عواصف الربيع العربى المزعومة. وأيضا كان لدينا حكام مخادعون يبيعون الوهم للناس لتثبيت دعائم حكمهم وإطالة أمد بقائهم فى السلطة لكن من يسمون أنفسهم بالنشطاء افتقروا لأية رؤى أو استراتيجيات سياسية واقتصادية واجتماعية قابلة للتنفيذ فى ضوء الممكن والمتاح وانزلقوا بالخطاب السياسى إلى درك سحيق بهدف إرضاء الشارع دون تقدير للعواقب والتداعيات المخيفة للكلفة الاقتصادية لحماقاتهم تفوق طاقة هذه الأوطان وتدفع بها لكى تقع فريسة للدول الممولة لهؤلاء النشطاء وأجنداتها الشيطانية. وليس لأحد بعد ذلك أن يتساءل لماذا ترتجف مشاعر العرب من المحيط إلى الخليج وهى تستمع للفنان التونسى لطفى بوشناق وهو يشدو قائلا: «خذوا المناصب والمكاسب لكن خلولى الوطن»!. خير الكلام : ما قد ندمت على سكوتى مرة.. ولكم ندمت على الكلام مرارا!. [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله