ياحسرة على أمة العرب التى كانت بعد انتصار أكتوبر المجيد عام 1973 على أعتاب دخول نادى الأرقام الصعبة فى المعادلة الدولية مستندة فى ذلك إلى نصر عسكرى مبهر وقدرة اقتصادية مؤثرة نتيجة ارتفاع أسعار البترول فإذا بنا اليوم أمام أمة تصدر المهاجرين واللاجئين والنازحين إلى المنافى هربا من جحيم الحروب الأهلية. لقد أصبحت الأرض العربية مستباحة لكل من هب ودب بعد أن جرى تفكيك الدولة الوطنية وتسريح جيوشها فى دول عربية عديدة بعد تشويه سمعة مؤسساتها وفى المقدمة المؤسسات الأمنية، وبالتالى فليس مفاجئا ولا مستغربا أن تتوسل العراق الحكومة التركية قبل أيام لكى تسحب قواتها من الأراضى العراقية شمال مدينة الموصل بعد أن تنبهت بغداد مؤخرا إلى أن ذلك يمثل خرقا خطيرا للسيادة الوطنية. وينسى بعض إخوتنا فى العراق أنهم أول من فتحوا أبواب جهنم على الأمة العربية عندما تنادى البعض منهم لطلب التدخل العسكرى الأجنبى لإزاحة صدام حسين عن سدة الحكم عام 2003 متناسين أنهم استنوا سنة سيئة ولم يحسبوا حسابا للخطوة التالية قبل أن يكتووا بعذاب خطيئتهم وقبل أن يدركوا أنهم باتوا كالمستجير من الرمداء بالنار! إن ما جرى فى العراق بذريعة ضرورة إسقاط الاستبداد ولو باستقدام القوة الأجنبية عام 2003 كان مجرد بروفة لمشروب الربيع العربى الفاسد الذى تجرعته الأمة منذ عام 2011، وبدأت أعراض التسمم تظهر على الجسد العربى فى سوريا وليبيا واليمن والتى باتت مسرحا للعربدة الأجنبية مثلما هو الحال فى العراق منذ اثنى عشر عاما متصلة وحتى اليوم. ومن العجيب أن الذين باركوا غزو العراق عام 2003 هم أنفسهم الذين روجوا لمشروب الربيع العربى الفاسد بعد ذلك ولم يستح أحد منهم حتى اليوم من فعلته ليمتلك شجاعة الاعتذار عن أسوأ خطيئة ارتكبها فى حق أمته وإنما عادت أسراب غربانهم من جديد للعزف على ثنائية الفساد والاستبداد والرقص على أكذوبة السببية المزيفة بين غياب الديمقراطية وانتشار الإرهاب... ولابد أن نعترف بأن العيب فينا قبل أن نلوم الآخرين ونتمسح فى شماعة المؤامرة فقط لأن نجاح أى مؤامرة أجنبية يرتبط دائما بوجود أعوان وعملاء الداخل! خير الكلام : والمستجير بذئب عند كربته كالمستجير من الرمداء بالنار ! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله