هناك اجماع على أهمية التعليم فى اعادة بناء مصر، وفيمايلى تصور لمواجهة قضيتى التكدس بفصول المدارس والدروس الخصوصية، فبالنسبة لتكدس الفصول بالتلاميذ فإن مصر بها نحو 50 ألف مدرسة، وطبقا للواقع فإننا نحتاج إلى 50 ألف مدرسة أخري، وهنا اقترح تقسيم التلاميذ وعددهم 18 مليونا، إلى مجموعتين كل منهما تذهب إلى المدرسة ثلاثة أيام فى الأسبوع.. مجموعة تذهب أيام (السبت الأثنين الأربعاء) والثانية أيام (الأحد الثلاثاء الخميس) وبذلك تنخفض الكثافة إلى النصف أى 9 ملايين تلميذ على أن يتم تطويل اليوم الدراسى بحيث يبدأ من الثامنة صباحا إلى الثالثة بعد الظهر, ويكون تحصيل ذات المناهج على اعتبار أن اليوم التالى إجازة ويمكن للطالب مراجعة وتحصيل كل دروسه فيه ويستمر هذا الأسلوب إلى أن تنمو مواردنا ونستطيع بناء ال 50 ألف مدرسة الجديدة. أما بالنسبة لمواجهة الدروس الخصوصية، فأرى بث عشرين قناة تعليمية تختص كل منها بسنة دراسية واحدة من السنة الأولى الابتدائية إلى الثانوية العامة بجميع أقسامها، على أن يعاد الدرس أربع مرات فى توقيتات متباعدة (كل أربع ساعات مثلا) وأن يوزع جدول البرامج التعليمية على التلاميذ وأولياء أمورهم ويتم التنويه عن مواعيد هذه الدروس وأوقات الإعادة فى وسائل الاعلام (كواجب الزامى مثل عرض مواقيت الصلاة ودرجات الحرارة) وذلك مقابل 100جنيه سنويا يدفعها الطالب مع رفع هذه الدروس على اليوتيوب لمن فاتته أوقات الإعادة، مع إعلان أن جميع أسئلة الامتحانات ستكون محاكية للأسئلة التى تتم اجابتها من خلال البرامج التعليمية وأن تكون الامتحانات بالمدارس شهريا، بغرض قياس مدى التقدم الذى يحرزه الطلاب (وارسال نتيجة الاختبار الشهرى لأولياء الأمور مع الطلاب) مع عدم ادخال درجات الاختبارات الشهرية ضمن درجات نهاية العام، وتكون أشبه بالمباريات الودية التى تجريها الفرق الرياضية استعدادا للمباريات الرسمية حتى لا تكون مجالا لابتزاز التلاميذ. أما عن النتائج المتوقعة لهذين الاقتراحين فهى كالتالي: { عدم الحاجة لإجبار الطلاب على الحضور للمدرسة، إذ ستصبح الفصول عند كثافة أقل (50%) والحضور ثلاثة أيام فقط. { انخفاض الكثافة يساعد فى قبول التلاميذ الذين ينقصهم يوم أو أيام قليلة عن الحد الأدنى الذى يتحدد فى بداية كل عام للقبول بالمدارس الابتدائية مما يؤخر الكثير من التلاميذ ويستدعى طلب استثناءات للقبول من الوزير أو المحافظ أو مدير المنطقة التعليمية.. الخ. { سيكون هناك أثر مهم على المرور اذ ستنخفض نسبة الذاهبين للمدارس إلى النصف مما سيقلل الكثافات المرورية فى أوقات الذهاب إلى المدارس أو العودة منها (أثر بيئى ايجابي). { بالنسبة للدروس التعليمية من خلال التليفزيون، فإن النتيجة المباشرة لذلك أن كل طالب سيكون له مدرس خاص به بدلا من المجموعات التى ينخرط فيها كل طالب أو زحام المراكز الخاصة بالدروس الخصوصية. سيكون للأسرة دور فى تتبع التلاميذ عن طريق جدول البرامج التعليمية الذى سيكون متاحا لكل ولى أمر، بما يعظم الاستفادة من التليفزيون داخل المنزل. { توفير المبالغ الهائلة التى تنفق على الدروس الخصوصية والتى تتجاوز 50 مليار جنيه سنويا مقابل مبلغ أقل من مليارى جنيه عن خدمة القنوات التعليمية بالتليفزيون. { معنى أن دخل الأسر يزيد سنويا بنحو 48 مليار جنيه أن هذه المبالغ الكبيرة يمكن توجيه انفاقها فى اتجاهات متعددة تساعد على تنشيط الاقتصاد القومى إلى جانب فرص العمل التى سيولدها الاقتصاد وتصل إلى مليون فرصة عمل (بافتراض أن فرصة العمل تتكلف 200 ألف جنيه) بدلا من ذهاب هذه المبالغ إلى المدرسين مما يتسبب فى سوء توزيع الدخل من خلال هذه الآلية الفاسدة. { اذا حدث ذلك فسوف ننقذ أبناءنا من رؤية الفساد يوميا من خلال مدرس مقصر فى مدرسته، نشيط فى منازل الطلاب ومراكز الدروس الخصوصية إذ أن ذلك يرسخ فى اذهانهم أن الكسب فى هذه البلاد لا يكون إلا بهذه الصورة من صور الفساد, وسوف تعود بالتدريج الهيبة إلى المعلمين التى فقدوها فى رحلة البحث عن تكديس الأموال، وسقوط المعلم كقدوة لتلاميذه سوف تنعم الأسر بوجود ابنائها فى المنزل بدلا من القلق عليهم فى أثناء فترة الدرس الخاص خارج المنزل أو القيام بضيافة المدرس وباقى المجموعة بالمنزل والطوارئ التى يكون عليها المنزل أثناء حصة الدرس وهذا أيضا سيكون له عائد على مستوى المرور أيضا إذ سيقل تحرك السيارات الخاصة بعد الظهر وفى المساء لارسال الأبناء من الدرس وانتظارهم لحين الانتهاء من الدرس. { أن تعلم الطلاب من خلال مدرس التليفزيون سيضمن وصول المعلومات التى يجب أن تصل للتلاميذ من خلال مصدر واحد، بدلا من تعدد المصادر بتعدد المدرسين الخصوصيين. { أن مبلغ ال 100 جنيه سالف الاشارة اليه سيكون للانفاق على البرامج التعليمية باختيار أفضل المدرسين لتقديم المادة العلمية بتقديم مكافآت متميزة مع توفير وسائل الإيضاح التى تيسر فهم الدروس كأن تظهر التفاعلات الكيميائية مجسدة فى دروس الكيمياء أو الظواهر الفيزيائية ودروس البيولوجى والتاريخ (عرض مشاهد درامية متسقة مع الأحداث التاريخية)... الخ وهذه الخطوات يمكن اتخاذها لمدة خمس سنوات، يتم خلالها تطوير مناهج الدراسة بما يتفق ومقتضيات العصر لتكون مخرجات العملية التعليمية متناسبة مع احتياجات مصر الجديدة. عيسى فتحى محلل اقتصادي