لم تحقق حكومة جنوب السودان فائدة تذكر من احتلال قواتها منطقة هجليج البترولية سوي إحراج حكومة الخرطوم لعدة أيام قبل أن تضطر للانسحاب منها بعد إراقة دماء غزيرة.. حتي تسخين الجبهة للضغط علي حكومة الشمال والدول المهتمة بعدم انفجار الوضع هناك لم يتحقق لأنها سحبت قواتها قبل الحصول علي أي تعهد من الخرطوم أو ضمان من حلفاء مثل واشنطن بالإسراع بحل القضايا الخلافية مثل الجزء المتنازع عليه من الحدود أو منطقة أبيي الغنية بالبترول أو حتي التوقف عن دعم المتمردين من طرف ضد الآخر. علي العكس عمق الهجوم الجنوبي علي هجليج التي تنتج نصف بترول شمال السودان الشعور بالمرارة وزاد الفجوة اتساعا بين البلدين الشقيقين في وقت كانا في أمس الحاجة لتقارب أكثر في المواقف للتوصل الي اتفاق ينهي الخلافات المترتبة علي انفصال الجنوب في يوليو. 2011 وبذلك تهيأت الأجواء أكثر لمزيد من الاعمال العدائية من كل منهما ضد الآخر بدءا بمحاولة الانتقام بالحاق أكبر قدر من الضرر الاقتصادي مرورا بالتشدد في المواقف خلال التفاوض لحل الخلافات هذا إن استؤنفت المفاوضات اصلا وانتهاء بشن هجمات مسلحة متبادلة والتوسع في دعم المتمردين ضد كل منهما. أصبح التوصل الي اتفاق حول رسوم تصدير بترول الجنوب المتوقف عبر أنابيب الشمال أكثر صعوبة وأبعد كثيرا عما كان مأمولا وبذلك يبقي الجنوب محروما من عائدات 75% من الإنتاج البترولي نتيجة انفصال الجنوب.. واصبحت الخرطوم أكثر تشددا بشأن 20% من الحدود التي مازالت محل خلاف, خاصة منطقة أبيي وأكثر إصرارا علي حصار الجنوب الذي كان الي وقت قريب يعتمد بنسبة 80% علي السلع الواردة من الشمال بالاضافة الي تضييق الخناق علي 700 ألف جنوبي مازالوا يعيشون في الشمال ولو اضطروا للعودة الي الجنوب سيشكلون عبئا ثقيلا علي اقتصاد هش غير قادر علي توفير السكن أو التعليم أو الرعاية الصحية أو حتي الغذاء لهم. وبذلك أصبحت جوبا الخاسر الأكبر مما جنته يداها. المزيد من أعمدة عطيه عيسوى