6 عندما نتحدث عن نصر أكتوبر والقرار فيه لأنور السادات ما فى ذلك شك لا يمكن أن نغفل أن جمال عبد الناصر كان هو الغائب الحاضر فى هذه الحرب المجيدة لأن الذى فعله عبد الناصر منذ رحلته السرية فى يناير 1969 وحتى ليلة 8 أغسطس من نفس العام يمثل ما يزيد على 75 فى المائة من مكونات قرار الحرب بعد أن سقط أهم عائق نفسى وتكتيكى واستراتيجى فى سجل المواجهات المسلحة مع إسرائيل بإقامة حائط الصواريخ وتحريكه إلى قرب حافة قناة السويس لتخسر بذلك إسرائيل أهم عناصر التفوق والردع لديها وهو سلاح الجو الإسرائيلى من قبل أن تبدأ الحرب! والذين عايشوا هذه الفترة العصيبة من نهاية عام 1969 وبداية عام 1970 يعرفون إلى أى مدى كانت الأمور تبدو محبطة فى مصر رغم ما حققته قوات الجبهة من نجاحات فى القصف المدفعى والإغارات على المواقع الإسرائيلية والإيقاع بجنود وضباط إسرائيليين فى الأسر مما أثار جنون إسرائيل ودفع بها إلى سلوكيات مجنونة لم تقتصر على ضرب أبو زعبل ومدرسة أطفال بحر البقر والإغارة على جزيرة شدوان فى البحر الأحمر بعد خطف أحد الرادارات المصرية من منطقة الزعفرانة، وإنما بلغ الأمر حد الإغارة على المنطقة العسكرية فى دهشور بالجيزة والتى لا تبعد كثيرا عن القاهرة.. ناهيك عن اختراق الطائرات الإسرائيلية لحاجز الصوت فوق العاصمة. فى ظل هذا التصعيد المجنون ذهب جمال عبد الناصر إلى موسكو فى زيارة سرية لم يعلن عنها وأخبرهم بأنه يفكر فى الرحيل عن السلطة لأنه لم يعد يحتمل تلك الإهانات التى تمارسها إسرائيل ضد مصر بدعم من أمريكا، بينما الاتحاد السوفيتى صامت لا يتحرك... وأصيب السوفيت بالفزع ووافقوا على أغلب طلبات عبد الناصر وأهمها تزويد مصر بصواريخ سام 3 القادرة على التصدى للطيران المنخفض وحدثت المعجزة فى أشهر قليلة بنجاح العمال المصريين فى بناء عشرات القواعد اللازمة لهذه الصواريخ التى وصلت مصر ومعها أطقم التشغيل من السوفيت حتى يكتمل تدريب المقاتلين المصريين.. وبدأ ظهور النتائج وتوالى سقوط طائرات الفانتوم الذى بلغ ذروته فى معارك 30 يونيو 1970... ولكن الدور البارع والأهم لجمال عبد الناصر كان فى استثمار مبادرة روجرز لتحريك حائط الصواريخ إلى شاطيء القناة مع أول ثانية لتطبيق وقف إطلاق النار يوم 8/8/1970 وليتغير ميزان القوى على الجبهة المصرية لأول مرة منذ حرب يونيو 1967. ... وغدا نواصل الحديث [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله