يخطئ من يعتقد أن حرب الاستنزاف كانت مجرد استخدام لحق الدفاع الوقائى فقط وإنما كانت جزءا أساسيا وأصيلا من مهمة الإعداد الحقيقى ليوم العبور العظيم بعد كسر حائط الرهبة والخوف ومحو أسطورة الجندى الإسرائيلى والاطمئنان إلى تطعيم المقاتلين الجدد بأجواء حقيقية للحرب والقتال. وسوف يذكر التاريخ قصة حرب الاستنزاف المجيدة التى بدأت اعتبارا من 8 مارس 1969 بمعركة المدافع الشهيرة وانتهت يوم 8 أغسطس 1970 بنجاح مصر فى تحريك حائط صواريخ الدفاع الجوى الرهيب إلى قرب حافة الضفة الغربية لقناة السويس طبقا لترتيبات وقف إطلاق النار على أساس مبادرة روجرز كإحدى أروع ملاحم البطولة والفداء للعسكرية المصرية. سوف يذكر التاريخ أنه تحت نيران حرب الاستنزاف تمت عدة عمليات للعبور إلى الشاطئ الشرقى لقناة السويس وإلى داخل عمق سيناء والحصول على أسرى مهمين كانوا مصدرا خصبا من مصادر المعلومات الضرورية حول ما يجرى على الجانب الآخر. وسوف يذكر التاريخ أنه فى ظل حرب الاستنزاف استعادت القوات الجوية المصرية ثقتها بنفسها وأثبتت كفاءتها وبطولتها فى سلسلة مواجهات دحضت بها أسطورة التفوق الجوى المطلق للطيران الإسرائيلي. وسوف يذكر التاريخ أن حرب الاستنزاف شهدت البناء الحقيقى لمنظومة الدفاع الجوى المصرى واستكمالها والذى بلغ درجة الذروة فى اسبوع تساقط طائرات الفانتوم خلال يوليو 1970 والنجاح فى تحريك حائط الصواريخ ليغطى جبهة القناة بأكملها وحتى عمق 20 كيلو مترا شرق قناة السويس ليلة 8 أغسطس 1970 . سوف يقول التاريخ إن العسكرية المصرية قدمت نموذجا حيا لعطاء القادة الكبار عندما استشهد الفريق عبد المنعم رياض رئيس أركان حرب القوات المصرية وهو على الخطوط الأمامية للجبهة فى موقع المعدية رقم 6 بمنطقة الإسماعيلية أثناء معارك المدفعية يوم 9 مارس 1969 . وباختصار فإن حرب الاستنزاف كانت بمثابة التجسيد الحى لإرادة الرفض المصرى للهزيمة وإثبات القدرة على تحدى الأمر الواقع والتهيؤ بأسرع وقت ممكن لدخول ملحمة المواجهة الشاملة.. وغدا نواصل الحديث http://[email protected]