لا شك في أن الاعتراف الإسرائيلي بسقوط طائرة واحدة وعدم الاعتراف بسقوط الطائرة الثانية التي سقطت مع الأولي في كمين جوي محكم يوم23 أكتوبر عام1968 كان أمرا له مغزاه. حيث جري اعتباره في تقدير موقف لفرع المعلومات بالمخابرات الحربية المصرية آنذاك بأنه مؤشر واضح لبداية الاقتناع لدي قادة تل أبيب باهتزاز أسطورة التفوق النوعي, كما كان لهذه المعركة أثرها البالغ في استعادة الطيارين المصريين لثقتهم بأنفسهم. يومها أدركت إسرائيل أن مصر جادة تماما في سياسة الدفاع الوقائي, وأن ذلك سوف يكلفها خسائر في الأفراد أقوي من احتمالها ومن ثم بدأت في عملية بناء الساتر الرملي علي امتداد القناة كلها وخلف الساتر الرملي بدأت في إنشاء خط التحصينات الرهيب الذي اصطلح علي تسميته فيما بعد باسم خط بارليف. ولم يكن أمام مصر إلا أن تغير استراتيجية المواجهة في ضوء ما نجم عن بناء خط بارليف الحصين من تقليل أثر الردع للمدفعية المصرية بسياسة الدفاع الوقائي. وكان قرار التحول نحو حرب الاستنزاف اعتبارا من8 مارس1969 بعد عام من معركة المدافع الشهيرة يمثل مرحلة جديدة وحاسمة من مراحل المواجهة التي بلغت ذروتها يوم6 أكتوبر1973 خصوصا بعد نجاح مصر في استكمال بناء حائط صواريخ الدفاع الجوي وتحريكه إلي قرب حافة قناة السويس قبل تنفيذ وقف إطلاق النار في8 أغسطس1970 وفقا لمبادرة وليام روجرز وزير الخارجية الأمريكي وبعد استيعاب إسرائيل لدروس تفوق الصواريخ المصرية علي طائرات الفانتوم خلال معارك شهري يونيو ويوليو.1970 وفي الأيام المقبلة ذكريات جديدة ودروس عديدة مازالت حية ونابضة رغم مرور أكثر من40 عاما علي وقائعها خصوصا تلك المعارك التي جرت بعد أسبوعين أو ثلاثة فقط من قرار وقف إطلاق النار في9 يونيو.1967 خير الكلام: الأرض يا للأرض أن الأرض تبكي في انتظار من يقهر الصعاب! http://[email protected]