( الحقيقةُ المرة أفضل ألف مرة من الوهم المريح ) وأزمة المهاجرين السوريين فى أوروبا كشفت أن العالم العربى والإسلامى تعرض على مدى أكثر من ثلاثة قرون لعمليات غسيل مخ وتزييف للوعى وتجريف للقيم على يد مجموعة من العلمانيين والمستغربين والآكلين على موائد الغرب أوالذين عاشوا فيه وتعلموا فى مدارسه وجامعاته وغيرهم ممن باعوا إلينا هذا الوهم الكبير المسمى ( حضارة الغرب وقيمه ) فمن يرى ويتابع ما تعرض له المهاجرون السوريون على حدود دول أوروبية مثل المجر والنمسا وصربيا وفنلندا وألمانيا وبولندا وغيرها ،وما قِيل فى حقهم من تصريحات عنصرية وشوفينية لا تمت للإنسانية ولا للحضارة بصلة يتساءل : أين ما سمعناه ( بعدد أنفاسنا ) من شعارات حول حقوق الإنسان وحقوق المرأة وحقوق الطفل وحرية الأديان وحقوق اللاجئين وغيرها من الحقوق ؟ ولما كانت التجربة خير برهان ، ولما كانت العبرة بالأفعال، ظهر للعالم على شاشات الفضائيات أن أوروبا والغرب عموما – كما قال الفيلسوف الفرنسى الذى أسلم روجيه جارودى – لا علاقة له بالدين ولا بتعاليم السماء ، وأن إله الغربيين موجود فى البنوك والمصانع والمعامل والبورصات ودور السينما والحانات ، وأن الغرب لا يتمسح بالدين إلا عندما يكون الأمر متعلقا بالمسلمين . ولم يتطلب الأمر منا أن نحمل سلاحا أونعقد مؤتمرات أونؤلف كتبا،بل استطاع المهاجرون الضعفاء الجائعون المشردون الخائفون أن يفضحوا زيف الشعارات الغربية ، وأنها لا تُصدَّر إلينا إلا لتكون فيروسات قاتلة تنخر فى عقيدتنا وشعائرنا وقيمنا وأجسادنا وأوطاننا . ولكن السؤال المهم : كم نحتاج من وقت ومن مآسى حتى نكتشف زيف شعارات أخرى مثل الإرهاب والديمقراطية التى على أساسها احتلت ودمرت وقسمت أمريكا وحلفائها دولا إسلامية مثل أفغانستان والعراق والصومال والسودان ؟ ولعل من أكبر فوائد أزمة المهاجرين السوريين تصريحات رئيس الوزراء المجري فيكتور أوروبان – التى لا تحتاج إلى تعليق – والتى تفضح حقيقة العلاقة الغربية مع الإسلام والمسلمين . فقد قال إن ( أوروبا أُغرِقت بلاجئين معظمهم مسلمين.. والسؤال المهم هل يمكن الحفاظ على الجذور المسيحية لأوروبا، أم أنها لم تعد كذلك ؟ وهذا في حد ذاته يدق ناقوس الإنذار ، فالحضارة الأوروبية ليست في موقف يتيح لها الاحتفاظ بقيمها المسيحية ...إن الأوروبيين خائفون ، فهم يراقبون قادة الإتحاد الأوروبي ومن بينهم رؤوساء وزراء في بلادهم وهم عاجزون عن احتواء المواقف...الواقع هو أن أوروبا مهددة بتدفق بشرى هائل يمكن أن يأتى عشرات الملايين من الناس إلى أوروبا،سنجد أنفسنا فجأة أقلية فى قارتنا...نحتاج إلى إظهار القوة فى حماية حدودنا...إن بلادنا لا ترغب فى استضافة جماعات مسلمة كبيرة، فلقد كان هناك الحكم العثمانى للبلاد على مدار 150 عاماً خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر الميلاديين ،أعتقد أن لدينا الحق فى أن نقرر أننا لا نريد عدداً كبيراً من المسلمين فى بلادنا، ،نحن لا نحب النتائج المترتبة على ذلك). [email protected] لمزيد من مقالات عبدالفتاح البطة