الزمالك بين المطرقة والسندان: قضايا بالجملة وتهديد بملايين الدولارات    الأرصاد تكشف خريطة سقوط الأمطار وموعدها وتّحذر من برودة الطقس    عاجل تحديد موعد جنازة الفنان إسماعيل الليثي ومكان تشييع الجثمان    مهرجان القاهرة يحتفي بالنجم خالد النبوي بعرض فيلمي "المهاجر" و"المواطن"    فيديو.. سيد علي نقلا عن الفنان محمد صبحي: حالته الصحية تشهد تحسنا معقولا    العراق يرفض تدخل إيران في الانتخابات البرلمانية ويؤكد سيادة قراره الداخلي    رئيس الوزراء يتابع جهود تسوية المديونيات وتحسين أوضاع المؤسسات الصحفية القومية    تبرع ثم استرداد.. القصة الكاملة وراء أموال هشام نصر في الزمالك    رئيس الوزراء يتابع مستجدات تطبيق وتنفيذ اتفاقيات التجارة الحرة    وزير الخارجية يبحث ترتيبات عقد المؤتمر الوزاري الروسي – الأفريقي بالقاهرة    ضبط لحوم دواجن في حملة تموينية بشبرا الخيمة    مقتل 31 نزيلًا فى سجن بالإكوادور    ترامب يصدر عفوا عن شخصيات متهمة بالتورط في محاولة إلغاء نتائج انتخابات الرئاسة 2020    نقيب موسيقيي المنيا يكشف اللحظات الأخيرة من حياة المطرب الراحل إسماعيل الليثي    كندة علوش تدعم عمرو يوسف في العرض الخاص لفيلم السلم والثعبان 2    وزارة السياحة والآثار تُلزم المدارس والحجوزات المسبقة لزيارة المتحف المصري بالقاهرة    الأمم المتحدة: إسرائيل بدأت في السماح بدخول المزيد من المساعدات إلى غزة    الاتحاد السكندري يفوز على سبورتنج وديًا استعدادًا للجونة بالدوري.. ومصطفى: بروفة جيدة    محافظ بني سويف: إقبال السيدات مؤشر إيجابي يعكس وعيهن بأهمية المشاركة    معامل الإسماعيلية تحصد المركز السادس على مستوى الجمهورية بمسابقة الأمان المعملي    قريبًا.. الذكاء الصناعي يقتحم مجالات النقل واللوجستيات    المستشارة أمل عمار: المرأة الفلسطينية لم يُقهرها الجوع ولا الحصار    وزير الصحة يستقبل نظيره اللاتفي لتعزيز التعاون في مجالات الرعاية الصحية    وزير التموين: توافر السلع الأساسية بالأسواق وتكثيف الرقابة لضمان استقرار الأسعار    دعاء مؤثر من أسامة قابيل لإسماعيل الليثي وابنه من جوار قبر النبي    هل يظل مؤخر الصداق حقًا للمرأة بعد سنوات طويلة؟.. أمينة الفتوى تجيب    أخبار الإمارات اليوم.. محمد بن زايد وستارمر يبحثان الأوضاع في غزة    ابدأ من الصبح.. خطوات بسيطة لتحسين جودة النوم    طريقة عمل الكشرى المصرى.. حضري ألذ طبق علي طريقة المحلات الشعبي (المكونات والخطوات )    فيلم عائشة لا تستطيع الطيران يمثل مصر في المسابقة الرسمية لمهرجان مراكش السينمائي    نماذج ملهمة.. قصص نجاح تثري فعاليات الدائرة المستديرة للمشروع الوطني للقراءة    في أول زيارة ل«الشرع».. بدء مباحثات ترامب والرئيس السوري في واشنطن    انطلاق اختبارات مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن بكفر الشيخ    أشرف العشماوي يستعرض مقترحات لاستثمار افتتاح المتحف الكبير في استرداد الآثار المهربة    تشييع جثماني شقيقين إثر حادث تصادم بالقناطر الخيرية    ما حكم المشاركة في الانتخابات؟.. أمين الفتوى يجيب    تأجيل محاكمة 23 متهمًا ب خلية اللجان النوعية بمدينة نصر لجلسة 26 يناير    علاء إبراهيم: ناصر ماهر أتظلم بعدم الانضمام لمنتخب مصر    انتخابات مجلس النواب 2025.. إقبال كثيف من الناخبين على اللجان الانتخابية بأبو سمبل    البنك المركزي: ارتفاع المعدل السنوي للتضخم الأساسي إلى 12.1% بنهاية أكتوبر 2025    تعرف على مدة غياب كورتوا عن ريال مدريد بسبب الإصابة    الاتحاد الأفريقي يدعو لتحرك دولي عاجل بشأن تدهور الوضع الأمني في مالي    محافظ المنوفية يزور مصابى حريق مصنع السادات للاطمئنان على حالتهم الصحية    كشف هوية الصياد الغريق في حادث مركب بورسعيد    بعد 3 ساعات.. أهالي الشلاتين أمام اللجان للإدلاء بأصواتهم    بث فيديو الاحتفال بالعيد القومي وذكرى المعركة الجوية بالمنصورة في جميع مدارس الدقهلية    بالصور| سيدات البحيرة تشارك في اليوم الأول من انتخابات مجلس النواب 2025    وزير النقل التركي: نعمل على استعادة وتشغيل خطوط النقل الرورو بين مصر وتركيا    هبة عصام من الوادي الجديد: تجهيز كل لجان الاقتراع بالخدمات اللوجستية لضمان بيئة منظمة للناخبين    ماذا يحتاج منتخب مصر للناشئين للتأهل إلى الدور القادم من كأس العالم    حالة الطقس اليوم الاثنين 10-11-2025 وتوقعات درجات الحرارة في القاهرة والمحافظات    تأجيل محاكمة «المتهمان» بقتل تاجر ذهب برشيد لجلسة 16 ديسمبر    الرعاية الصحية: لدينا فرصة للاستفادة من 11 مليون وافد في توسيع التأمين الطبي الخاص    وزارة الصحة: تدريبات لتعزيز خدمات برنامج الشباك الواحد لمرضى الإدمان والفيروسات    جامعة قناة السويس تحصد 3 برونزيات في رفع الأثقال بمسابقة التضامن الإسلامي بالرياض    وزير الزراعة: بدء الموسم الشتوى وإجراءات مشددة لوصول الأسمدة لمستحقيها    د.حماد عبدالله يكتب: " الأصدقاء " نعمة الله !!    شيكابالا عن خسارة السوبر: مشكلة الزمالك ليست الفلوس فقط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نحن وجارودى
نشر في اليوم السابع يوم 24 - 06 - 2012

ذات يوم كان اسم الفيلسوف الفرنسى روجيه جارودى مقررا على القارئ المصرى، فى صحافته اليومية والأسبوعية، كان ذلك حين تمت دعوته لزيارة القاهرة، احتفالا بكتابه «الأساطير المؤسسة لإسرائيل»، تبارت يومها كل جهة فى أن تعلن أنها صاحبة الدعوة والاستضافة.. وتنافست الصحف فى الفوز بإجراء مقابلات وحوارات خاصة مع جارودى.. وتبارى الصحفيون فى متابعته، وقامت «دار الشروق» بترجمة الكتاب ونشره باللغة العربية، وتعرضت وزارة الثقافة يومها للهجوم وانتقاد حاد لأن مؤسساتها لم تقم هى بالترجمة والنشر.
لم تكن هى المرة الأولى التى يتم فيها الاحتفاء بجارودى، حدث ذلك مرة سابقة فى الثمانينيات حين تحول جارودى إلى الإسلام، وسعدنا بذلك، إذ اعتبرناه انتصارا للإسلام وللمسلمين، خاصة أنه بعد اعتناق الإسلام، مطلع الثمانينيات تزوج من سيدة فلسطينية مسلمة.
قبل تلك التحولات فى أفكار ومسارات جارودى، كان هو معروفا فى أوساط المثقفين منذ أن كان ماركسيا، له العديد من الدراسات والأفكار المهمة.. لم يكن فى وزن معاصره جان بول سارتر، الفليسوف والكاتب المسرحى، لكن جارودى كان معروفا جيدا بين المثقفين والمتابعين المتخصصين فى الفكر الماركسى.
وفى السنوات الأخيرة أسدل ستار من النسيان التام عليه، لم تعد العواصم العربية ومثقفوها تتنافس فى معرفة أخباره وترجمة كتبه.. ولما مات نهاية الأسبوع قبل الماضى، لم تصدر كلمة عزاء واحدة له ولا تم الاهتمام بالحدث، على الأقل بتقديم الحدود الدنيا من المعلومات والمعارف للقارئ العربى والمصرى حول هذا الرجل فى سنواته وأيامه الأخيرة.
صحيح أن الاحتفاء بجارودى فى التسعينيات كان مبالغًا فيه والاحتفاء بكتابه «الأساطير المؤسسة» كان مبالغًا فيه أيضًا، هو كتاب مهم وجسور فعلاً، لكنه يعبر عن أزمة فى الفكر والضمير الأوروبى والغربى، هذا الضمير الذى سمح بمذابح اليهود والهولوكست الذى أقامه هتلر لليهود، وقبل هتلر، كان هناك اضطهاد أوروبى قديم لليهود. وفى إطار التخلص من اليهود فى أوروبا، كان المشروع الصهيونى بتجميع اليهود وإقامة وطن قومى لهم فى أفريقيا أو فلسطين وربما أمريكا اللاتينية، واستقر الأمر على فلسطين.. كان جارودى يعبر عن أزمة ضمير خاصة بأوروبا والغرب بأكثر مما يعبر عن قضيتنا الكبرى.. قضية فلسطين واغتصابها، لم يحدث فى التاريخ العربى والإسلامى اضطهاد لليهود أو عنصرية فى التعامل معهم، كانت بلادنا مفتوحة لهم دائمًا ودورهم فى الحضارة العربية الإسلامية معروف، بل إن الهجرات اليهودية إلى فلسطين فى القرن التاسع عشر بدأت بدوافع إنسانية وتم قبولهم لهذه الدوافع النبيلة.. أما «الهولوكست» فقد حدث. يتم الاختلاف على أرقام اليهود الذين تمت إبادتهم، وطرق الإبادة ووسائلها وهل هناك أطراف صهيونية شاركت فى ذلك أم لا؟ كل هذه تساؤلات جانبية، بالنسبة لنا من قتل نفسا فكأنما قتل الناس جميعا، هكذا علمنا القرآن الكريم، والمشروع الصهيونى فى فلسطين كان قائما قبل الهولوكست، لنتذكر أن قرار التقييم كان جاهزا للإصدار نهاية الثلاثينيات، لكن الثورة الفلسطينية الكبرى فى 1936 عطلت إصداره، ولنتذكر أيضًا أن الدولة الصهيونية «إسرائيل» كانت جاهزة للإعلان سنة 1942، ولكن الظرف الدولى للحرب العالمية الثانية لم يكن يسمح بذلك، ولنتذكر ثالثا أن وعد بلفور صدر فى نوفمبر سنة 1917، مذابح هتلر لليهود حدثت بعد ذلك، ولا يجدينا إنكارها، لكن حدوثها لا يبرر اضطهاد الفلسطينيين وتعذيبهم، فضلا عن سرقة وطنهم وهويتهم. اضطهاد اليهود ومذابحهم لا تبرر تكرار ذلك بأى شكل من الأشكال ولا مع أى فئة من البشر.
كنا مبالغين فى الاحتفاء بجارودى، ثم بالغنا بعد ذلك فى تجاهله وإهماله، حتى فى وفاته، يبدو أننا لم نعرف بعد الاعتدال فى اهتماماتنا ومشاعرنا، نقبل بتهافت بالغ على من نحب، ونتصرف بقسوة بالغة حين يتراجع الحب.. الطريف أن كتب وأعمال جارودى الأخيرة عن الإسلام وحضارته لم تجد منا أى اهتمام، وهو رجل اعتنق الإسلام من باب الحضارة والثقافة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.