يتحدثون كثيرا عن ضعف أداء الجهاز الحكومى ويبشروننا بثورة إدارية قاطرتها قانون الخدمة المدنية الجديد (18 لسنة 2015) بوصفه المحدد للمعايير التى ستحكم الحياة الوظيفية لأكثر من 6 ملايين ونصف مليون موظف بالدولة. فهل يمكن لقانون وحده أن يحدث هذه الثورة الإدارية التى يعدوننا بها فى أسلوب عمل الجهاز الحكومى بجرة قلم، وبهذه السهولة دون تأهيل نفسى وإعداد إدارى وتدريبى لتغيير الصورة الذهنية لدى العاملين بالدولة والتى ترسخت على مدى عقود طويلة بأن «من فاته الميرى يتمرمغ فى ترابه». هل تم عرض القانون على النقابات الممثلة لهؤلاء العاملين؟ وهل طرح القانون للحوار المجتمعى قبل صدوره بعد أن زادت الأقاويل والمخاوف التى أثارها عدد كبير من الموظفين بأن بعض مواده، ومنها المادة 27 التى ستفتح الباب على مصراعيه لفصل أى موظف دون أدنى مسئولية على الجهة التى قامت بفصله فى حالة حصوله على تقرير ضعيف لعامين متتاليين، وتصبح كل الترقيات بالاختيار بدلا من الأقدمية مما يفتح باب الواسطة والمحسوبية. لكن السؤال الأهم الآن: هل القانون الجديد سينصف بعض موظفى الدولة الذين يشعرون بالظلم؟، وهل سيراعى تطبيق العدالة الاجتماعية بين الموظفين فى ظل الفجوة الهائلة فى نظام الترقى والمرتبات والحوافز والبدلات والمميزات؟ فهناك قطاعات مثل الكهرباء والبترول والضرائب والبنوك تحصل على الكثير، بينما هناك قطاعات أخرى مظلومة ماديا مثل المحليات التى يعانى الجميع من أدائها والتى يشعر الموظف فيها بالظلم، وهذا الاختلاف يمكن أن يكون داخل القطاع الواحد فنجد أن موظفى المحكمة الدستورية العليا ومجلس الدولة يتميزون فى المرتبات والترقيات والإجازات عن نظائرهم من موظفى المحاكم والنيابات، وهو ما يثير الحساسيات، ووجود بعض القوانين التى تكفل الحفاظ على مميزات مادية يحصل عليها بعض الفئات دون غيرها.