«الوطنية للانتخابات»: انتهاء فترة التنازلات.. و20 مرشحًا تنازلوا عن الترشح على المقاعد الفردية    باكستان وإيران تشكلان لجنة مشتركة لحل مشكلات التجارة الحدودية وتعزيز التعاون الإقليمي    ترامب يوجه رسالة جديدة إلى حماس: ابدأوا بسرعة في إعادة جثامين الرهائن.. وإلا    حوار| رئيس هيئة شئون الأسرى والمحررين رائد أبو الحمص: 9 آلاف أسير فلسطينى يعانون فى سجون الاحتلال بينهم 450 طفلا    أموريم يرد بقوة على سلوت: لا يهمني ما يقوله.. أعرف فريقي جيدا    الداخلية تضبط قائد سيارة اعتدى على سائق نقل جماعى ورفض إبراز التراخيص بمدينة نصر    معاناة الطفلة ريتاج في غزة قبل لقائها ب السيسي: فقدت أسرتها وساقها وظلت تحت الأنقاض ليومين    «watch it» تطرح البوستر الرسمي ل«كارثة طبيعية».. أول بطولة مطلقة لمحمد سلام قريبًا    «مش كل اللي بيتعمل بيتقال».. وزير الرياضة يكشف آخر تفاصيل أزمة أرض الزمالك    برينتفورد ضد ليفربول.. جماهير الريدز تدعم محمد صلاح بالغناء    بالصور.. محافظ الجيزة يشارك في افتتاح معرض الوادي الجديد الزراعي الثاني    امتحانات أكتوبر.. تعليم القاهرة تشدد على الالتزام بالنماذج الامتحانية المعدة من قِبل الموجهين    الرئيس السيسي: الشعب الذي يرفض الهزيمة يتمكن من تحقيق النصر    تعليق قوي من أحمد سالم على احتفالية وطن السلام بمشاركة الرئيس السيسي    يوسف زيدان: قصة أبرهة الحبشي غير دقيقة.. واستخدام الفيل لهدم الكعبة تصور غير عملي    الأزهر للفتوى: الاعتداء على كبير السن قولًا أو فعلًا جريمة فى ميزان الدين والقيم    اكتشف أفضل مصادر البروتين لبناء جسم صحي    حبس المتهمين بالتعدي على مسن السويس بتهمة البلطجة    حبس تشكيل عصابي لقيامهم بأعمال حفر وتنقيب عن الآثار بالتبين    خالد الجندي: لو تدبرنا إعجاز القرآن لانشغلنا بالخير عن الخلاف    تعليق غريب من أحمد الجنايني بعد زواجه من منة شلبي    غدا..مؤتمر جماهيري للجبهة الوطنية بالبحيرة دعمًا لشعراوي وعماد الدين حسين في انتخابات النواب    جمارك السلوم تمنع تهريب نقد مصري وأدوية بشرية    إصابة طالبين إثر تصادم دراجة بخارية في قنا    الرئيس السيسي: "اللي حصل في شرم الشيخ ده فضل كبير من ربنا علينا"    محافظ القاهرة: تخصيص شاشات عرض بالميادين لبث مواد ترويجية عن المتحف الكبير    بمشاركة 150 متطوعًا.. تنظيف شاطئ «أبطال التحدي» في الإسكندرية (صور)    شخصية المطر    جلسة خاصة بمؤتمر الإيمان والنظام تسلط الضوء على رجاء وثبات المسيحيين في الشرق الأوسط    خبير أمريكي: إدارة ترامب تضغط على إسرائيل لتثبيت وقف إطلاق النار في غزة    القانون يحظر إنشاء جسور بالبحيرات بدون تراخيص.. تفاصيل    أمين استثمار الزهور: نستهدف مواكبة التطورات الاقتصادية والاستدامة المالية    غادة عبد الرحيم تُطلق أول حقيبة تدريبية عربية متكاملة للأمهات والمعلمين للتعامل مع اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه    جدول امتحانات شهر أكتوبر للصفين الأول والثاني الثانوي بالغربية    القنوات الناقلة مباشر لمباراة ليفربول وبرينتفورد في الدوري الإنجليزي.. والمعلق    وحدة «إذابة الجلطات المخية» بقصر العيني تحصد شهادتين دوليتين خلال مؤتمر برشلونة 2025    الوداد المغربي يحدد خططه لتجهيز حكيم زياش    محافظ البحيرة: قروض ميسرة للشباب تبدأ من 30 ألف جنيه وتصل إلى 20 مليون جنيه    الصناعة: طرح 1128 قطعة أرض صناعية مرفقة بمساحة 6.2 مليون متر    مواقيت الصلاه اليوم السبت 25 أكتوبر 2025 في المنيا    فتح باب التقديم للأجانب بمسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن الكريم    جهود قطاع الأمن العام خلال 24 ساعة    البث الإسرائيلية: واشنطن تمنع إسرائيل من اتخاذ خطوات ردا على عدم إعادة حماس جثامين المحتجزين    نجم بتروجت: أتمنى تتويج بطل جديد بالدوري.. والثلاثي الكبار هم الأقرب للقب    نائب رئيس جامعة أسيوط يترأس اجتماع مجلس إدارة صندوق الخدمات الطبية اليوم    الخميس المقبل بدء تطبيق التوقيت الشتوى فى مصر.. الساعة هتتأخر 60 دقيقة    ريال مدريد ضد برشلونة.. البارسا يختبر كوندى فى مران اليوم    الأوقاف: المشاركة في الانتخابات واجب وطني.. والمساجد ليست مكانًا للترويج السياسي    مصر توقع على إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة السيبرانية    صحة كفر الشيخ: انطلاق أول أيام القافلة الطبية المجانية بقرية المنشلين بقلين    قلق عالمي.. الأمير هاري وميجان يدعوان إلى حظر الذكاء الاصطناعي الفائق    اليوم.. جورج إلومبي يتسلم رئاسة «افريكسم بنك» رسميا    وزيرة التضامن الاجتماعي تتابع أعمال الإدارة العامة للرعاية المؤسسية والأسرية    محافظ الفيوم يتابع استعدادات الأجهزة التنفيذية لانتخابات «النواب» 2025    اللواء محمد الدويري: أحد قيادات حماس البارزة لجأ لأبو مازن لحمايته من قصف إسرائيلى    موعد مباراة الحزم والنصر في الدوري السعودي    موعد مباراة بايرن ميونخ أمام مونشنجلادباخ بالدوري الألماني.. والقنوات الناقلة    "لا تستمع لأي شخص".. بانزا يوجه رسالة ل محمد السيد بعد انتقادات الجماهير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحديات الدولة التنموية
نشر في الأهرام اليومي يوم 03 - 09 - 2015

لابد لى أن أبدأ مقالى بنقد ذاتى، لأننى ظننت وهما أننى صغت من واقع تأملاتى فى تاريخ مصر المعاصر - «مفهوم الدولة التنموية». وذلك بناء على دراسة

تجربة ثورة 23 يوليو 1952 بقيادة «جمال عبدالناصر» التى اعتبرتها هى التى أسست نموذج «الدولة التنموية» بمعنى الدولة هى التى تحدد الرؤية الاستراتيجية للتنمية، ليس ذلك فقط ولكنها هى عن طريق مشروعات صناعية متعددة- التى تقود التنمية -بالإضافة إلى الإصلاح الزراعى ورفع مستوى الخدمات الاجتماعية فى مجال التعليم والصحة ووضع برامج للتدريب والتشغيل- مما يكفل سدّ الفجوة الطبقية الكبرى التى كانت سائدة قبل ثورة يوليو من الذين يملكون والذين لا يملكون فى ريف مصر وحضرها.
وسبب ممارستى للنقد الذاتى أننى اكتشفت -عبر رحلة بحث علمية عميقة- أن مفهوم «الدولة التنموية» مستقر فى التراث العلمى الاجتماعى منذ أن نشر عالم السياسة الأمريكى المعروف «كالمرز جونسون» كتابه عن «الميتى MIIT»- وهو اختصار اسم وزارة يابانية المخصصة فى التنمية الاقتصادية والتجارة الدولية - والمعجزة اليابانية وذلك عام 1982 عن مطبعة جامعة كاليفورنيا.
ومنذ هذا التاريخ لم ينقطع الجدل العلمى حول مفهوم «الدولة التنموية» التى اعتبر جونسون اليابان نموذجا مثاليا ideal Type لها. وتعريف الدولة التنموية فى أدبيات الاقتصاد السياسى أنها تشير إلى ظاهرة الدولة التى تقود التخطيط الاقتصادى على المستوى الكلى فى شرق آسيا أساسا، وذلك فى العقود الأخيرة من القرن العشرين وفى هذا النموذج من نماذج الرأسمالية الذى يشار إليه أحيانا برأسمالية «الدولة التنموية» أنها الدولة التى لها استقلال وذاتية خاصة فى مجال القوة السياسية، بالإضافة إلى سيطرتها على الاقتصاد.
والدولة التنموية تتميز بالتدخل القوى فى مجال الاقتصاد، بالإضافة إلى سلطاتها الواسعة فى مجال التنظيم والتخطيط.
وهناك اتجاهان فى وصف الدول التى تتدخل فى مجال الاقتصاد.
الاتجاه الأول فى مجال العلاقة بين رجال الأعمال والحكومة وهو يركز على تنظيم المنافسة الاقتصادية لا أكثر ولا أقل مثل الولايات المتحدة الأمريكية، والاتجاه الثانى لا يقنع بتنظيم المنافسة وإنما تقوم الدولة فيه نفسها بالتنمية تخطيطا وتنفيذا، ويمكن أن يشارك القطاع الخاص فى هذا المسعى. ومن هنا يختلف هذا النموذج عن النموذج الرأسمالى التقليدى الذى ينفرد فيه القطاع الخاص بجهد التنمية. ويمكن القول إنه منذ أن صك «جونسون» مفهوم الدولة التنموية والجدل لم ينقطع حول سلبياتها وإيجابياتها.
وذلك لأن النموذج الرأسمالى الخالص لا يحبذ إطلاقا تدخل الدولة فى الاقتصاد، لأن «اليد الخفية» -كما قرر من قبل «آدم سميث»- هى التى ستقوم بالتوازن المطلوب بين العرض والطلب.
غير أن هذا النموذج الاقتصادى الرأسمالى الكلاسيكى سقط فى الأزمة المالية التى ضربت الاقتصاد الأمريكى فى عام 2008، والتى كانت فى الواقع «أزمة اقتصادية»، لأن الرئيس الأمريكى «أوباما» اضطر إلى أن يضخ أكثر من 600 تريليون دولار لإنقاذ الشركات الرأسمالية والبنوك الخاصة التى أفلست.
لذلك فالسؤال المطروح فى العالم الآن هو ماذا بعد سقوط النموذج الرأسمالى التقليدى؟ والإجابة هى لابد أن تتدخل الدولة اقتصاديا بشكل ما وبدرجة ما، ولكن الحيرة البالغة أمام أكبر علماء الاقتصاد الغربيين هى سؤال إلى أى مدى للدولة أن تتدخل؟
والواقع أن مفهوم الدولة التنموية قد حلّ المشكلة من جذورها، لأن هذه الدولة لا تفتح الباب واسعا وعريضا للقطاع الخاص ورجال الأعمال لكى يستثمروا أموالهم كما يشاءون وفى أى ميدان، ولكنها ترسم فى الواضع سلفاً «خريطة تنموية» تحدد مجالات الاستثمار التى ترغب الدولة أن يشاركها القطاع الخاص فيها، مثل ميدان الطاقة فى مصر مثلا، أو ميدان تحلية مياه البحر، أو ميدان المصانع الكثيفة العمالة التى يمكن أن تسحب الآلاف من مجال البطالة الدائمة أو المؤقتة.
وقد أتيح لى فى ورشة العمل التى نظمها «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالاشتراك مع «وزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإدارى» ومشروع التخطيط الفعال والخدمات أن أقدم عرضا متكاملا لموضوع «الدولة التنموية» فى الجلسة المخصصة «لاستراتيجية التنمية المستدامة: محور العدالة الاجتماعية». ولما كنت قد كلفت بإدارة هذه الجلسة المهمة فقد كان على أن أرسم خريطة فكرية متكاملة لموضوع العدالة الاجتماعية كما نشأ فى العلم الاجتماعى وفى مجال الصراع السياسى على وجه الخصوص.
وبإيجاز شديد يمكن القول إن الصراع العلمى بدأ فى الواقع مبكرا بين أنصار «الثورة» الذين كان يمثلهم أساسا «كارل ماركس» «وفردريك إنجلز» وأنصار «الإصلاح» الذين كان يمثلهم «دوركايم» الفرنسى «واريتو» الإيطالى و«ماكس يير» الألمانى.
وكان الصراع حول هل يمكن «إصلاح» سوءات النظام الرأسمالى التى كانت بارزة فى بداياته أم لابد من «الثورة» عليه وتأسيس مجتمع غير طبقى يتم فيه تطبيق العدالة الاجتماعية؟
أما عن الصراع السياسى فقد دارت المعركة بين الشيوعية والرأسمالية طوال القرن العشرين إلى أن انهار الاتحاد السوفييتى، وسقط مع نموذج «اقتصاد الأوامر». وظن الرأسماليون أنهم انتصروا انتصارا خالدا على الشيوعية، ولذلك أصدر «فرانسيس فوكوياما» كتابه الشهير «نهاية التاريخ».
غير أن الأزمة الاقتصادية الكبرى التى أسقطت كبرى الشركات الرأسمالية والبنوك جعلت «فوكوياما» نفسه ومعه علماء اقتصاد رأسماليون يعيدون النظر فى الموضوع، ويعترفون بأن مشكلة العدالة الاجتماعية لا يمكن أن يحلها النموذج الرأسمالى التقليدى.
والواقع أنه سبق فى العلم الاجتماعى أن تنبأ بعض كبار الاقتصاديين وعلماء الاجتماع والسياسة بأن «اقتصاد السوق» لو سيطر على الدولة أو على المجتمع- كما قرر «كارل ولانى» فى كتابه الشهير «التحول العظيم» فلابد أن يحدث انهيار اقتصادى. وقد صدقت نبوءة «ولانى» المبكرة عام 2008 حين انهار الاقتصاد الرأسمالى.
غير أن اقتصاديا اشتراكيا شهيرا هو «شوميتر» سبق له فى كتابه المعروف هو «الرأسمالية والديمقراطية والاشتراكية» أن قرر بعبارة حاسمة «أن الرأسمالية كنظام اقتصادى لابد فى زمن ما أن تنفجر من داخلها لسبب بسيط هو التناقض الرئيسى بين جماعة عملية الإنتاج وفردية الاستحواذ على الفائض».
وقد سبق لبعض العلماء السياسيين من ذوى البصيرة ممن تابعوا بدقة تحول إدارة ملكية رأس المال من العائلات الكبرى إلى المديرون المحترفين وخصوصا «جيمس برتهام» فى كتابه الشهير «ثورة المديرين» أن انضم هؤلاء المديرين بمرتباتهم الخيالية إلى طبقة الملاك التى بالرغم من لاحظوا انضمام قلتها مقارنة بباقى الطبقات فى المجتمع ثبت أنها تحصل من عوائد رأس المال على معدل أكبر من معدل الدخل القومى، كما أثبت ذلك «توماس يكتى» فى كتابه الشهير «رأس المال» الذى تنبأ فيه بأن الديمقراطية الأمريكية ستتحول قريبا إلى «الأوليجاركية» أو «حكم القلة»، حيث سيحدث تزاوج مطلق بين السلطة والمال، هل تكون الدولة التنموية هى المخرج من الأزمة الرأسمالية العالمية؟
لمزيد من مقالات السيد يسين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.