■ كتبت: هاجر علاء عبدالوهاب معرض «تارو» المقام حاليا في «كايرو جاليري» ذو طابع خاص، فكلمة تارو مفرد تاروت وهى عبارة عن ورق لعب مثل ورق الكوتشينة، وكان أول ظهور لها في القرن 14 في إيطاليا وكانت تستخدم لمعرفة الطالع وكل كارت فيها يعبر عن حالة وفكرة مختلفة عن باقى الكروت. يشارك في المعرض الذى يستمر حتى 22 مايو الجاري، أكثر من فنان ولكل منهم «كارتان» يقوم بتنفيذهما ليصبحا بمثابة تجربة شخصية مميزة، وكانت تجربة الفنانة التشكيلية هند الفلافلى ومشاركتها بكارتين هما «الراهب- البرج» فيعتبر هذا المعرض من أبرز المحطات الفنية لها. حاولت الفنانة في المعرض من خلال لوحة «الراهب» أن تعبر عن حالة الشخص في التواصل الداخلي مع النفس من أجل التخطيط للمهام التى تحتاج إلى الحكمة، فاختارت الفلافلى ألوان إكريليك مع الأقلام الرصاص والخشب الملون واستخدمت ألوانا خافتة تميل إلى البني، والرمادي، وظلال الأزرق، مما يعكس حالة من السكون والتعبد؛ فقدمت الراهب كشخصية رئيسية في لوحتها فهو يعد رمزا لعلاقة الفرد بالروح وعلاقتها بالعالم، واستخدام الألوان هنا ليست مجرد خلفية، بل تنطق بحالة روحية يتقاطع فيها الصمت الداخلى مع جدران العزلة، فتوزيع الألوان يخلق فضاء يشبه الكهف أو الزنزانة المقدسة. ■ الفنانة هند الفلافلي أما في لوحة «البرج» فعبرت الفلافلي عن المشاكل العارضة التي تحدث للإنسان، لكن هناك أمل والتغير قادم لا محالة فاختارت الألوان الزاهية والمتداخلة خصوصا الأصفر، والأحمر، والنيلى، لتخلق إحساسا بالحركة فنجد البرج لا يبدو صلبا بقدر ما يبدو حيا ونابضا. اللوحة تعكس مراحل الوعي البشري، والألوان تأتي كطبقات من التجربة والمعرفة، تنمو من القاعدة حتى القمة بشكل تصاعدى تعبيرا عن التغير. ◄ اقرأ أيضًا | الصوابية الفنية ومفارقات الحداثة.. «الإقصاء» لاعتبارات جمالية! وشاركت الفلافلي من قبل في معرض أطياف متفردة بلوحتين «آدم وحواء» الذي يعد المعرض تجربة مميزة ومتفردة من نوعها تعبر عن الرباط الغليظ الذى يجمع بين آدم وحواء كرمز للرجل والمرأة والصراع بينهما؛ فتجسد لوحاتها مشاهد تعبر عن التوترات واللحظات الحاسمة في العلاقات، مما يتيح للمتلقى فرصة للتأمل فى طبيعة هذه العلاقات وأثرها على الأفراد والمجتمع. وحرصت الفنانة فى هذا العمل على تأكيد فكرة أن الرباط الغليظ الذى يجمع بين آدم وحواء هو رباط ربانى ومهما حاول الآخرون العمل على فك هذا الرباط لن يستطيعوا إلا بأمر من الله سبحانه وتعالى. تظهر الألوان فى هذا العمل بأقصى طاقتها الرمزية حيث تمزج الفلافلي بين ألوان الأرض والدم والضوء الأحمر، البيج، الأزرق، لتعبر عن التكوين الأولى للإنسان، وعن الجدلية بين الذكر والأنثى، فالألوان هنا تحمل بعدا أسطوريا وتاريخيا من قديم الأزل ولكن بريشة معاصرة. فى هذه اللوحات الثلاث، يتجاوز اللون لدى الفلافلى حدود الوظيفة الجمالية، ليصبح وسيلة للتفكير فهو مكمل للشكل، وحامل للمعنى، يظهرالتوترات النفسية والوجودية التى تسكن الإنسان سواء فى تأمل الراهب، أو صعود البرج، أو ازدواجية آدم وحواء، فنجد أن الفنانة توظّف اللون كتجربة داخلية، وكأنها كائن حى ينبض بالحس والفكرة معا.